شعار قسم مدونات

فوائد انغماس الأبناء في أجهزتهم الإلكترونية

blogs - kid

إلى الأهالي الذين يرون أن تحذيرات المتخصصينَ التربويين من مخاطر بقاء الأبناء برفقة الأجهزة الإلكترونية بدون ضوابط أمر ترفي ولا فائدة منه بل لا يوجد أضرار من انغماس الأبناء وسط هذه الأجهزة وحدهم بلا رقيب ولا حسيب طوال الوقت. إلى هؤلاء الأهالي أخبرهم بثمانية فوائد لكلامهم: 

     

1. عندما يزعجك أبناؤك صباحا من أجل الاستيقاظ إلى مدرستهم، فقط أعطهم الهاتف على ما يخطف أبصارهم وبصيرتهم، وهم سينقادون معك إلى الحمام وتبديل الملابس، وتصفيف الشعر، وحاول أن يكون هذا مستمرا على طوال سنواته التسعة الأولى، وإن كان هذا السلوك سوف يجعل من صعوبات التعلم ملازمة لابنك خلال سنواته المقبلة فلا تَقلَق لأن الانضباط الحقيقي صباحا يحتاج لحوار ونقاش طويل مع الابن، وأنت لا تملك وقتا لابنك لهذا الحوار.

         

2. عندما تريد الجلوس بعدَ يوم عمل طويل بهدوءٍ ما عليك سوى أن تعطي ابنك هاتفَك أو تجلسه أمام التلفاز أمام أية فضائية بشرط أن تكون رسومها المتحركة صاخبةَ الموسيقى، وحركة الصورة سريعة جدا، وركز حضرة الأب الفاضل أن يكون مضمون المادة المعروضة مثيرا للطفل حتى لو كان فيه عدوان جسدي أو كانت هناك ألفاظ لا تليق أن يسمعها ابنك أو كانت هناك مناظر تفتح عيونه على مالا يليق في هذه السن، فقط ركز أن يكون مثيرا ومضحكا لابنك؛ لأن هذا الأمر سوف يجعله يجلس لساعات طويلة بلا إزعاج لك، وهذا يضمن استرخاءك التام، ولا تقلق عن مركز التركيز في الدماغ عندما يختل عند ابنك، ولا عليك من تدني نسبة الاستيعاب عنده، الأهم هو أنت، فقط أنت!

        

عندما تنزعجان من حجم رفض انصراف أبنائكم إلى النوم باكرا فقط اجعلوا أبناءكم أمام التلفاز، وهو بعد ساعتين أو ثلاثة سوف ينام مباشرة بدون إزعاج لكما

3. عندما تريد أن تستقبل ضيوفا وأنت تعلم أن ابنك سوف يزعجك بالطلبات والضيوف عندك، فحتى تكون صورتك مميزة أمامهم ما عليك سوى أن تُعطي ابنك جهاز "الآي باد"، وتطلب منه أن يجلس ويفتح ما يشاء على اليوتيوب ويُشاهد ما يشاءُ بل أن يضغط بأصبعه على أي فيديو أمامه، وللعلم فإن اليوتيوب يوفر لابنك مزية الفيديوهات المتزايدة كلما انتهى واحد يجيء إليه واحد آخر، وهكذا فأنت هنا تضمن أن صورتَك أمام الضيوف تكونُ جميلة وأن نظرتَهم لابنك ستكون إيجابية لأنك استطعتَ أن تضبط ابنك بلا أيِّ صوتٍ وبدون تهديدٍ أمامهم، واتركْ عنك الدراساتِ المشورة وكلام المتخصصين الذي يخرج من هنا وهناك مصرحا بأن الجلوس الطويل أمام اليوتيوب يؤدي إلى مشاكل في الفِقْرات وفي الرّقبةِ من طُولِ انحناءةِ الرأسِ الطويلة؛ لأن الأهم هي صورتك أمام الضيوف حتى ولو على حساب صحة ابنك.

       

4. عندما تذهبينَ إلى السّوق وأنت محتاجة لكي ترتاحي من أجل تبديل الملابس وتسعيرها بدون قلق على ابنك فقط ادفعي إليه جهازك الخلوي، واطلبي منه الجلوس في أحد أركان المحل واتركيه يشاهد "غامبول"، وتجوّلي بين جميع المحلات، ولا تقلقي سوفَ ترجعين إليه بعد خمس ساعات وهو في مكانه، ولا يزعجك إن تعلم من "غامبول" الغباءَ فلا ضيرَ فإن الأهم أن تكوني مرتاحة في التسوّق.

