شعار قسم مدونات

المهمة الممكنة للعام الجديد!

مهما كانت أهداف العام الجديد، فمن المحتمل أننا سنتعثر ببعض العقبات في مرحلة ما.
يمكننا أن نفكر الآن بشكل مختلف نحو المهمة الممكنة للعام الجديد فلا نحمل أنفسنا ما لا نطيق ونختار من الممكن والمناسب (شترستوك)

ماذا سأختار أجندة للعام الجديد؟ وكيف سيكون شكلها وتقسيماتها الداخلية؟ هذه الأسئلة التي تمر ببال كل من يهوى التخطيط اليومي والشخصي والتدوين. وكثير منا بعد أول أسبوعين من العام الجديد واستخدام المفكرة يعود لرويتنه القديم، ماضيا عن أهدافه التي خطط لها، ناسيا ما كان ينوي فعله. فماذا لو كانت مهمة العام الجديد ممكنة هذه المرة من خلال الانتباه لأهدافنا حقيقة وليس مجاملة للواقع أو مقارنة مع أحدهم.

في هذا السياق، يصبح التخطيط الجيد أمرا حيويا لضمان النجاح والاستمرارية في تحقيق الأهداف المرسومة، وهناك خمس خطوات أساسية لتحقيق الأهداف الصحية الذكية كما أحب تسميتها في العام الجديد وهي تختصر صفاتها في كلمة "SMART".

ليس كل من يود خسارة الوزن عليه أن يلتزم مع مدرب أو ضمن نادي! يمكن للمشي في الطبيعة أن يغنيك عن أي تمارين عنيفة. الحياة واسعة واختياراتها أوسع لذا من المهم جدا أن نسأل أنفسنا هل هذا التمرين يناسبني؟

  • أن يكون الهدف محدد ومناسب:

بمعنى أن لا يكون عشوائي، وأن أختار من كل المجالات المهمة في حياتي ٣ أهداف محددة وواضحة أستطيع تطبيقها، وعادة ما تكون هذه المجالات (علمية – عملية – روحية – صحية – مالية – اجتماعية – هوايات)، كما ينصح أن تقسم إلى أهداف قريبة ومتوسطة وبعيد المدى، حتى أفهم فكرة التدرج في الوصول لهدفي الذي أحب، أما عن فكرة أنها مناسبة ولأننا في كثير من الأحيان نختار أهدافا تماشيا مع الموضة فقط متجاهلين طبيعتنا وما نحب وما نستطيعه أيضا، فليس كل من يود خسارة الوزن عليه أن يلتزم مع مدرب أو ضمن نادي! يمكن للمشي في الطبيعة أن يغنيك عن أي تمارين عنيفة. الحياة واسعة واختياراتها أوسع لذا من المهم جدا أن نسأل أنفسنا هل هذا التمرين يناسبني؟ هل وقته يتلاءم مع عملي وطبيعة حياتي؟ هل أحب السباحة فعلا؟ أو الرياضات الجماعية؟ أو المشي بهدوء؟

  • أن تكون أهداف قابلة للقياس وواقعية:

وذلك لأنها تزيد من فرص النجاح وتحفز على المضي قدما، مثل هدفي أن أخسر ١٠ كيلو غرام خلال ٣ أشهر الأولى من العام الجديد وليس في أسبوع! وما سيساعدني هو أن أحدد العوامل الرئيسية التي تخدمني في هذه الرحلة، مثل العادات الغذائية الصحية، ومستوى النشاط البدني، أو حتى العوامل النفسية لنجاح التجربة.

  • أن يكون محددا بوقت بداية ونهاية، حتى نستطيع فعلا متابعة الهدف وقياس نجاحه واستمراريته مع مرور الوقت، وهناك حكمة أميركية شهيرة تقول: "الحمد لله على وجود أوقات لمواعيد التسليم النهائية لأننا بدونها لن ننجز شيئا".
  • إنشاء خطة تنفيذية، يتضمن ذلك تحديد الأنشطة اليومية أو الأسبوعية التي ستساهم في تحقيق الأهداف. على سبيل المثال، إذا كان هدفك زيادة النشاط البدني، يمكن تحديد أيام وأوقات محددة لممارسة التمارين الرياضية حسب وقتك وطبيعة عملك.
  • الالتزام بالتوازن، لأن الرعاية الجيدة للصحة العقلية والاستمتاع بالوقت الحر يلعبان دورا هاما في النجاح المتكامل في الحياة، ومن الأمور التي تساعد في ذلك، الطبيعة والأصدقاء والهوايات. وأرى أنه لابد أن نقضي وقتا كل أسبوع في الطبيعة ومع الأصدقاء ومع هواياتنا التي نحب لتحقيق التوازن بين جميع الأهداف.

من أكثر الأمور التي أدهشتني في قراءاتي في موضوع التخطيط للأهداف، أن الناس لا يكملون الاستمرار على أهدافهم لسبب بسيط هو أنهم ينسون.

بعد مرور ١٠ سنوات على التزامي السنوي بفكرة التخطيط للأهداف والسعي لها وتحقيق إنجازات وخوض تجارب فاشلة عديدة، أستطيع أن أقول إن الهدف كلما كان بسيطا خفيفا مهما سهل التطبيق، وكلما كان نسبة الالتزام به أعلى والاستفادة منه أكبر. ومثل ذلك بعض الاقتراحات التي تؤتي أُكُلها أن تخصص وقتا قصيرا جدا في البداية لهدفك الصحي الذي تود الالتزام به، مثل الرياضة لمدة ١٠ دقائق، ثم تزيده ببطء فيصبح ١٥ دقيقة أو ٢٠، إلى أن تصل مثلا إلى ٣٠ دقيقة من المشي اليومي. فالتدرج أحد أهم عوامل نجاح الهدف الصحي، أو تخفيف السكر في الشاي، فنبدأ بتقليله رويدا رويدا إلى أنه يصل عند كثير من الناس أن يتم الاستغناء عنه بشكل تام في المشروبات، وهكذا.

ومن أكثر الأمور التي أدهشتني في قراءاتي في موضوع التخطيط للأهداف، أن الناس لا يكملون الاستمرار على أهدافهم لسبب بسيط هو أنهم ينسون. نعم كلنا ننشغل وننسى، لذا من المهم أن تكتب أهدافك بخط واضح في مكان تراه كل يوم، على مكتبك أو مرآتك لتتذكر ما تود فعله من خطوات صغيرة توصلك لهدفك الكبير.

وأخيرا، علينا أن نتذكر جميعا أن نسبة الإقلاع عن التدخين في ١-١ من كل عام هو أعلى قيم بين كل أيام السنة، لكن ما يلبث الناس أن يتراخوا تجاه رغباتهم، ويعودوا لما كانوا عليه،  فاحذروا من إغراء البدايات، لأن العبرة والتميز الحقيقي لمن استمر في قراراته وسعى نحو أهدافه وواصل المضي لضمان الوصول.

يمكننا أن نفكر الآن بشكل مختلف نحو المهمة الممكنة للعام الجديد، فلا نحمل أنفسنا ما لا نطيق ونختار من الممكن والمناسب من كل أهدافنا الكبيرة، مع دراسة الظرف والوقت والقدرة. لأن كل شيء ممكن في هذه الحياة لكن السعي نحو الكمال -كما تعلمون- هو المستحيل.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.