جدل بشأن استمرار حظر نشر "كفاحي"

r_King Victor Emanuel III, (R) Adolf Hitler (C) and Benito Mussolini (L) watch fascist troops march past

وزعت خلال الحقبة النازية ملايين النسخ المجانية من كتاب كفاحي على الألمان غير أن الكثير منها لم يقرأ لأسلوبه السيئ في الكتابة وتمجيده لذاته بأوصاف اعتبروها جنونية (رويترز)

خالد شمت-برلين

تشهد الساحة الإعلامية والفكرية الألمانية جدلا بشأن جدوى استمرار حظر نشر كتاب "كفاحي" للزعيم النازي أدولف هتلر بعد نجاح ولاية بافاريا الجنوبية صاحبة الملكية الفكرية للكتاب، في استصدار حكم قضائي يؤيد حقها بحظر نشر كتيب يتضمن فقرات من "كفاحي" مصحوبة بتعليق نقدي لمؤرخ ألماني.

واعتبرت محكمة ميونيخ الإدارية أن "كفاحي" يعد كتابا عنصريا يتضمن تصورات معادية للدستور الألماني ومحتقرة للبشر، وقضت بالسماح للناشر البريطاني بيتر ماكجي بنشر كتيبه بشرط طمس فقراته المأخوذة من كتاب هتلر وجعلها غير مقروءة وإخفاء ملامح الدكتاتور النازي.

ونشر الجزء الأول من كتيب ماكجي بالكيفية التي قررتها المحكمة وصدر بعنوان (الكتاب غير القابل للقراءة) ضمن سلسلة دورية صحفية تحمل أسم (شهادة الصحافة). وتتعرض بالنقد لمراحل من تاريخ ألمانيا الحديث خاصة الحقبة النازية.

وبرر الناشر الألماني في مقابلة مع أسبوعية دير شبيغيل سعيه لنشر الكتيب بالحاجة لنزع غطاء الغموض المحيط بكتاب "كفاحي"، وتوعية الأجيال الألمانية الجديدة من خطورة التوجهات النازية والجماعات اليمينية المتطرفة.

غير أن منتقدي ماكجي اتهموه بالسعي للتربح وجمع المال من نشر الكتيب ودللوا على هذا بكسبه أموالا طائلة من نشر نسخة تعود لعام 1933 من صحيفة "المراقب الشعبي" التي كانت الصحيفة الرسمية للنظام الهتلري.

وزيرة الأسرة الألمانية كريستينا شرودر دعت من يرغبون بفهم دوافع إجرام الدكتاتورية النازية، إلى زيارة الأنصاب التذكارية لضحاياها"

ملكية فكرية
وجددت وزارة المالية البافارية بعد حكم المحكمة لصالحها عزمها على الاستمرار بحظر" كفاحي" حتى نهاية عام 2015، وتعد الوزارة صاحبة الملكية الفكرية لكتاب الزعيم النازي بعد تسليم الحلفاء هذه الملكية لولاية بافاريا نهاية الحرب العالمية الثانية باعتبارها آخر مكان للسكن الرسمي لهتلر قبل هزيمته وانتحاره.

وجدد نشر كتيب "الكتاب غير القابل للقراءة" الجدل بشأن نشر كفاحي أو فقرات منه في ألمانيا مع اقتراب تحول الكتاب إلى مشاع عام بعد ثلاث سنوات نتيجة مرور سبعين عاما على وفاة مؤلفه مثلما يقضي القانون الألماني للملكية الفكرية.

وزيرة الأسرة الألمانية كريستينا شرودر أيدت خلال مقابلة مع قناة (أي. آر. دي) حظر نشر كتيب الناشر البريطاني ودعت من يرغبون بفهم دوافع إجرام الدكتاتورية النازية إلى زيارة الأنصاب التذكارية لضحاياها".

دوافع تجارية
وعبرت الرئيسة السابقة للمجلس المركزي لليهود شارلوتا كنبلوخ عن استيائها من نشر الكتيب واتهمت الناشر البريطاني بالرغبة في النشر لدوافع تجارية.

ومن جانبها ترى مديرة معهد المسؤولية الإعلامية د. زابينا شيفر أن هناك مسؤولية كبيرة تقع على المؤرخين الألمانيين لتوعية الشبيبة بجرائم النازية مع تصاعد خطر اليمينيين المتطرفين بعد الكشف عن خلية تسيفكاو المتهمة بقتل ثمانية أتراك ويوناني وإصابة عشرات الأتراك.

عقب نهاية الحرب العالمية الثانية وهزيمة النظام النازي تخلص معظم الألمانيين من نسخهم من كفاحي الذي حظر من النشر في البلاد وصنف كدعاية مناهضة للدستور

وقالت في تصريح للجزيرة نت إن كفاحي متاح على الإنترنت وبلغات عديدة بالخارج مما يجعل من إصدار نسخة نقدية تفكك الأفكار الخطيرة لهذا الكتاب عاملا مساعدا بمواجهة واعية للأفكار اليمينية المتطرفة إذا عادت للمجتمع.

وتزامن الجدل المصاحب لنشر كتيب الناشر البريطاني بفقراته المطموسة من "كفاحي" وصورة هتلر غير واضحة المعالم مع إعلان معهد الدراسات التاريخية بميونيخ عمله في مشروع لنسخة نقدية من كتاب الزعيم النازي ستصدر بألمانيا للمرة الأولى منذ نهاية الحرب العالمية الثانية بعد تحول الكتاب إلى مشاع مطلع عام 2016.

كتاب هتلر
وكان هتلر قد كتب مؤلفه الشهير خلال وجوده بسجن ليندسبيرغ الذي دخله عام 1923 بسبب اتهامه بالمشاركة في انقلاب دموي فاشل نفذه النازيون للإطاحة بجمهورية فايمار الحاكمة لألمانيا حينذاك.

وأصدر الزعيم النازي كتابه بشكل شبيه بالإنجيل ووصفه بكتاب الكتب مقلدا أمير الشعراء الألمان يوهان فولفغانغ غوته الذي أطلق الوصف ذاته على القرآن الكريم. ومزج "كفاحي" الذي يصفه المؤرخون بالهذيان بين السيرة الذاتية والأيديولوجية والاقتباس من كتب أخرى.

ووزعت خلال الحقبة النازية ملايين النسخ المجانية من كتاب كفاحي على الألمانيين غير أن الكثير منها لم يقرأ وفق المؤرخين الذين أرجعوا السبب في هذا لأسلوب هتلر السيئ في الكتابة وتمجيده لذاته بأوصاف اعتبروها جنونية.

وعقب نهاية الحرب العالمية الثانية وهزيمة النظام النازي تخلص معظم الألمانيين من نسخهم من كفاحي الذي حظر من النشر في البلاد وصنف كدعاية مناهضة للدستور.

المصدر : الجزيرة