فيلم "الفرقة الانتحارية".. لعبة أفعوانية خذلها شباك التذاكر

كان الجزء الأول من الفيلم قد حقق 746 مليون دولار حول العالم عام 2016 مما يكشف "الحقيقة القاسية الناتجة عن إطلاق فيلم بميزانية كبيرة في خضم جائحة".

"الفرقة الانتحارية" كوميديا ​​متقنة تتبادل الإيقاعات الفكاهية مع العنف الشديد (مواقع التواصل)

لم يكد شباك التذاكر يلتقط أنفاسه، الشهرين الماضيين، عبر سلسلة من عروض عطلات نهاية الأسبوع الافتتاحية. بدأها فيلم "مكان هادئ – 2" (A Quiet Place Part II) بحصد 48 مليون دولار، ثم "إف9″ (F9) بـ70 مليونا، و"الأرملة السوداء" (Black Widow ) بـ80 مليونا.

حتى جاء فيلم "الفرقة الانتحارية" (The Suicide Squad) للمخرج والمؤلف الأميركي جيمس غان، والذي عُرض مؤخرا وتوقع له النقاد نجاحا كبيرا، لكنه لم يرق إلى مستوى التوقعات لتخوف الجمهور من متحور دلتا الذي تسبب في زيادة حالات "كوفيد-19" ولم يحقق في أسبوعه الافتتاحي سوى 26.5 مليون دولار فقط بالولايات المتحدة وكندا، حاصدا حتى الآن على مستوى العالم 140.7 مليونا.

وهي أرقام مخيبة للآمال، إذا ما قورنت بميزانية الفيلم التي بلغت 185 مليون دولار.

وكان الجزء الأول من الفيلم قد حقق 746 مليون دولار حول العالم عام 2016، مما يكشف "الحقيقة القاسية الناتجة عن إطلاق فيلم بميزانية كبيرة في خضم جائحة"، حسبما تقول الناقدة ريبيكا روبين.

فيلم الفرقة الانتحارية
حصد فيلم الفرقة الانتحارية إيرادات بقيمة 140مليون دولار مقابل ميزانية بلغت 185 مليونا (مواقع التواصل)

دعابة وعنف وبهجة ووحشية

يقول الناقد ديفيد إيرليش "هناك شيئان يقوم بهما المخرج جيمس غان بشكل أفضل من أي شخص آخر على هذا الكوكب، أحدهما إنتاج أفلام خارقة لامعة بميزانية ضخمة، والآخر صنع احتفالات دموية كبيرة"، لذا يُعد فيلم "الفرقة الانتحارية" الأكثر متعة والأقل كآبة منذ وقت طويل.

كما اعتبر الناقد بريان تاليريكو أن غان قد قدم أقوى أعماله على الإطلاق بهذا الفيلم من خلال مزيج من "الكوميديا الذكية التي تجمع بين روح الدعابة والعنف، والبهجة والوحشية". وكأنها انعكاس مرئي لفيلمه "حراس المجرة" (Guardians of the Galaxy) بجزأيه اللذين عُرضا عامي 2014 و2017، وحققا مجتمعين إيرادات تزيد على مليار و635 مليون دولار، ودارت أحداثه حول الأشخاص الذين يمكن أن يكونوا أبطالا إذا أتيحت لهم الفرصة فقط.

التسلسل الافتتاحي

في التسلسل الافتتاحي لهذا الفيلم، سنتعرف على مجموعة من غير الأسوياء اليائسين وغير المرغوب فيهم، لكنهم يتمتعون بقوة خارقة، لذا تم اختيارهم لتنفيذ مهام حكومية سرية، بعد تزويدهم برقائق مدمجة في مؤخرة رؤوسهم. وذلك تحت قيادة أماندا والر (فيولا ديفيس) التي تُضفي لمسة من الرقي على أدائها كرئيسة لما يسمى الفرقة "إكس" (X) التي يتقدمها ريك فلاج (جويل كينمان) البطولي القوي، وهارلي كوين (مارجو روبي) المتقلبة دائما. والكابتن بوميرانغ (جاي كورتني) وبلاكغارد (بيت ديفيدسون) وصولا إلى الكابوس ويزل (شون غن) أو ابن عرس بعيونه الواسعة، وطوله البالغ 6 أقدام.

