إدوارد سعيد.. التقويض النقدي للاستعمار

فيلسوف ومفكر
لخصت مجلة "ألف" السنوية التي تصدر عن قسم الأدب الإنجليزي والمقارن بالجامعة الأميركية بالقاهرة مشروع المفكر الفلسطيني الراحل إدوارد سعيد (1935 – 2003) في كلمات قليلة إذ حمل الغلاف عنوان "إدوارد سعيد والتقويض النقدي للاستعمار".
 
والعدد الذي أشارت افتتاحيته إلى أنه مخصص للاحتفاء بسعيد بمناسبة الذكرى السبعين لمولده يسعى إلى الإحاطة بفكره مع التركيز على إسهامه النقدي في تقويض الهيمنة والاستعمار ولهذا خلا من التكريم المجاني وصولا إلى التحاور النقدي مع تراث الرجل الذي وصفته المجلة بأنه مثقف عالمي مسكون بهموم المقهورين.
 
وقد ضم العدد الذي بلغ أكثر من 560 صفحة دراسات بالعربية والإنجليزية لكتاب منهم أستاذة النقد المقارن العراقية فريال جبوري غزول رئيسة تحرير المجلة والمصريان إبراهيم فتحي وأنور مغيث ورضوى عاشور ومنار الشوربجي والفلسطينيان فيصل دراج ومريد البرغوثي.
 
وكان موفقا أن تسبق الافتتاحية كلمة لسعيد يشدد فيها على دور الناقد إذ يقول إنني أتعامل مع النقد بجدية شديدة تصل إلى درجة الإيمان بأنه حتى في خضم معركة يقف فيها الفرد بما لا يدع مجالا للشك بجانب أحد أطرافها يجب أن يكون هناك نقد ذاتي فلابد من وجود وعي نقدي كي تكون هناك قضايا ومشاكل وقيم وحتى حياة نناضل من أجلها, فينبغي على النقد أن ينظر لنفسه بوصفه عنصرا يثري الحياة وفي حالة تضاد بناءة مع كل أشكال الطغيان والسيطرة والاستغلال فأهداف النقد الاجتماعية هي المعرفة اللاقسرية وغرضها الحرية الإنسانية.
 
ونشرت المجلة ترجمة لمحاضرة ألقاها سعيد في الجامعة الأميركية بالقاهرة عام 1999 حول الحرية الأكاديمية في الجامعات التي قال إن توجها محافظا يسيطر عليها في كثير من الدول وهذا أمر خطير غير مناخ الجامعة من الحرية إلى التكيف ومن العبقرية والجرأة إلى الحذر والخوف ومن المضي في اتجاه المعرفة إلى الحفاظ على الذات.
 
وتحت عنوان "إدوارد سعيد والقضية الفلسطينية" استعرض الباحث المصري حسن نافعة رؤية سعيد للصراع العربي الإسرائيلي والعوامل التي أسهمت في تكوين هذه الرؤية مشيرا إلى أنه لم يكتب مباشرة عن هذه القضية إلا بعد حرب 1967 التي انتهت باحتلال إسرائيل سيناء المصرية وهضبة الجولان السورية وقطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية العربية.
 
وأوضح  أن دفاع سعيد الصلب عن حقوق الشعب الفلسطيني لم يثنه عن رؤية العدو بعيون إنسانية وتفهم ما تعرض له اليهود من كوارث واضطهاد… ميز بوضوح تام بين الحركة الصهيونية وهي حركة سياسية عدوانية توسعية مغتصبة ومنتهكة للحقوق الفلسطينية وبين الشعب اليهودي الذي عانى الكثير من الاضطهاد وعاش أحداث المحرقة النازية التي يرفض أيضا اتخاذها ذريعة لتبرير سياستها الوحشية تجاه الفلسطينيين.
 
وكان سعيد أصدر كتابه الأول "جوزيف كونراد ورواية السيرة الذاتية" عام 1966 عن الروائي البريطاني كونراد (1857  1924) ولكن شهرته طغت منذ كتاب "الاستشراق" الذي ظل مقترنا باسمه حتى رحيله رغم توالي كتبه ومنها "تغطية الإسلام" و"العالم والنص والناقد" و"ما بعد السماء الأخيرة.. حيوات فلسطينية" و"لوم الضحايا" بالاشتراك مع الكاتب البريطاني كريستوفر هيتشنز و"الثقافة والإمبريالية" و"سياسة السلب.. الكفاح من أجل حق تقرير المصير الفلسطيني" و"خارج المكان" الذي يروي فيه سيرته الذاتية بين القدس والقاهرة والولايات المتحدة.
 
واستجابة لدعوة الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات انضم سعيد الى عضوية المجلس الوطني الفلسطيني في نهاية الثمانينيات دون انتماء لأي من الفصائل الفلسطينية إلا أنه عارض اتفاق أوسلو بين عرفات ورئيس الوزراء الإسرائيلي الاسبق إسحق رابين. وأصدر عام 1994 كتاب "غزة-أريحا.. سلام أميركي" وفي العام التالي أصدر كتاب "أوسلو 2.. سلام بلا أرض".
المصدر : رويترز