        

5. عندما تكونينَ في السيارة وتجدينَ أنك في حاجة إلى التركيز أثناء القيادة وابنك في الكرسي الخلفي لا يكف عن تَكرار الأسئلة عن كل شيء فما عليك حتى تنتهي من صوتِه المزعج سوى أن تعطيه الهاتف النقال وتضعين له عليه كرتون "الجاسوسات الثلاث" ليشاهد ويستمتع وينشغل بكمية الفضلات التي تلقى في عقله وهنا صوته سوف يختفي في ركام المخلّفات من الألفاظ والموسيقى والصّورة السّريعة لساعات طويلة، وأنت سوف تستمتعين بالاستماع لأغنية تعشقينها تضفي عليك نوعا من الراحة النفسية الوهمية ولا تقلقي عزيزتي الأم الفاضلة من حجمِ التدمير الذي ينجم عن هذا الفعل من قبلك؛ لأنك فقط محتاجة لشيء من الهدوء والأمر كله بضعُ ساعات يوميا، ولا تنسي أن هذه الاسئلةَ التي تكثر كلما أجبنا عن بعضها فهي تفتح مداركه وتوسع عقلَه ولكنها مزعجة لك فلا عليك، أنت الأهم!

      

6. الوالدان الكريمان عندما تنزعجان من حجم رفض انصراف أبنائكم إلى النوم باكرا فقط اجعلوا أبناءكم أمام التلفاز، وهو بعد ساعتين أو ثلاث سوف ينام مباشرة بدون إزعاج لكما، ولا تتوقفا كثيرا عند قول المتخصصين بأن النوم أمام التلفاز يسبب أضرارا بالغة للدماغِ؛ بل إن النوم لن يكونَ كافيا لدماغهم مما يؤدي إلى مشاكل أكاديمية وسلوكية عند ابنهم، فراحتكم لها أهمية ضرورية تتفوق على أهمية ابنكم.

                   

عندما تجد أن ابنك يتكلم كثيرا وهذا الأمر يزعجك، فما عليك سوى أن تحضر له مجموعة من الألعاب الإلكترونية التي تعتمد على الصراخ والمطاردة، واترك لابنك التعلق بها
عندما تجد أن ابنك يتكلم كثيرا وهذا الأمر يزعجك، فما عليك سوى أن تحضر له مجموعة من الألعاب الإلكترونية التي تعتمد على الصراخ والمطاردة، واترك لابنك التعلق بها
         

7. عندما تجد ابنكَ غارقا في إحدى ألعابه عبر "البلاي ستيشن" ولكنه لم يأكل؛ اتركه على وضعيته حتى لا يصرخ فيك وابعث إليه بوجبة سريعة، وإن لم تكن صحية فلا ضير في ذلك فالأهم راحتك حتى لو كان الأمر على المدى البعيد سوف يودي به إلى السمنه والأمراض التي تفتك بصحته، فقط ابعث إليه بالوجبة واترك له حريته في المتابعة فأنت قمت بما عليك.

        

8. عندما تجد أن ابنك يتكلّم كثيرا وهذا الأمر يزعجك فما عليك سوى أن تحضر لَه مجموعة من "الألعاب الإلكترونية"؛ وتلك التي لا يوجد فيها كلام وحديث كثير، تعتمد فقط على الصراخ والمطاردة والتّشويق، واترك لابنك التعلق بها، فهنا سوف تضمر كمية المفردات عنده وتتقلص ولن يصبح قادرا في المستقبل على التّواصل اللفظي كبقية أقرانه، ولا تنزعج من هذا لأن الأهم أن تتدفق الراحة بخلاصك من صوته وإزعاجه.

         

وبناء على تلك الثمانية الكاملة التي توفر راحة وهمية للأهالي بانشغالهم بعيدا عن أبنائهم؛ أرجو أن يتذكروا أن غربة أبنائهم عنهم في بيت واحد هي التي تصنع أبناء غرباء عن آبائهم وأمهاتهم، ولا يحملون أدنى مسؤولية تجاههم، فالعقوق من هؤلاء الأبناء تجاه والديهم؛ هو حصاد ما بذره الآباء والأمهات ذات زمان.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.