"موسيقى الألوان".. تنوع الفرح

ملصق مهرجان موسيقى الألوان

ملصق مهرجان موسيقى الألوان بمنطقة ميترو ديترويت (الجزيرة نت)

طارق عبد الواحد-ديترويت

لم يعد وصف الولايات المتحدة بـ"البوتقة الصاهرة" رائجا في الخطاب الأميركي إذ أصبح تعبير "أمة الأمم" أكثر شيوعا وتداولا لدى المثقفين والسياسيين في تأكيد على "التعددية الثقافية" التي غدت مفهوما صميميا من مفاهيم الهوية الأميركية، وتسعى الجماعات الإثنية للتعبير عن خصوصياتها وهوياتها، كما يحصل في مهرجان موسيقى الألوان بمنطقة ميترو ديترويت بولاية ميشيغن.

وصار غير مجدٍ ذلك الخطاب الذي يتحدث عن المهاجرين الذين يشكلون أميركا في الوقت الذي تعيد هي تشكيلهم، فمراقبة الواقع الأميركي تقود إلى ملاحظة الميول لدى المهاجرين في تكوين مجتمعات ثقافية أو عرقية خاصة بهم للتحصن ضد الانصهار في تلك البوتقة.

التعبير عن الهوية

شعار مهرجان موسيقى الألوان (الجزيرة نت)
شعار مهرجان موسيقى الألوان (الجزيرة نت)

والإثنية الثقافية في الولايات المتحدة ليست نوعا من الانتماء المزدوج، وليست ترددا أو مراوغة في الهوية، وإنما هي نوع من تأكيد الذات وأصالتها، وشكل من أشكال مقاومة نظام اقتصادي طاحن يحوّل الإنسان إلى مجرد فرد، يكاد يحل "رقمه الاجتماعي" (سوشال سيكيورتي نامبر) مكان اسمه.

في منطقة ميترو ديترويت بولاية ميشيغن يكبر عدد الجماعات الإثنية، الثقافية والدينية والعرقية، التي تتصل جذورها بمعظم دول العالم وشعوبه، بحيث يبدو التركيب الفسيفسائي علامة فارقة لهذه المنطقة، يصبح مهرجان "موسيقى الألوان" أكثر من حدث فني سنوي، فلا تغدو أهميته بسبب استقطابه عشرات ألوف الناس، بل في كونه منصة وفرصة لتعبير تلك الجماعات عن هوياتها وتراثها الشعبي.

وخلال ثلاثة أيام بين 14 و17 يوليو/تموز الجاري شهد المهرجان أكثر من أربعين عرضا فنيا موسيقيا وراقصا، وضمت قائمة الفعاليات تقديم لوحات موسيقية شعبية أفريقية وكاريبية وبورتريكية وجامايكية وعربية ويابانية وإغريقية وهندية وبولونية وأيرلندية وغيرها.

كما كان لموسيقى الروك والسول والجاز والهيب هوب والموتون نصيب كبير وحضور خاص كونها تحظى بشعبية خاصة لدى الأميركيين الأفارقة الذين يشكلون أكثرية في مدينة ديترويت.

وتعددت جنسيات وأصول الفنانين المشاركين في المهرجان كما تنوعت الفرق الموسيقية بين محلية وأميركية وزائرة من خارج الولايات المتحدة، وأضافت مشاركة الفنانيْن الأميركيين العالمييْن دون واز وبيتي لافيت لمسة خاصة كونهما من أبناء مدينة ديترويت.

فعاليات موازية

المهرجان الذي يعتبر من أهم الفعاليات الثقافية والفنية بمدينة ديترويت، أطلقته مؤسستان اجتماعيتان هما نيو ديترويت والمركز العربي للخدمات الاجتماعية "أكسس" في العام 1993

ورافقت المهرجان الموسيقي فعاليات موازية تضمنت قراءة الشعر وسرد الأقاصيص والترنيم الديني ورشات موسيقية للأطفال وللكبار ومعارض لبيع الآلات الموسيقية الجديدة والمستعملة بكل أصنافها وأشكالها، إضافة إلى ندوة ثقافية عن التمايزات الثقافية والعرقية وضرورة تثمير التواصل بين كل تلك الأطياف المتعددة بشكل يعود بالفائدة المجتمعية العامة.

والطريف أن هذا المهرجان الذي يعتبر من أهم الفعاليات الثقافية والفنية بمدينة ديترويت، قد أطلقته مؤسستان اجتماعيتان هما نيو ديترويت والمركز العربي للخدمات الاجتماعية "أكسس" في العام 1993.

وبدأ كمهرجان ليوم واحد فقط وظل حتى العام 1999 يستقطب الآلاف، وارتفع عدد زواره إلى عشرات الآلاف منذ العام 2001 حتى تم الاحتفال بمناسبة مرور 300 عام على تأسيس مدينة ديترويت.

وانضمت منذ العام 2005 إلى رعاية المهرجان مؤسسات ثقافية وفنية مثل المركز الموسيقي في ديترويت وأوركسترا ديترويت والمعهد الفني بديترويت والمتحف الأفريقي الأميركي والمتحف العربي الأميركي بديربورن.

المصدر : الجزيرة