لا يبدو أن التخلص من الدعم السريع هو نهاية الحريق. ثمة معضلات أخرى خطيرة، على رأسها التوجس من المجهول، وأسئلة اليوم التالي للحرب، وبناء مؤسسات الدولة، والعلاقة مع العالم، وتحقيق المصالحة الوطنية..
عزمي عبد الرازق
الجديد من الكاتب
تدفق المحتوى
واجه السودان فيتو روسيًا أنقذه من مشروع قرار بريطاني بمجلس الأمن، فيما يظل التحدي الأكبر أمام الحكومة معالجة الأزمة الإنسانية وإنهاء دور المليشيات المسلحة.
التدخلات الدولية في السودان تستغل الأزمات الإنسانية مثل المجاعة للسيطرة على موارده عبر دعم أطراف محلية واستغلال الظروف السياسية لتحقيق مصالح دولية، مما يعمق الأزمة ويهدد السيادة الوطنية.
أرقام المنظمة الدوليّة للهجرة تبدو مُفزعة، فهي تتحدّث عن أن 20% من سكّان السودان أصبحوا نازحين ولاجئين، وقد سجلت فرار أكثر من 10 ملايين شخص من منازلهم، منهم مليونان فروا خارج الحدود.
تقوم قوات الدعم السريع في الظاهر بالعديد من الفظائع، لكن الأمر أبعد من ذلك، وهو في الغالب يرتبط بتصورات قائمة على طرد السكان الأصليين من السودان والسيطرة على الموارد.
عندما يعود سكان الخرطوم إلى الديار سوف يتفاجأون ليس فقط بالدمار والنهب الذي طال بيوتهم، ولكن باختفاء معظم معالم الخرطوم القديمة والحديثة أيضاً.
لقد دأبت القيادة العسكرية للجيش السوداني، في معظم التصريحات التي تصدر عنها، على أن تكون تلك التصريحات غامضة ولا تعطي إجابة صريحة بشأن وجود اتفاقية لإنشاء تلك القاعدة الروسية.
مئات المعتقلين، يتم توقيفهم بصورة عشوائية، في الطُرقات أو من داخل بيوتهم، أو حتى عندما يعترضون على نهب ممتلكاتهم.
من سمات الحياة العامة في السودان عدم الاكتراث واللامبالاة ولذلك يدفع الشعب السوداني فاتورة هذا التهاون، وقد أجبرت الحرب ملايين السودانيين على النزوح بعيدًا، وهو أمر لا ينفصل على تفاصيل المؤامرة.
لعل من المؤسف القول؛ إن الحرب نقلت السودان نقلة خطيرة، من رصيف الدول النامية إلى غرفة الإنعاش، وأصبح اليوم كما لو أنه رجل أفريقيا المريض، دون مبالغة في الوصف، بعد أن كان مرشحًا ليكون سلّة غذاء العالم.