محمد شعبان.. قصة إبداع فلسطيني

الفنان الشاب محمد شعبان يستعرض أعماله التي فاقت 400 لوحة (الجزيرة)
الفنان الشاب محمد شعبان يستعرض أعماله التي فاقت 400 لوحة (الجزيرة)

عاطف دغلس-نابلس

يبدع الفنان الفلسطيني الشاب محمد شعبان -الذي يعيش في قرية الجلمة شمال الضفة الغربية- برسم لوحاته وجدارياته المتنوعة، ليختزل حلما لطالما رافقه منذ صغره وقهر من خلاله إعاقته السمعية والنطقية التي ولدت معه.

ورغم أن الحلم يلازم الفنان محمد ( 26 عاما) منذ صغره، فإن الأمل في تحقيقه لم يبرز إلا في العام 2005 بعد أن أتيحت له فرصة المشاركة في معرض فلسطيني للفن التشكيلي نظمته وزارة الثقافة وحصلت خلاله لوحته (الحصاد) على المرتبة الثانية.

ويقول شقيقه محمود إن موهبة محمد بالرسم والإبداع في تشكيل اللوحات برزت منذ الطفولة عندما كان يخط بريشته جدران مدرسته والجدران الأخرى في القرية، ويزينها بصور جميلة.

ثم ما لبث أن سخّر محمد -الذي لم يكمل تعليمه نظرا لغياب المدارس المختصة- ريشته بعد حصوله على عمل مؤقت في بلدية جنين لتجميل جدران مدارسها عبر لوحات متنوعة حملت في طابعها التعليم والتهذيب للطلبة، إضافة للدور الرئيسي في إضفاء صور جميلة وحضارية عليها.

رغم الإعاقة التي يعاني منها محمد، فإن رسوماته تميزت في معظمها بمسحة من الفرح والتفاؤل عبر استخدام ألوان زاهية عكست الرسالة التي يريدها أن تصل للكثير ممن اعتقدوا أن الإعاقة تحبط صاحبها وتعزله عن الآخرين

تفاؤل
ورغم الإعاقة التي يعاني منها محمد، فإن رسوماته تميزت في معظمها بمسحة من الفرح والتفاؤل عبر استخدام ألوان زاهية عكست الرسالة التي يريدها أن تصل للكثير ممن اعتقدوا أن الإعاقة تحبط صاحبها وتعزله عن الآخرين.

ويستخدم محمد ألوانا عدة منها الزيتية والتي ميّزت أعماله عن غيرها، ويتناول مواضيع مختلفة من ذلك رسمه لوحات من التراث الفلسطيني من قبيل البيوت القديمة والزراعات الفلسطينية كشجر الزيتون والعنب، والحياة القديمة إضافة للمناظر الطبيعية.

كما لم يغب عن باله حكايات شعبه ومعاناته تحت الاحتلال الإسرائيلي، إضافة لاستعراضه قصص وحكايات للأطفال في رسومات عدة.

وتميّز محمد -الذي زادت لوحاته عن 400- بإبداعه في رسم الوجوه والشخصيات، وتناوله مواضيع تهم المجتمع الفلسطيني كالبيئة والصحة والنظافة.

وتبقى "الفرصة" كلمة تؤرق محمد باستمرار، فهو يفتقدها -حسب ما يقول شقيقه محمود- الذي أكد أن روح محمد فنية ومعنوياته عالية جدا ولكن لم تتح له بعد أي مشاركات واسعة خارج الوطن.

رسم لصورة الراحل ياسرعرفات من أعمال الفنان محمد شعبان (الجزيرة)
رسم لصورة الراحل ياسرعرفات من أعمال الفنان محمد شعبان (الجزيرة)

غياب الاهتمام
ويضيف أن أي جهة سواء من زملاء محمد من الفنانين أو حتى الجهات التي ترعى ذوي الاحتياجات الخاصة لم تول اهتماما واضحا يمكنه من تجاوز كل العقبات، خاصة وأنه الابن الأكبر لأشقائه العشرة وهو مسؤول عن رعايتهم.

من جهته رأى الفنان التشكيلي يوسف كتّلو أن الاهتمام الرسمي بالفنان وخاصة التشكيلي مُغيّب، خاصة بعد حل رابطتهم قبل عشر سنوات.

وتحدث كتلّو للجزيرة نت عن وجود الكثير من الموهوبين من ذوي الاحتياجات الخاصة، مؤكدا أن المسؤولية في تكفلهم ورعايتهم تقع على عاتق مؤسسات عدة كوزارة الشؤون الاجتماعية ووزارة الثقافة.

أما مستشار الاتحاد العام للمعاقين الفلسطينيين، نزار بصلات فحمل الجهات الرسمية في السلطة الفلسطينية المسؤولية الكاملة عن رعاية هذه الفئة.

وقال إن المعاق لم يحصل حتى الآن على حقه في الوظيفة العمومية، مشيرا إلى انعدام الاهتمام بتنمية المواهب المعاقة وتطوير قدراتها.

وأكد للجزيرة نت أن خطة الحكومة الفلسطينية في مجال تنمية الأشخاص تفتقر إلى الاعتمادات الكافية لدعم وتنفيذ أنشطتها.

ورجح بصلات أن يكون الأشخاص من ذوي الإعاقة في أسفل أولويات الحكومة الفلسطينية تبعا لما هو متوفر، محمّلا وزارة الثقافة مسؤولية توفير برامج لرعاية الموهوبين لمنحهم الحق في التميز والإبداع.

المصدر : الجزيرة