الكوميديا لمحاربة "الإسلاموفوبيا" بأميركا
مقاربة كوميدية
وفي المشهد الكوميدي الأميركي برز مسلمون وشرق أوسطيين، بينهم بريتشر موس ودين عبيدالله ونيجين فارساد وهارون قادر، وزاهر عثمان وماز جبراني وميسون زياد وعامر زهر وأحمد أحمد وبابا علي وغيرهم.
ومستفيدا من تاريخ الأفارقة الأميركيين في هذا النوع من الفنون، اتجه الكوميدي بريتشر موس منذ العام 1992 إلى مقاربة المواضيع الإسلامية في أعماله الكوميدية، مواجها تحديا من نوع خاص، عبر عنه في حديث للجزيرة نت بالقول"كان السؤال.. هل يمكن لكوميديان مسلم أن يكون مضحكا، وهل بالفعل باستطاعته استقطاب الجمهور"؟
وهذا التصور المسبق عن المسلمين بوصفهم أناسا متجهمين وغاضبين ويجافون الضحك، دفع موس منذ سنوات إلى إنتاج فيلم بعنوان: "الله جعلني (شخصا) مضحكا"، يجمع ثلاثة عروض كوميدية من نوع "ستاند أب كوميدي شو"، يؤديها إلى جانبه كل من الكوميدي ذي الأصول الهندية زاهر عثمان والكوميدي العربي محمد عامر.
ويروي موس في ذلك الفيلم بطريقة مضحكة كيف ذهب للتعاقد مع أحد المسارح من أجل تقديم عمل فكاهي، فسأله المدير: أي من نوع من الكوميديا تؤدي؟ فرد عليه "مسلم كوميدي"، فتفاجأ المدير وخاطبه بقوله "خليك بحالك!".
بينما يعكس عثمان، في الفيلم ذاته، بشكل ساخر صورة المسلمين المكرسة في الإعلام الأميركي، إذ يعتلي المنصة بلحية وشعر طويلين ويخاطب الجمهور قائلا: "أنا واثق أنكم لم تروا شخصا على هيئتي يبتسم من قبل، لذلك اقتنصوا هذه الفرصة والتقطوا صورة لي!".
يدرك موس خطورة العمل الكوميدي، ويستبعد أن يكون باستطاعة النكتة وحدها أن تهزم الإسلاموفوبيا، ويقول "إن بعض العروض الكوميدية تحاول أن تجعل الناس أكثر تسامحا، أما بالنسبة لي فالإسلاموفوبيا كإيديولوجيا يجب أن تحارب وتهزم، وأعمالي هي نوع من التثقيف الذي يتطلع إلى هزيمتها".
تصحيح المفاهيم
ويؤكد موس أن الكوميديا هي مثل باقي الظواهر والمفاهيم الأخرى، كالعنصرية والإسلاموفوبيا وغيرها، تعكس طبيعة الحياة والثقافة العامة في المجتمع، و بإمكانها أن تحدث تغييرات حتى داخل المجتمعات الإسلامية نفسها التي تضم أشخاصا لا يقبلون أية ثقافة تتمايز عن ثقافتهم.
ويضيف في هذا الخصوص أنه بصدد الإعداد لعمل كوميدي بعنوان "إلى هنا.. وصل المسلمون" الذي سيفتح اتجاها جديدا في الكوميديا السائدة، بحسب رأيه، ويشير إلى أنه ليس لدى المسلمين الأميركيين أي خيار آخر في مواجهة الإسلاموفوبيا، إلا عبر التعبير عن أنفسهم من خلال مشاريع تسرد قصصهم بدل ترك الآخرين يقومون بهذه المهمة.
من ناحيته، يشدد الكوميدي دين عبيد الله أن عروضه الكوميدية لا تهدف فقط إلى إضحاك الناس، وإنما ترمي إلى تصحيح سوء الفهم الذي يحيط بالعرب والمسلمين في أميركا. ويؤكد أن "للأقليات في أميركا تاريخا في توظيف الكوميديا والفنون الترفيهية لتحطيم الصور النمطية حولهم وأنا أسير في هذا المجال، على هدى بعض الأمثلة التي أحدثت فرقا في الثقافة العامة لناحية قبول الآخر المختلف وفهمه".
ويضيف عبيد الله -ذو الأصول الفلسطينية والإيطالية-، في حديث للجزيرة نت أن الأغلبية الساحقة من الأميركيين تتمتع بعقلية منفتحة، ولكن هناك الكثير من الأميركيين الذين لم يعرفوا في حياتهم جارا أو صديقا مسلما لأن عدد المسلمين في أميركا لا يزال صغيرا، ولهذا السبب فإن التفاعل والتواصل مع الإعلام سيسمح لنا بالوصول إلى أوسع الشرائح ومن جميع العقائد.
وبالاشتراك مع المخرجة والكوميدية نيجين فارساد، قام عبيد الله بإخراج فيلم تسجيلي بعنوان "المسلمون قادمون"، يصور ويوثق لعروض كوميدية يؤديها مسلمون في جنوب وغرب الولايات المتحدة.
ماز جبراني: أنا أؤمن تماما أن الكوميديا يمكن أن تساهم في تحطيم التصورات النمطية السلبية حول المسلمين والشرق الأوسطيين |
محاولات ناحجة
ويقول عبيد الله "قدمنا عروضا كوميدية مجانا بهدف الوصول إلى أكبر جمهور خارج المجتمعات المسلمة، تتضمن أفكارا وإجابات تجيب على هواجس الناس وتساؤلاتهم بشأن الإسلام والمسلمين، ومن حسن حظنا، فقد شارك معنا عدد من المشاهير والنجوم الكوميديين الذين يحاربون الإسلاموفوبيا" بينهم جون ستيورات صاحب البرنامج التلفزيوني الكوميدي "العرض اليومي لجون ستيورات" على قناة "سي أن أن".
ويسوق الفنان الكوميدي ذو الأصول الإيرانية ماز جبراني أمثلة من تجربته الشخصية عن الفرق الإيجابي الذي يمكن أن تحدثه الكوميديا، بقوله "بعد جولات لبرنامجنا "محور الشر" (بالاشتراك مع كوميديين عرب) وصلتنا رسائل بريدية كثيرة جدا من أشخاص أخبرونا أنهم قبل مشاهدة العرض كانوا يعتقدون أن جميع العرب والشرق أوسطيين هم بشر سيئون".
ويضيف جبراني "أنا أؤمن تماما أن الكوميديا يمكن أن تساهم في تحطيم التصورات النمطية السلبية عن المسلمين والشرق الأوسطيين. ولكن كلما أظهرنا الجانب الحسن لهؤلاء الناس بوصفهم جزءا من العالم، كلما اندحرت تلك التصورات النمطية".