صراع ثقافتين بمعرض الكتاب بالجزائر

شعار المعرض الدولي الرابع عشر للكتاب بالجزائر -الكتاب سلطان

منظمو المعرض قالوا إنه شهد إقبالا غير مسبوق (الجزيرة نت)

أميمة أحمد-الجزائر

رافق النسخة الـ14 لمعرض الكتاب الدولي في الجزائر هذه السنة جدل كبير ظاهره تغيير مكان تنظيمه من قصر المعارض شرق الجزائر العاصمة إلى ملعب "5 جويلية" غرب المدينة نفسها، وباطنه صراع بين الثقافة العربية وناشريها والثقافة الفرنسية ومتعهديها.

فالمعرض الذي انعقد في الفترة من 27 أكتوبر/تشرين الأول إلى 6 نوفمبر/تشرين الثاني أسال حبرا كثيرا قبل وأثناء انعقاده، ومن المنتظر أن يستمر هذا الجدل أياما أخرى.


منتقدو المعرض قالوا إنه يدعم الكتاب الفرنسي على حساب العربي (الجزيرة نت)
منتقدو المعرض قالوا إنه يدعم الكتاب الفرنسي على حساب العربي (الجزيرة نت)

دعم للكتاب الفرنسي
وإضافة إلى بعض الانتقادات "التقنية" التي تركز على عدم صلاحية أرضية الملعب لإقامة المعرض، رغم أن المنظمين نصبوا خيمة كبيرة للعرض وبجوارها خيام صغيرة للخدمات والمرافق، رأت بعض الأطراف أن الجدل ناجم عن تحجيم الكتاب العربي في المعرض لصالح الكتاب الفرنسي.

فرئيسة جمعية الاختلاف الثقافية آسيا موساي أكدت في حديث للجزيرة نت أنه رغم أن دور النشر الفرنسية المشاركة في المعرض أقل من نظيرتها العربية، فإن لديها "جمهورا واسعا جدا"، إضافة إلى أن الحضور الفرنسي في مثل هذه المعارض "مدعوم".

وتقول موساي إن كل دار نشر فرنسية لها وكيل يكون ناشرا جزائريا يشرف على جناحها، وبعد المعرض تجد كتبها في المكتبات الجزائرية، بينما دور النشر العربية يكون مندوبها مجرد مستورد كتب يخضع لقانون الاستيراد، الذي اعتبرت أنه قانون "جعل الكتاب سلعة".

أما الكاتب وناشر دار الحضارة رابح حدوسي، فاعتبر أن 80% من الأنشطة الثقافية في المعرض "مفرنسة كالعادة"، وأضاف في حديث للجزيرة نت "ألفنا وعودونا على أن يفرضوا علينا أسماء ومحاور وموضوعات مكررة ومستهلكة، فهي أولا باللغة الفرنسية، وثانيا لا تلبي اهتمام الزائر أو القارئ أو الحضور"، ووصف ذلك بأنه "إقصاء للكتاب والمثقفين المعربين".


نبيل نوفل دعا إلى تخفيض تكاليف معارض الكتب العربية (الجزيرة نت)
نبيل نوفل دعا إلى تخفيض تكاليف معارض الكتب العربية (الجزيرة نت)

ارتياح ولكن
الناشرون العرب من خارج الجزائر عبروا عن ارتياحهم للتنظيم والخدمات في هذه الدورة، حيث وجدوا كتبهم بالأجنحة عشية المعرض خلافا للسنوات السابقة حيث كانت تتأخر يومين وثلاثة في الميناء بعد افتتاح المعرض.

لكنهم طالبوا بتخفيض إيجار الأجنحة كي تصبح الكتب في متناول الجميع، حسب ما عبر عنه للجزيرة نت مدير التسويق والمبيعات في دار الآداب اللبنانية نبيل نوفل.

وعما إذا كانت بقية معارض الكتاب العربية مثل الجزائر، يضيف نوفل "للأسف كل الدول العربية تفرض رسوما ترفع من تكاليف الكتاب، وحتى دول الخليج ذات الوفرة المالية أصبحت تتقاضى إيجارا عن الأجنحة بالمعارض، وهذا لا يشجع الثقافة ونشر المعرفة".

من جهته أوضح الناشر السوري، ممثل دار كنعان ودار نينوى هيثم الغزالي في حديث للجزيرة نت أن وزراء الثقافة العرب "يتفقون على سياسة معارض الكتاب"، التي قال إنها "متشابهة في كل الدول العربية".


إسماعيل أمزيان قلل من أهمية الانتقادات الموجهة للمعرض (الجزيرة نت)
إسماعيل أمزيان قلل من أهمية الانتقادات الموجهة للمعرض (الجزيرة نت)

تقليل من الانتقادات
في المقابل قلل محافظ المعرض إسماعيل أمزيان من أهمية الانتقادات الموجهة للمنظمين، وقال في حديث للجزيرة نت إن المهم هو الإقبال الذي شهدته أروقته.

وحسب الإحصاءات الرسمية، فإن معرض الكتاب الدولي الـ14 سجل 150 ألف زائر كل يوم و250 ألفا في اليوم الأخير، وهو ما عده أمزيان إنجازا مهما، لأن عدد الزوار في المعارض السابقة -حسب قوله- لم يتجاوزوا عشرين ألف زائر.

وقد شهد المعرض أكثر من 50 نشاطا ثقافيا من محاضرات وندوات وأمسيات شعرية، احتلت القضية الفلسطينية صدارتها، حسب ما قال مسؤول الأنشطة الثقافية بالمعرض زهير مزيان في حديث للجزيرة نت.

وشاركت في المعرض -حسب مجلته- 146 دار نشر جزائرية و165 دار نشر عربية، أغلبها من مصر ولبنان وسوريا، و25 دار نشر أجنبية، من بينها 21 فرنسية، وعرف إقبالا كبيرا على الكتب الدينية والتراثية والجامعية والأطفال، مقابل الاهتمام الضعيف بالكتب الفكرية.

وقد سحبت السلطات الجزائرية موسوعة للأطفال في اليوم الثالث من أيام المعرض لتعارضها وسياسة الجزائر الخارجية، فالموسوعة تحتوي على رسم خرائط دول المغرب العربي دون فصل خريطة الصحراء الغربية.

ومعلوم أن الجزائر تساند مطلب الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب (بوليساريو) التي تطالب بإقامة "جمهورية صحراوية" في الصحراء الغربية وتتهم المغرب باستعمار المنطقة.

المصدر : الجزيرة