شعار قسم مدونات

البشمركة.. شجعان الشرق وعظماء التاريخ

blogs - كردستان

استعدادٌ دائمٌ للقِتال، والغِناءُ كانَ حاضِراً في أشدِ الحروبِ ضراوةً، التضحيةُ مِن أجل الارض والقضيةِ العادلة، لطالما كانوا مُنتصرينَ على كافةِ أعدائهم إيمانا منهم بقضيتهم العادلة وحق العيش وتقرير المصير، فالكُردُ خُلقت أكتافهم لِحمل البنادق إما أحراراً فوق الارض أو عظماء تحتها.

   

يُشيرُ الشاعرُ الكُردي الكبير (أحمد خاني) الذي ولد في سنة 1061 هجرية (القرن السابع عشر) صوّر في ملحمته الشعرية العظيمة (مم وزين) كُردستان وكأنها سجينٌ مقيدٌ بالأغلال، ويُبينُ لنا الشاعرُ الوسائلَ والسُبُل التي ينبغي اللجوء إليها من أجل إنقاذ وطنهِ مما هو عليه، ويقول: إنني حائرٌ في المصير الذي خصه الله للكُرد، هؤلاء الكُرد الذين بلغوا المجدَ بسيوفهم كيف يصبح منعهم من حكم أنفسهم بأنفسهم وإخضاعهم لسلطة الآخرين؟ إن الترك والفرس محاطون بأسوارٍ كُردية، وكلما تحرّكت جيوشُ الفرس والترك سبح الكُرد في الدماء التي يسفكها هؤلاء، إننا مُتفرقون دوماً وعلى خلاف فيما بيننا، ولا يخضع الواحد منا للآخر، أما إذا اتحدنا جميعاً، فلن يستطيع أحدٌ الوقوف في وجهنا.

  

عندما تُقاتلُ البشمركة في ساحات القتال تصمتُ الطيورُ ليَعزف هو أعذب الالحان بفوهة بندقيته، ويُنادي بأعلى صوته قِف أيها الكُرديُ فالتاريخ تاريخك

ولو أن (خاني) عاش في القرن الحادي عشر لربما أخذ التاريخ الكُردي لنفسه مجرى آخر غير مجراه الحالي، ورغم أن الكُرد يتحرقون شوقاً في نفوسهم إلى ضرورة تكوين دولة وطنية، إلا أن الظروف والمصالح تلعب أدوارها، إنهم يمثلون أمة بكامل مقاييسها، ولكن بدون دولة بالفعل، تجري الرياح بما لا تشتهي السفن، بينما التشتت العشائري وسيادة الأفكار الدخيلة لعب دوراً فعالاً في الحيلولة دون تأسيس دولة كردية.

  

ومن قلبِ هذه المأساةِ خرجَ أولئك الذين زرعوا قيمهم الخلاقة أينما ذهبوا، إلى الجبال صديقتهم الوحيدة على الأرض كي يتصدوا لهجمات التخلف والعنصرية وانتهاك حقوق الإنسان التي لا زالت قائمة إلى يومنا هذا.

 

إنهم قوات البشمركة الكُردية، يُشار  إلى أن أول تسمية أطلقت على المقاتلين الكورد كانت في يوم 26 ديسمبر من عام 1945 خلال قيام جمهورية مهاباد في كُردستان إيران بقيادة الراحلين الرئيس قاضي محمد، والجنرال ملا مصطفى البارزاني، منذ ذلك التاريخ أصبحت قوات البشمركة رمزاً للمناضلين الكُرد، كما أصبحت التسمية تسبّب رُعباً لأعداء الشعب الكُردي، ولاشك أن الانجازات التاريخية الكبرى للقضية الكُردية تمت على خلفية قوة قوات البشمركة الذي حارب جميع القِوى والانظمة التي هاجمت كوردستان عسكرياً على مر التأريخ، وحارب إرهاب تنظيم الدولة الاسلامية وميليشيات الحشد الشعبي لحماية كوردستان مؤخراً .

    

قوة نظامية أُنشِأت عند انطلاقة الحركة التحررية الكُردية للدفاع عن الكُرد ونيل حقوقه المشروعة، برزت هذه القوات كقوة مؤثرة وفعّالة عندما قام الكُرد بتأسيس جمهورية مهاباد شرق كُردستان، تأسيس كيان فيدرالي كُردستاني في انتفاضة عام (1991) كان نتيجة كفاح قوات البشمركة الكُردية.

  

البشمركة لكُردستان شمسٌ لا تغيب، تعانقهُ الجبالُ وتخشاهُ الخطوب، يهبّون من كلِ فجٍّ دفاعاً عن الارض والشعوب، يُحارِبون كالأسود وما لأعدائهم سوى الهروب، كشروقِ الشمسِ يشرقون في ساحات القتال دفاعاً عن شعبهم الدؤوب.

  

كما قاتل البشمركة أشرس وأعنف مجموعة إرهابية عرفها التأريخ (تنظيم الدولة الاسلامية)، دافعوا عن الأرض والشعب ضد هذا التنظيم حتى انتصروا عليه بمساعدة التحالف الدولي حتى استرد كافة الأراضي التي اغتصبها هذا التنظيم الارهابي، دامت حربُ البشمركة مع هذا التنظيم قرابة الاربع سنوات، كما وقدم ضحايا كبيرة (1800) شهيد من قوات البشمركة وأكثر من (10.000) جريح.

  

عندما تُقاتلُ البشمركة في ساحات القتال تصمتُ الطيورُ ليَعزف هو أعذب الالحان بفوهة بندقيته، ويُنادي بأعلى صوته قِف أيها الكُرديُ فالتاريخ تاريخك، قف أيها الكُرديُ المظلومُ ودافع عن قضيتك، قِف أيها الكُرديُ ثائراً مناصراً لقضيتك فطريق الحرية شاقٌ وطويل، قِف أيها الكُرديُ شامخاً كجبال كُردستان، قِف أيها الكُرديُ وكُن كاوا الحدّاد، كُن قوّياً، كُن بطلاً، كُن شهيداً، فأنت فارس الشرقِ وعظيمُ التأريخ، قُم أيها الكُرديُ ونادي بأعلى صوتك أنا كُرديٌ أُعانق الجبال وصرختي أسطورة منذُ تاريخِ الرجال. 

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.