ديمة رجب

لكل إنسان مدينته المدللة، سواء التفت لذلك وتنبه له أم لم يلتفت، ربما هي مدينته التي ولد فيها، وربما هي أخرى ترعرع وكبر فيها، أو لعلها مدينة غيرت كيانه وقلبت أحواله..

لم تكن اليابان على حق في مطامعها تجاه كوريا والصين وغيرها من الأراضي التي غزتها.. ولعل هذا مبعث من مباعث استسلامها، فصاحب الحق لا يستسلم ولا يعرف معنى الانهزام..

بحلول الخريف من العام نفسه ظهرت بعض الأعشاب البرية، وأزهرت بعض أشجار الدفلة والكافور في هاتين المدينتين، وكأنها شعاع الأمل بعد أهوال مسحت أشكال الحياة عنهما، ولوثت أنهارهما، وهواءهما وتربتهما..

بعد أن توسع نفوذها شمالا وجنوبا وغربا، تلقت اليابان ضربة قاسمة في الثامن من أغسطس عام 1945. ولكن ماذا حصل قبل ذلك وكيف سارت بها الأحداث إلى هنا؟

وحدت الإقطاعيات اليابانية رسميا تحت سلطة الإمبراطور ميجي عام 1868م، وكان أمام اليابان تحد صعب لشق طريق النهضة، خاصة بعد ما كانت عليه من تقسيم وطبقية ولا مركزية في الحكم..

للحالة اليابانية لدينا نحن العرب خاصة حالة من الألق، ربما لأنها تشكل شكلا من أشكال الأمل، كبلد تعرضت إلى دمار شامل وخسارة نكراء بعد الحرب العالمية الثانية..

مما يثلج الصدر تفاعل الشباب مع قضايا الأمة بحرارة بعد أن خلناهم جيلا لاهيا، يبحث عن الترفيه فقط. فنرى مبادرات وفعاليات واعتصامات تثير المشهد وتترك أثرا عميقا في النفس بل في الرأي العام العالمي..

قتل وتدمير وتهجير.. عائلات برمتها تختفي، وأخرى يبقى منها فرد أو اثنان يتقاسمون عذب ذكريات الماضي وألم الحنين إلى أحباب اتكؤوا عليهم في لحظات ضعف يوما أو رسموا معهم صورا شتى لمستقبل مبهج مليء بأحلام..