شعار قسم مدونات

الدمى الجنسية الصينية.. هل تكون حلا لظاهرة "العنوسة"؟

BLOGS الدمى الصينية

برزت الصين خلال السنوات الأخيرة باعتبارها المصدّر الرئيسي للدمى الجنسية في العالم، وتشير أرقام حديثة إلى أن بلاد التنين استأثرت بنحو 80 في المائة من إجمالي صادرات الدمى الجنسية في العالم خلال العام الماضي. وتضم الصين أكثر من ألف مصنع للدمى الجنسية في أنحاء البلاد، ويعمل في هذه المصانع نحو مليون ونصف المليون عامل، وتقدر إيرادات هذه الصناعة بحوالي ملياري دولار سنويا، وتعتبر الولايات المتحدة أكثر الدول استيرادا لهذه الدمى بنسبة 50 في المائة، يليها كل من جنوب أفريقيا وروسيا وكوريا الجنوبية، بنسبة 20 في المائة.

وتتميز الشركات الصينية عن غيرها من الشركات المصنعة للدمى الجنسية باستخدام الذكاء الاصطناعي لإنتاج دمى تحاكي خصائص الإنسان وحركاته المعقدة، مثل تعبيرات الوجه وإصدار الأصوات وتحريك الأطراف، بالإضافة إلى استخدام المطاط الحراري المصنوع من مادة السيليكون، والشعر الحقيقي باختلاف أنواعه بدلا من الشعر المستعار، فضلا عن تمايز لون البشرة والعينين وفق تفضيلات العملاء. هذا ويصل سعر الدمية الواحدة إلى 2500 دولار، وتباع على منصات التجارة الإلكترونية الصينية وتلقى رواجا كبيرا، حيث يمكن بيعها بصورة كاملة أو عبر قطع مستقلة يمكن تجميعها وتركيبها، وهي عادة ما تكون مصحوبة بضمان من الشركة المصنعة لإجراء صيانة مجانية لمدة عام كامل.

استهلاك محلي

أدت سياسة الطفل الواحد التي فرضت في سبيعنيات القرن الماضي بالصين، واستمرت لمدة ثلاثة عقود، إلى حدوث فجوة كبيرة بين الجنسين، وذلك بسبب الثقافة التقليدية السائدة في البلاد بتفضيل الذكور على الإناث، وهو ما أدى إلى نقص في عدد الإناث مقابل الذكور بعشرات الملايين، حيث يولد في الصين ما يقرب من 116 ذكرا مقابل 100 أنثى، وهي نسبة أعلى بكثير من المتوسط العالمي. وساهم ذلك في تفاقم ظاهرة العنوسة داخل المجتمع الصيني، حيث بلغت نسبة العنوسة في البلاد، وفق الأرقام الصادرة عن وزارة الشؤون المدنية، 76 في المائة في عام 2017. وقد كان ذلك العامل الأبرز في توجه نسبة كبيرة من الشباب نحو اقتناء أو استئجار دمى جنسية، حيث إن الكثير منهم يجدون صعوبة في العثور على صديقة أو زوجة.

يرى مراقبون أن الإصلاحات الاقتصادية التي شهدتها الصين خلال العقود الماضية، جلبت إلى المجتمع الشيوعي المزيد من الحرية الجنسية، وتوقعوا أن تزدهر صناعة الجنس في البلاد في ظل اختلال التوازن بين الجنسين

ليانغ شي، شاب صيني يبلغ من العمر 32 عاما، يعمل في شركة تقنية بالعاصمة بكين، متزوج ولديه طفلان، لكنه لا يعود إلى بيته الكائن في احدى القرى البعيدة جنوب البلاد إلا مرتين في العام، لذلك فضل اقتناء دمية لقضاء حاجته الجنسية، بدلا من خيانة زوجته، حسب قوله. يقول ليانغ، من السهل بالقليل من المال العثور على امرأة في الصين، لكني لا أريد خيانة زوجتي، فضلا عن الأمراض المعدية التي تتسبب فيها العلاقات المتشعبة والمتعددة، لكن الدمية الجنسية تجعلني أشعر بالأمان والرضى والعاطفة أحيانا.

عشاق الدمى

لم يشعر الصينيون بالخجل من الاقتران بدمية، فقد أنشا أحد الشبان منصة إلكترونية خاصة تجمع الشباب الذين أقدموا على هذه الخطوة، وقد أطلق عليها "عشاق الدمى"، وقد تجاوز عدد الأعضاء ألفي عضو. وينشر الشباب على المنصة صورا لهم مع الدمى، ومقاطع فيديو، تظهر مدى سعادتهم في إيجاد شريك حياة لهم، ونشر شاب صورا من حفل زفافه من دمية جنسية أقامه بحضور أفراد من عائلته وأصدقائه، وأرفق مع الصور مقالا طويلا يتحدث فيه عن علاقته بزوجته الدمية، وكيف أثرت في حياته وجعلته أكثر إقبالا على الحياة. بينما قام آخر بإنشاء صفحة خاصة على موقع "ويبو" المعادل الصيني لـ"تويتر"، لصديقته الدمية يعرض فيها صورا لأزيائها وملابسها وتسريحات شعرها، وتحظى الصفحة بمتابعة عشرات الآلاف من الصينيين.

هذا ويرى مراقبون أن الإصلاحات الاقتصادية التي شهدتها الصين، خلال العقود الماضية، جلبت إلى المجتمع الشيوعي المزيد من الحرية الجنسية، وتوقعوا أن تزدهر صناعة الجنس في البلاد في ظل اختلال التوازن بين الجنسين، بينما يعتقد آخرون أن المسألة لا تعدو كونها ظاهرة اجتماعية مصيرها التراجع والاختفاء، باعتبار أن النظام الشيوعي الصيني لا يعترف بهذا النوع من العلاقات بين الإنسان والروبوت.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.