يبدو المشهد السياسي الليبي في حركة متسارعة، ولكن هذه الحركة كانت على المستوى الرأسي، أي أن مؤشراته يمكن رصدها عبر حركة الأشخاص والرموز الظاهرة بالمشهد، بصرف النظر عن حجمها وفاعليتها.

أستاذ القانون الدولي والعلاقات الدولية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة بنغازي
يبدو المشهد السياسي الليبي في حركة متسارعة، ولكن هذه الحركة كانت على المستوى الرأسي، أي أن مؤشراته يمكن رصدها عبر حركة الأشخاص والرموز الظاهرة بالمشهد، بصرف النظر عن حجمها وفاعليتها.
المشهد السياسي الليبي في حالة حركة ويتميز بعدة ميزات، هي أنه: مبعثر، وفي حالة حركة، وهناك لملمة لأطرافه بواسطة أياد كثيرة، وثمة استعجال وتجاذب للأيدي. وذلك ما يسوغ تشبيهه بـ”الغيزة”.
حملت لهجة الحديث عن اتفاق الصخيرات هذه المرة اختلافات عن اللهجة التي كان يجري بها حديث الأطراف التي شاركت في صياغته، ولا شك أن هذا التغير كان محصلة لعدة عوامل.
المشهد السياسي الليبي مشهد مربك ومعقد، يتغذى على منطق المغالبة والإقصاء، بعيدا عن أواصر التقارب والتفاهم والتعايش، وهو ما يعمق الأزمة ويطيل أمد الحرب، ويقلص فرص السلام.
كان قرار النواب الليبي برفض منح الثقة لحكومة الوفاق بمثابة صدمة هزت المشهد السياسي الليبي الذى ظل منذ اتفاق الصخيرات في حالة شلل رغم ما يجرى حوله من معارك وضجيج.
تعد محاربة “الإرهاب” عملا وطنيا في ظل الظروف الليبية الراهنة، ولكنه لا يضفي -بمفرده- على أية مجموعة مسلحة شرعية مؤسسية، ولا يحولها إلى مؤسسة رسمية تابعة للدولة مثل الجيش والشرطة.
ما عاشه الليبيون خلال الحقب الماضية، وتحديدا خلال الأربعينية السوداء لحكم القذافي من كبت وقمع وإقصاء؛ أنتج حالة من غياب ثقافة التعايش بين الأطراف المتصدرة للمشهد السياسي الحالي.
النخبة النافذة في ليبيا ومثيلاتها في المجتمعات العربية تعول على القبيلة وليس على الحزب الذي يمكن الاستغناء عنه، بل واختفاؤه من المشهد السياسي دون أن يتغير شيء في هذا المشهد.
الاستجابة للابتزاز تستدعي ابتزازا آخر وتفتح شهية المبتزين، وهذا ما بدا من عدم رضى بعض الأطراف الليبية على ما حصلت عليه، وتلويحها بعدم إقرار الاتفاق أو بمنع الحكومة من تنفيذه.
يعتبر عاملا الدين والجهوية مؤثران بقوة في المشهد الليبي الحالي، وموجهان للكثير من تفاعلاته، وهو تطور جديد في التعاطي مع هذين المؤثرين لم تعرفه الدولة الليبية عبر تاريخها الحديث.