شعار قسم مدونات

فيصل المصائر العربية.. حلب

blogs-معركة حلب

هولوكوست القرارات المتأرجحة بشأن القضية الإنسانية الفريدة من نوعها حلب، يجعلنا نتأمل المشهد العربي بعين اليائس من جميع المواقف المتخاذلة والخائنة للعروبة والإنسانية؟ المساومة الحاصلة على أرواح ما تبقى من الأنفاس العالقة في سماء حلب مُستفزة وأبعادها لا يُحمد عقباها، فدعونا من العواطف والفلسفة السياسية المفترضة ولنسأل سؤالاً شرعياً واحداً.
 

هل سيبقى أهل حلب الناجين منهم أو المحيطين بهم في كل محافظاتها المنكوبة " الأفراد" الذين لا يملكون من الأيدلوجية السياسية والحزبية ناقة ولا جمل قابضين على "فرديتهم" وصابرين على هولوكوست النظام وروسيا ومن معهم وينتظرون ما بعد فشل قرار مجلس الأمن بمحاولات وهمية لحسم أمر إبادتهم وهم يقلبون الجثث ويبحثون عن الأشلاء المتبعثرة تحت المباني والمستشفيات ويقولون لابد أن يخرج المجتمع الدولي لنا بحلٍ لننتظر قليلاً مثلاً؟
 

حلب الآن فيصل الحرب العالمية الكبرى؛ فالظُلم استشرى والدماء بخسة الثمن والعرب مصابون بداء الكُرسي ويزدادون في طغيانهم لأنفسهم ولأبناء شعوبهم

أم هو عبثٌ بإيمانهم وضغطٌ على عقيدتهم التي تحاولون تطهير أبنائها عن بكرة أبيها؟ صناع الهولوكوست دائماً يبحثون عن البعد النفسي الذي يقع على الإنسان والذي بطبيعته لا يحتمل الإبتلاء إلا من رحم ربي من الصابرين، ولكن هل الجميع سيقبضون على صبرهم؟
 

ما يفعله النظام وحراسه وداعميه وأتباعه هو ضغطٌ على عقيدة الصبر والإيمان بمعرفة سبب الابتلاء وتأخر الفرج، وهذا ما سيخلق جدلاً عقيماً ويولد شريحة من المعنفين نفسياً وجسدياً وعقلياً ليخرجوا بتنظيمٍ يتفوق على إجرام النظام ليأخذ حقه الذي شعر بأنه تأخر والعياذ بالله، فالحقد أولى خطوات قمع الإنسانية وحبسها في صندوقٍ أسود، فهم الذين رفضوا أن يغادروا بلادهم رغم فقدانهم للأمان واليوم يبادون والعالم العربي والغربي يقف متفرجاً ومنهم من تكالب على إبادتهم لمصالحهم السياسية ومنهم من التزم الصمت القاتل ومن شجب واستنكر وجميعهم يلتحفهم النفاق والموافقة على هذه المجازر المروعة.

حلب الآن فيصل الحرب العالمية الكبرى؛ فالظُلم استشرى والدماء بخسة الثمن والمصالح اختلفت والتحالفات بُدلت والعرب مصابون بداء الكُرسي ويزدادون في طغيانهم لأنفسهم ولأبناء شعوبهم، ولا يعلمون أن الشعوب إذا انتفضت وليس كثوراتٍ بل كقذائف بشرية تستطيع أن تقلب السحر على الساحر، وتقلب موازين القوى وتجعل الفوضى تتفاقم لدرجة إعلان حرب عالمية تُقسم العالم على أسس الأفراد وليس الأنظمة. ولسنا بمبالغين إن قلنا ذلك، فلو حسبتم عدد الأنظمة وجيوشها ومواليها وعدد الأفراد المضطهدين والمعارضين ستجدون أن الأغلبية ولو بفارق 5 بالمئة للأفراد والمعارضين فكيف سيصبح العالم إذا ما اصطدم هذان المعسكران؟
 

بينما ينتظر الجميع حصته من الكعكة السورية سيبدأ "الطابور الفردي" بتجهيز العدة والعتاد للحرب العالمية الكبرى..

ليس بمستبعد أن تقوم" قيامة الحرب العالمية" فلا نرى أي توازن سياسي أو أمان فعلي بأي دولة، والسالمين من الحروب يجلسون على صفيح ملتهب ولا نملك تاريخاً لحدوث هذا الأمر، قال تعالى "ولايحيطون بشيئ من علمه إلا بما شاء" وإنما هي قراءات للحاصل من حروب ومجاعات وتفشي للظلم بسابقة عربية لا مثيل لها بفظاعتها . الحاصل في سوريا لن يعود بالخراب على دولة دون سواها ولن يسلم كرسي ويُحصن آخر فهذه بشرية امتزج الدم بالتفكير لديها وجردت من انسانيتها من شدة التنكيل والظلم فلا ندري هل يتوقع صناع المجازر بأن لا يطالهم جانباً من مجازرهم ؟

جدير بالذكر هنا "هرمجدون" وما قيل عن هذه المعركة الحاسمة. يقول الرئيس الأمريكي الأسبق "رونل دريجن": إن هذا الجيل بالتحديد هو الجيل الذي سيرى هرمجدون. وأشار "أورل روبيتسون" صاحب كتاب دراما نهاية الزمن إلى أن كل شيئ سيمضي في بضع سنوات فستقع المعركة العالمية الكبرى معركة هرمجدون أو معركة سهل مجيدو. ويقول القس الأمريكي الشهير "جينيس وجرت": كنت أود أن أستطيع القول بأننا ننتظر السلام أو سنحقق السلام، ولكنني أؤمن بأن معركة هرمجدون قادمه وسيخاض غمارها في وادي مجيدو في فلسطين.

نعم إنها قادمة، فليعقدوا ما شاؤوا من اتفاقيات السلام إنهم لن يحققوا شيئاً فهناك أيام سوداء مقبلة ودخانها يتصاعد من سماء حلب، وبينما ينتظر الجميع حصته من الكعكة السورية سيبدأ "الطابور الفردي" بتجهيز العدة والعتاد للحرب العالمية الكبرى.. بما أن السياسة تتحكم بمصائر البشر فنحن ماضون إلى الهاوية لا محالة.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.