"كما قال الشاعر" فيلم عن درويش

أمسية محمود درويش في حيفا
الفيلم تطرق لمحطات من حياة الشاعر الراحل محمود درويش في حله وترحاله (الجزيرة)

 توفيق عابد-عمان

 
أمام جمهور غفير بالعاصمة الأردنية عرض المخرج الفلسطيني نصري حجاج فيلمه "كما قال الشاعر" الذي يتناول مشوار الراحل محمود درويش الإنساني والشعري مستعينا بكثير من الموسيقى للمغنية الفلسطينية أمل مرقص واللبنانية هبة قواس.
 
وعلى مدى 65 دقيقة انتقى المخرج الفلسطيني محطات بذاتها من حياة الشاعر درويش في عمان وبيروت وباريس ودمشق وإسبانيا، ولم ينس حتى غرفته الخاصة في فندق ماديسون بالعاصمة الفرنسية وسريره الذي مات عليه في مايو كلينك بالولايات المتحدة دون أن يتطرق للمراحل الوطنية التي مر بها في حله وترحاله.
 
رؤية كاتب

"
تجول المخرج  بكاميراه في مسقط رأس الشاعر "البروة" قرب حيفا ومدن ومسارح شهدت إبداعاته وأحلام شعبه
"

ويمثل الفيلم التسجيلي الذي نظم عرضه مسرح البلد بعمان رؤية حجاج كاتبا ومخرجا لقصائد درويش دون الاستعانة بالأرشيف, وهذه نقطة إيجابية تحسب له. فقد تجول بكاميراه في مسقط رأس الشاعر "البروة" قرب حيفا ومدن ومسارح شهدت إبداعاته وأحلام شعبه.

 
وتضمن الفيلم شعراء وكتابا عالميين ينشدون أشعاره أمثال أحمد دحبور وداليا أبو طه والنيجيري وول سوينكا والإسباني خوزيه ساراماغو والفرنسي دومينيك دي فيلبان واللبنانية جومانا حداد والكردي شيركو بيكه والإسرائيلي إسحاق شاؤول وحتى معلم الشاعر في طفولته نمر مرقص.
 
لكن المتابع عن قرب لرحلة محمود درويش يكتشف أن العمل السينمائي لم يتطرق لرفيق دربه سميح القاسم وحواراتهما حول شاعرية أحمد شوقي ومناكفاته مع الدكتور عزالدين المناصرة والفنان اللبناني مارسيل خليفة الذي غنى له "أحن إلى خبز أمي".
 
كما أنه تجاوز مساجلاته مع الشاعرة الراحلة فدوى طوقان التي ختمت إحدى قصائدها "لكننا كفرخي حمام"، فرد عليها برباعيته "يوميات جرح فلسطيني" التي تشير للشهيد مازن أبو غزالة بقوله:
 
لم نكن قبل حزيران كأفراخ الحمام
ولذا لم يتفتت حبنا بين السلاسل
نحن يا أختاه من عشرين عاما
نحن لا نكتب أشعارا ولكننا نقاتل.
 
حجاج يدافع

"

نهى سمارة: لم أحس بأن درويش رحل بل كان حاضرا معنا, فقد نجح المخرج من خلال الموسيقى وصوت الشاعر والمواقع التي عاش فيها  باستحضاره وكأنه يجالس الحاضرين
"

وفي حواره مع الجمهور دافع حجاج عن الاستعانة بإسرائيلي باعتباره الغريب المغتصب وربما يعيش في بيت لاجئ فلسطيني, وقال "لقد اخترت شاعرا إسرائيليا يقرأ قصائد درويش بالعبرية لأنه يساري معارض للاحتلال وله أشعاره المعارضة وسجنته المؤسسة العسكرية لرفضه الخدمة في الضفة الغربية وغزة ومقاتلة الفلسطينيين.

 
وأكد حجاج أن استخدام الشعراء لقراءة مقاطع من قصائد درويش هدفه التعبير عن كونيته شاعرا وترسيخها, فهو لم يكن فلسطينيا أو عربيا فقط بل كان إنسانيا وكونيا.
 
ويرى حجاج أن درويش فرض نفسه لدرجة أن إسرائيل قررت تدريس قصائده في المناهج المدرسية، وقال "من المهم اختراق المجتمع الإسرائيلي", ووصف ترجمة أشعاره للغات أخرى بأنها اختراق ثقافي فلسطيني.
 
وقال إنه عند رحيل درويش انتابه حزن وإحساس بالفقدان، واعتبر رحيله ذروة الانهيار (أسطورة إغريقية), "فقد فقدنا قبله رموزا مضيئة في حياتنا الوطنية والثقافية أمثال إدوارد سعيد وإبراهيم أبو لغد وناجي العلي", وبين أن الفيلم يتضمن عناصر الحياة.
 
وأكد حجاج أنه حاول الدخول بالرموز عند درويش وقراءة شعره بالموسيقى.
 
عمل ناجح 
من جانبه يرى الناقد السينمائي ناجح حسن أن الفيلم يرتكز حول الأمكنة التي ألقى فيها درويش أشعاره، وهناك عرض لقصائده من خلال ثقافات متباينة، وهو يختلف عن التيار السائد في الفيلم الوثائقي من حيث توظيف شريط الموسيقى والصوت.
 
وأشار حسن إلى أن الفيلم تعوزه حالة من البناء تتكيف مع موضوعه الذي يتناول حياة شاعر عربي كبير.
 
ويرى الفنان رائد شقاح أنه لا جديد بالفيلم لكنه في الوقت نفسه جميل و"هناك رؤية إخراجية ناجحة", وأكد "لو أعددنا عدة أفلام عن شخصية محمود درويش لن نفي بالغرض".
 
وعقب مشاهدة الفيلم قالت الفنانة نهى سمارة للجزيرة نت إنها لم تحس بأن درويش رحل "بل كان حاضرا معنا"، فقد نجح المخرج من خلال الموسيقى وصوت الشاعر والمواقع التي عاش فيها باستحضاره وكأنه يجالس الحاضرين.
المصدر : الجزيرة