وفي الوقت نفسه الذي تتجه فيه هذه المجموعة إلى موت محقق على شاطئ بلد خيالي في أميركا اللاتينية، تهبط مجموعة أخرى على شاطئ آخر، بقيادة بلدسبورت (إدريس إلبا) المتردد في القتل، وبيسميكر (جون سينا) العنيف المتوتر جدا، وبولكا (ديفيد داستمالشيان) المضطرب بشدة، وراتكاتشر2 (دانييلا ملكيور) التي تقود جيشا من الفئران أينما ذهبت، فهي ابنة صائد الفئران الأصلي (تايكا وايتيتي) الشخصية الوحيدة التي تصنع الصداقة والحب، وتستمد قوتها من التحكم في الفئران. ثم القرش الملك (سيلفستر ستالون) الذي يبدو وحشا مخيفا، لكنه أشبه بطفل صغير جدا جائع جدا.

الفوضى كخيار جمالي

ليأخذنا غان بعدها "في رحلة من المرح الدموي الذي يبعث على السخرية، مع طاقم من الشخصيات المسلية، على شكل فريق رائع من غير الأسوياء والمتشردين " على حد وصف إريك كين الكاتب المتخصص في ألعاب الفيديو والترفيه.

ويتم إرسال "الأبطال" في مهمة إلى بلد صغير بأميركا اللاتينية، أُسقطت فيه دكتاتورية شريرة بعد انقلاب عسكري دموي، اتضح أنه أكثر معاداة لأميركا، ويملك قادته من الجنرالات مشروعا سريا خارج كوكب الأرض، عبارة عن منشأة أبحاث سرية للأسلحة البيولوجية يديرها العبقري الشرير المفكر (بيتر كابالدي) من المحتمل أن يُعرض الأمن الأميركي للخطر. ويتعين على الفرقة الانتحارية توقيفهم، وتدمير المشروع، أو الموت. وهو ما يتسبب في حدوث الكثير من الفوضى.

ورغم أن توجيه هذا النوع من الفوضى، دون الضياع في الضوضاء، يُعد أمرا صعبا جدا. لكننا نكتشف أن "هذا المهرجان المذهل من الفوضى أصبح هو الخيار الجمالي الرئيسي في الفيلم الذي تحول إلى أعظم إنجازات غان، حيث لم تجعله الفوضى يخسر شخصياته أبدا". بحسب تاليريكو الذي يُشبه الفيلم بلعبة أفعوانية بدون مكابح، تقوم على كوميديا ​​متقنة للغاية، تتبادل الإيقاعات الفكاهية، مع العنف الشديد. مما يجعله "الفيلم الأكثر عنفا بين أفلام الأبطال الخارقين إلى الآن".

انتقادات مبطنة لدور أميركا

رغم أن غان -الذي كتب النص أيضا- والذي يُصنفه الناقد بيتر برادشو بأنه "مخرج جيد مناسب للفكاهة والعنف الفظيع" برع على مدى 132 دقيقة، في تحطيم الشخصيات السلبية في تفاعلها، وإدارة النغمة الكوميدية مع فريق الممثلين، بكثير من الحيوية والمرح، ومنح إدريس إلبا دورا رائدا، في فيلم حركة قوي، أبرزه كنجم يتمتع بشخصية "كاريزمية". لكنه لم يكتف بأن يكون فيلمه مجرد عمل كوميدي مضحك للغاية، وحرص أن يدس في ثناياه "بعض الانتقادات الخفيفة لدور أميركا في الشؤون الدولية". فالعصابة تقتل أولا، وتطرح الأسئلة لاحقا.

وصانع السلام (جون سينا) الدموي الذي لا يهمه عدد الرجال والنساء والأطفال الذين يقتلهم، باعتباره محارب أميركا الأول الذي يبدو جانبه العنيف جزءا لا يتجزأ من المواقف اليمينية المتطرفة التي تؤمن بمبدأ "السلام بأي ثمن" ليقدم لنا غان بذلك "أكثر أفلام إمتاعا منذ سنوات" كما يقول أولي ريتشاردز.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية