طالما كان المكان أشبه بهمزة الوصل بين الشاعر ونصّه، وهو حاضرٌ حقيقةً أو بظلاله الوارفة في ثنايا تجربته الواقعية التي يترجمها بشعره وينقلها إلينا لتحمل عبق التعلّق بالمكان وذكرياته وحيثياته كلها.
د. إيناس محروس بوبس
أكاديمية وكاتبة سورية
الجديد من الكاتب
تدفق المحتوى
صدحت أفواه السوريين وتطايرت قلوبهم بثورة سلمية ابتدؤوها في منتصف الشهر الثالث من سنة 2011م ولم تُكلل بالنجاح إلا بعد ما يقرب من 14 سنة عجافا ذاق فيها السوريون مرارة القتل ولوعة التشريد.
كان حال العرب مع الشعر قديما كحالنا اليوم مع قنوات الإعلام، وكما تنال بعض هذه القنوات مصداقية وموثوقية عالية من متابعيها، كان حال الشعر والشعراء، فكلام بعضهم لدى الناس صدق لا شبهة فيه.
إن استسهال قول الشعر أنبت في وادينا كثيرا من الطحالب التي صارت تطاول هامات السنديان الشعري، ولعل هذا التردي من تجليات عصر التفاهة وما أثمرته السيولة التواصلية في الإعلام المفتوح ووسائل التواصل.
مسألة التفاضل بين الشعر والنثر عند كثيرين ليست تنازعا بل تكاملا، فالنثر قسيم الشعر وكل منهما يكمل الآخر، ولكل منهما ميدانه وضروبه، وله معاييره الخاصة به.
الحرب الدائرة في قطاع غزة اليوم إبادة جماعية لا يمكن لعاقل أن ينكرها، ولا يخفى على إنسان ما يؤديه الأدب من دور عظيم في تشكيل الوعي الجمعي للناس وتوجيهه.
اعتاد الشعراء والأدباء العرب تدوين أحزان الأمة ونكباتها، حتى صاروا ينبرون إلى ذلك على عجل كأنهم في سباق مع الوقت المنتظر لتحقيق النصر أو نيل الشهادة.
لم يتأخر الشّعر الحديث عن تأريخ الوقائع والأحداث المهمّة في تاريخنا وأيامنا، فرسم انتصاراتنا نجوما وأفراحا تتلألأ في سماء النصر والفخار، وسطر معاناتنا ووصف آلامنا وصور الجراح العميقة تصويرا خالدا.
أثّرت السياسة في الأدب والشعر خلال العصر الأموي تأثيرا كبيرا، وقد رأينا آثارها في ما وصل إلينا من دواوين وأشعار وخطب، وما اتسمت به من ظواهر أدبية وفنية.
نجد في طيات دواوين أشهر الشعراء في صدر الإسلام أمثال حسان بن ثابت وعبد الله بن رواحة وكعب بن مالك كثيرا من الدقائق والتفاصيل التي غاب ذكرها عن سواها من الكتب والمراجع.