شعار قسم مدونات

الشاعر أحمد رامي.. عشق أم كلثوم سرا وفضحته قصائده!

مدونات - أحمد رامي وأم كلثوم

"وعمري ما أشكي من حبك مهما غرامك لوعني"

  
تلك الكلمات التي غنتها أم كلثوم وكانت بعنوان "أنت الحب" من كلمات الشاعر المصري أحمد رامي ذلك الشاعر الذي أحب أم كلثوم بالسر على مدار أعوام ولَم يبح لها بذلك الحب.. عندما تعمقت في سيرة الرجل وسمعت له لقاءات إذاعية كثيرة ومنها برنامج "حديث الذكريات" لوجدي الحكيم وهو يحاوره ويطلب منه أن يتحدث عن نفسه بداية اللقاء كان يقول:

 

الذي أذكره في صدر الصبا في عامي السادس أو السابع أنني كنت على ظهر مركب سفر تُبحر في بحر إيجه بين آسيا الصغرى واليونان متوجه إلى جزيرة "طاشيوز" تلك الجزيرة التي كان والد أحمد رامي وهو طبيب منتدب إليها من الخديوي عباس حلمي الثاني.. في تلك الجزيرة التي كانت مليئة بالطبيعة الخلابة تولد إحساس هذا الطفل بحب الحياة ونعيمها وجمالها وأقام فيها لمدة عامين قبل أن يقرر الانتقال لوحده للقاهرة للعيش فيها وبدء حياته الدراسية وكان هنا الشعور بالفرق والمسافة التي كانت فارق في حياته للكتابة عن الوجع حيث أقام بجانب المدافن في بيت عمته.

 

عندما نمر في هذه المرحلة من هذا الحب والهيام والعشق نصبح مجانين حتى في تلّوعنا على غياب من نحب، نُصبح غير مبصرين لكل شيء حولنا وكل ما نشعر به ونلمسه هو إحساسنا

إلى هنا بالنسبة إليّ كونت صورة جميلة وعميقة عن الوجع والجمال والحب في نصوص أحمد رامي التي كتبها لأم كلثوم.. وفِي عام ١٩٦٥ كتب إليها أغنية "أنت الحب" والتي كانت وما زالت جدارية عظيمة تتحدث عن لوع الحبيب اتجاه حبيبته ومجموعة تبريرات عظيمة في سبيل الحصول على المحبوبة تحت أي ظرف تفرضه هذه الحياة..
   
قبل ذلك وفِي البدايات التي بدأت في غناء أم كلثوم لقصائده كانت في عام ١٩٢٤ عندما قدم قصيدة لصديقه الشيخ أبو العلا محمد والذي بدوره قال له لقد جعلت فتاة فلاحة تغني قصيدتك وذهب لسماعها وبعد ذلك امتدت علاقتهم ٥٠ عاماً لا يفارق الصف الثامن في حفلاتها التي كان يجلس بكامل أناقته وشياكته لسماعها ويقدم لها أجمل وأعذب الشعر. وعندما غنت له "هجرتك" كان في المملكة العربية السعودية وتحديدا في الرياض، ومن شدة حزنه لعدم حضوره قال “كنت بسمعها وأنا بعض في البساط".
 
أحمد رامي هو نسخ كثيرة من أرواحنا التي تهيم حباً وشوقاً بأناس نلتقي بهم ولا نستطيع الوصول إليهم أو حتى مشاركتهم تفاصيل حياتهم بكل ما فيها من جمال وحزن وفراق ووداع. أحمد رامي هو المعنى الجميل للحب الراقي العظيم الذي لم يلوث أحد وإنما أكتفى بالكتابة ولا شيء سوى الكتابة لأنه أيقن بأن الحب والإفصاح عنه لا يمكن أن يكون حب خالد في التاريخ إذا تحدث به القاصي والداني فهنا يفتقد جمال هذه المشاعر التي كانت في قصائده لمحبوبته..
   

"وعمري ما أشكي من حبك مهما غرامك لوعني"

    

 

هذه المقطوعة القصيرة من قصيدة كبيرة عندما أستمع إليها أرتبك من داخلي جداً حيث أن هذه الأغنية تعني لي الكثير فطوال عمري كنت أستمع إليها من باب الجمال فقط والذوق الموسيقي الذي يجعلك تنسى نفسك مع هكذا كلمات ولحن من عبد الوهاب.. لكن ما جعلني أكتب عنها اليوم أنني في مرحلة من مراحل هذا العمر كنت أستمع إليها وأنا أنظر إلى لمعان عيون محبوبتي التي كانت تشاركني هذا الهيام والجمال عندما نستمع إليها سوياً. ذلك اللمعان الذي لا يمكن لي أن أنساه ما حييت كنت أشعر بعظمة الكلام وعمق المشاعر من أحمد رامي لأنه كان يواجه دائماً بالصد.

 
في لحظة من لحظات الحياة هناك كلمة أو أغنية أو مقطوعة موسيقية تجعلنا نفكر من جديد بمن نحبهم ونعيش على أطلال فراقهم الكثير من العمر ونحن ننظر إلى صورتهم ونستمع إلى أم كلثوم تغني بصوت مرتفع "وعمري ما أشكي من حبك مهما غرامك لوعني".. اللوعة على فراق الحبيب شيء مؤلم شيء لا يمكن الشعور به بشكل ملموس ليتم معالجته من خلال علاجٍ، كل ما في الأمر أننا عندما نمر في هذه المرحلة من هذا الحب والهيام والعشق نصبح مجانين حتى في تلّوعنا على غياب من نحب، نُصبح غير مبصرين لكل شيء حولنا وكل ما نشعر به ونلمسه هو إحساسنا الذي نتذكر من خلال ما نستمع إليه من هكذا قصائد وهكذا ألحان وهكذا قصص بأن الحب لا يمكن له أن يكون حلب مكتمل الأركان دون أن يكون فيه عَذَابٌ ولوعة.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.