إجلاء المسلمين اليونانيين من جزيرة كريت في كتاب

مدينة خانيا أكبر مدن الجزيرة

مدينة خانيا أكبر مدن جزيرة كريت التي هاجر منها المسلمون لتركيا (الجزيرة نت) 

شادي الأيوبي-أثينا

صدر في أثينا مؤخرا كتاب بعنوان "كريت جزيرتي" للكاتبة التركية صبا ألتينساي التي تعود جذورها إلى جزيرة كريت، حيث هاجر جدها قبل سنوات طويلة إلى تركيا مع آلاف المسلمين اليونانيين والأتراك الذين تركوا الجزيرة بفعل التجاذبات السياسية بين اليونان وتركيا.

وتطرح الكاتبة قصة جدها إبراهيم ياماركاماكيس وجدتها خيرية اللذين اضطرا للرحيل عن موطنهما في جزيرة كريت بسبب موجات التهجير السكاني المتبادل التي حصلت بين اليونان وتركيا، وذلك إثر توقيع الزعيمين اليوناني إليفثيروس فينيزيلزوس والتركي كمال أتاتورك اتفاقية لوزان عام 1923 التي نصت على ترحيل السكان اليونانيين الأرثوذكس من تركيا إلى اليونان، مقابل ترحيل المسلمين الأتراك واليونانيين إلى تركيا.

ويعطي الكتاب فكرة عن الأوضاع التي كانت سائدة عام 1898، حيث كان أهل الجزيرة من مسلمين ومسيحيين يعيشون معا دون أن يعلموا بما ينتظر جزيرتهم، وفي الأثناء تروج أنباء عن انسحاب الجيشين العثماني واليوناني من الجزيرة وانتخاب حاكم لها من قبل القوى العظمى، مضيفا إن مسيحيي الجزيرة كانوا يتناقشون عن انضمامها إلى اليونان فيما كان المسلمون يتساءلون عن تأخر إسطنبول في وضع حد للفوضى السائدة في الجزيرة.

ويوضح الكتاب أن السنوات الخمس والعشرين التي تلت هذه الفترة ستكون في غاية الاضطراب والعنف حيث ستشهد الثورات والحروب البلقانية والتهجير السكاني، وسيعرف سكان الجزيرة المسلمون والمسيحيون معنى الجوع والحرب والتهجير.

وحول الموضوع، قالت الكاتبة في مقابلة مع الجزيرة نت إن الكتاب ليس أول ما كتب عن مسلمي اليونان، فأكثر من كاتب ينتمي إلى الجيل الثالث من الأتراك المرحلين كتب عن الموضوع، حيث كتب أحمد يلماز كتابه "أولاد الحرب"، وكتبت فريدة سيجيكوغلو "الناحية الأخرى من البحر"، كما كتب آخرون كتبا عن نفس المسألة، وكل هذه الكتب تحكي عن موضوع التهجير السكاني المتبادل.

"
مؤلفة الكتاب:
الأقليتان اليونانية الأرثوذكسية في تركيا والتركية المسلمة في اليونان تعانيان بسبب سياسة كل من تركيا واليونان
"

صعوبات
وحول الصعوبات التي واجهتها في الكتاب قالت ألتينساي إن الصعوبة الرئيسة كانت في القيام ببحث محايد، واستغرق الأمر سبع سنوات من الجهد والبحث في مكتبات تركيا وجزيرة كريت مع ندرة الوثائق المتعلقة، وزاد من صعوبة البحث أن معظم الذين عايشوا تلك الأحداث ماتوا قبل البدء بالبحث، وكانت الكثير من الوثائق مكتوبة بالعثمانية القديمة، مضيفة أن في تركيا اليوم الكثير من المعاهد والباحثين الذين يبحثون في هذه المسألة التاريخية بخلاف الفترة التي أجرت فيها أبحاثها الأولى.

وقالت ألتينساي إن كلا الجانبين التركي واليوناني أعجب بالكتاب وقدره، حيث طبع للمرة السادسة في تركيا، وقد وجد صدى كبيرا بين القراء الأتراك واليونانيين وحتى أهل الجزيرة، حيث كان هناك اهتمام من قبل القراء اليونانيين بسماع صوت من "الناحية الأخرى" حول مسألة التهجير السكاني المتبادل وكان بعضهم ينتقل من أنحاء بعيدة في اليونان ليستمعوا إلى وجهة نظري عن الموضوع، ولهذا كان إهداء الكتاب إلى جميع أهل كريت من المسلمين والمسيحيين.

وأعربت ألتينساي عن اعتقادها أن الأقليتين اليونانية الأرثوذكسية في تركيا والتركية المسلمة في اليونان تعانيان بسبب سياسة كل من تركيا واليونان، واصفة سياسة الدولتين تجاه أقليتيهما بغير اللطيفة، كما وصفت تجربة الكتاب بالمؤلمة جدا والتي ربما لا تستطيع تكرارها مرة أخرى.

وكانت مجموعات كبيرة من المسلمين والمسيحيين اضطرت إلى ترك ديارها بعد اتفاقية لوزان المذكورة بين أتاتورك وفينيزيلزوس، حيث رحل المسلمون من الجزر اليونانية ومنطقة بيلوبونيسوس ومناطق أخرى من اليونان، في حين رحل اليونانيون من مناطق إزمير وإسطنبول، ولا يعرف بالضبط عدد المرحلين في تلك الفترة لكنه يقدر بعشرات الآلاف.

المصدر : الجزيرة