صور من الربيع العربي في مرسيليا
تجليات الثورة
الصور التي التقطها مصورون محترفون وهواة في أشهر الشوارع والأزقة والساحات، لم تكن عادية بكل المعايير وجسدت مختلف تعابير وتجليات ومظاهر الثورات العربية بعدسات رجال ونساء كانوا على موعد مع اللحظة الثورية.
ومن هذا المنطلق، يمكن للزوار -وخاصة الفرنسيين والسياح الأجانب الذين يرتادون المدينة الفرنسية الجنوبية الشهيرة- الوقوف على قدرة شعوب انتفضت على الظلم، مستلهمة بيت الشاعر التونسي الراحل أبو القاسم الشابي "إذا الشعب يوما أراد الحياة.. فلا بد أن يستجيب القدر، ولا بد لليل أن ينجلي.. ولا بد للقيد أن ينكسر".
هذا البيت الخالد لشاعر موطن الثورة العربية الأولى تجسد في كل صور المعرض، ومنها على وجه الخصوص صورة الشابة التونسية الصارخة من أعماقها بكل ما أوتيت من قوة ومرتدية قميصا يحمل شعار "تونس ليك" مخاطبة المواطن التونسي. وكانت هذه الصورة قمة في الفنية التعبيرية ولم يكن اختيارها كصورة محورية في صدر الملف الصحفي أمرا عفويا.
المعرض تضمن أيضا صورا تعبر عن مدى صلابة الثوار وتجليات صمودهم، مثل صور الأم الحاملة لصورة ابنها الشهيد محمد البوعزيزي مفجر شرارة الثورة الأم، والنساء المتحجبات والسافرات المتظاهرات مطالبات بالعدالة والديمقراطية، والمتظاهرين المصورين غير العابئين بالقناصة ورجال البوليس المندسين بين المتظاهرين.
ونقلت الصور أيضا الكتابات الجدارية المطالبة بحكم مدني والشاب السوري اللاجئ في تركيا، والطفلة البرئية المصابة بشظايا والشاب الذي يقود مظاهرة سلمية، وأيضا الثوار الذين اضطروا للتسلح لمواجهة الرصاص والقمع.
معرض ربيع مارسيليا العربي كان أيضا تكريما لمصورين وصحفيين ثوار وشهداء دخلوا التاريخ أيضا من خلال رصدهم بصدقية وشفافية وجرأة لصور كانت شاهدة على التاريخ كيف يصنع، وجسدت تحركات عفوية فردية وأخرى منظمة رافقت تطلعات الشعوب العربية في لحظته الثورية الفارقة.