المسرح.. المجهول في أدب محفوظ

epa03026865 (FILE) An undated file picture shows Egyptian writer Naguib Mahfouz (1911-2006) in Cairo, Egypt. The 100th birth anniversary of Mahfouz who won the Nobel Prize for Literature in 1988 will be marked on 11 December 2011. EPA/STR
undefined
 
لا يعرف كثيرون أن للأديب العالمي الراحل نجيب محفوظ إسهامات في مجال المسرح تتمثل في سبعة نصوص مسرحية قصيرة كتبها من فصل واحد، وجمع عددا منها في مجموعته القصصيه "تحت المظلة". ويؤكد صاحب نوبل أن المسرح أسهم في تشكيله وجدانيا، وكان مصدرا مهما من مصادر الثقافة والمعرفة مع الرواية والشعر.
 
والنصوص المسرحية السبعة التي كتبها محفوظ هى "الشيطان يعظ"، "الجبل"، "يحيي ويميت"، "تركة"، "النجاة"، "مشروع للمناقشة"، "االمهمة". وفي حوار له نشرته مجلة المسرح بعدد نوفمبر/تشرين الثاني 1979، قال محفوظ "علاقتي بالمسرح كمشاهد علاقة قديمة جدا، ففي سن الطفولة حضرت بصحبة أبي بعض تمثيليات الريحاني والكسار، وبدءا من سنة 1925 عرفت الطريق إلى روض الفرج، وكان حافلا بمقلدي الريحاني والكسار وشاهدت كثيرا من المسرحيات التي كانوا  يقدمونها في أزمنة سابقة أثناء الحرب العظمي في 1914 وبعد ذلك عرفنا طريقنا إلى المسرح المصري في الثلاثينيات".
 
أحمد إسماعيل:
الطبيعة الفنية الدرامية لنصوص محفوظ المسرحية، ليس لها شبيه في المسرح المصري والعربي، اللهم إلا بعض سمات من مسرح ميخائيل روماني في مصر والكاتب المسرحي الجزائري كاتب ياسين

تجربة متفردة
وأضاف "لما بدأت تثقيفي الأدبي كان المسرح بطبيعة الحال في طليعة قراءاتي الدراسية، فقرأت ما استطعت من قديمه ممثلا في الإغريق وجوته وشكسبير وكورني وراسين ثم المعاصرين في ذلك الوقت أمثال إبسن وشو وتشيخوف وغيرهم". وأكد أنه أطلع علي مختلف تيارات المسرح: الذي لا تقل متابعته عن الرواية أو القصة القصيرة أو الشعر.

ويرى المخرج أحمد إسماعيل أن الطبيعة الفنية الدرامية لنصوص محفوظ المسرحية، ليس لها شبيه في المسرح المصري والعربي، اللهم إلا بعض سمات من مسرح ميخائيل روماني في مصر والكاتب المسرحي الجزائري كاتب ياسين.

وقال إن نصوص محفوظ لها طابع تعبيري وتجريدي، ولها خصوصية متفردة، على الرغم من أننا نجد فيها أصداء من الاتجاهات العالمية الغربية في المسرح مثل الملحمية والتعبيرية الألمانية في مسرح اللامعقول، مما يوحي بأن الأديب العالمي كان واسع الاطلاع على تجارب المسرح العالمي.

وأضاف "لكن رؤية محفوظ  الفلسفية وحسه الشرقي وهمومه بقضايا وطنه وإبداعه الخاص أعطى لهذه النصوص تفردا يتسم به كاتبه، حيث تتجاور وتنصهر الفلسفة والحكمة والتشويق مع البناء المحكم الذي تتسق فيه هذه العناصر".

ويشير إسماعيل إلى أن السمة الأساسية لموضوعات نصوص محفوظ المسرحية هى الموضوعات الافتراضية، أي الخيالية، ولكن الصياغة الفنية لها توحي بقوة واقعيتها، والاختيار الفنتازي الخيالي لهذه الموضوعات كان بغرض إعطاء الحرية للكاتب على مستوى الرحابة الفكرية وعدم الترجمة الحرفية والمشابهة الميكانيكية، أو الإسقاط المباشر على أحداث واقعية.

وهذا الاختيار الافتراضي أعطى لموضوعات محفوظ وحدة فنية مستقلة، أي عمل فني قائم بذاته ومواز للحياة -وفقا لإسماعيل-. كما أن تشعب المعاني والدلالات المتعددة والأقرب إلى طبيعة الشعر في نصوص محفوظ المسرحية يجعلنا لا ننظر إلى هذه الأعمال نظرة ضيفة فكريا أو وجدانيا.

وكان المخرج أحمد عبد الحليم قام في الستينيات بإخراج أحد نصوص محفوظ المسرحية، ومنذ عامين قدمت المخرجة منى أبو سديرة قراءة مسرحية تمثيلية لنص "التركة" في إطار احتفالية اتحاد كتاب مصر بمسرح نجيب محفوظ منتصف يناير/كانون الثاني 2010، لكن  بقية أعمال الكاتب العالمي المسرحية لم تنل الاهتمام اللازم وبقيت أغلبها مجهولة.

بعد حصول محفوظ على جائزة نوبل التفتت إلى أعماله السينما العالمية، فتم تقديم الفيلم المكسيكي "حارة المعجزات" المأخوذ عن "زقاق المدق"

ابن السينما
ومقابل ذلك الجانب المسرحي المجهول من أدب محفوظ، الذي رحل عن الدنيا في 30 أغسطس/آب 2006، كانت السينما مجالا واسعا لأعماله الإبداعية، فقد احتضنه الفن السابع لأبعد الحدود، فكتب سيناريوهات 26 فيلما، وأخذت عن رواياته أكثر من عشرين فيلما آخر.

وبدأ مشوار نجيب محفوظ السينمائي مع مخرج الواقعية صلاح أبو سيف، بفيلم "المنتقم" الذي تشارك الاثنان في كتابته وعرض عام 1947، ثم توالت أعمال هذا الثنائي بفيلم "لك يوم يا ظالم"، و"ريا وسكينة" في الخمسينيات، مما لفت الأنظار لمحفوظ ككاتب سيناريو محترف.

وتعامل محفوظ مع أكثر من مخرج سينمائي منهم عاطف سالم في "جعلوني مجرما"، وتوفيق صالح في "درب المهابيل"، و نيازي مصطفى في "فتوات الحسينية"، ويوسف شاهين في "جميلة بو حريد"، وحسن الإمام في أكثر أعماله السينمائية،

 لكن التعاون مع أبو سيف كان له طعم آخر في "شباب امرأة" عام 1956 ويعد من كلاسيكيات السينما المصرية والعالمية، كما فجر هذا الثنائي قنبلة عام 1960 بفيلم "بداية ونهاية"، وبعدها "القاهرة 30". وبعد حصول محفوظ على جائزة نوبل سنة 1988 التفتت إلى أعماله السينما العالمية، فتم تقديم الفيلم المكسيكي "حارة المعجزات" المأخوذ عن رواية "زقاق المدق".

المصدر : وكالة الشرق الأوسط