لماذا توقف عرض مسلسل غاندو 2 قبل الانتخابات الرئاسية في إيران؟

توقف بث غاندو عند الحلقة الـ13 على أن يتم استئنافه بعد الإنتخابات. مواقع التواصل
توقف بث غاندو عند الحلقة الـ13 على أن يتم استئنافه بعد الانتخابات (مواقع التواصل)

اعتاد الإيرانيون متابعة المسلسلات الكوميدية والعائلية، التي تبثها القنوات المحلية في أيام عيد النوروز؛ إلا أن القناة الثالثة الإيرانية كسرت القاعدة، وذلك قبيل الانتخابات الرئاسية وأثناء المذكرات النووية بين إيران والغرب، لتقوم ببث مسلسل غاندو 2 (مسلسل أمني-سياسي)؛ مما أدى إلى عودة الخلافات حول المسلسل إلى الواجهة، قبل إيقاف بثه مجددا.

عُرض الموسم الأول للمسلسل في يونيو/حزيران 2019، وتدور قصته حول تسلل جواسيس إلى البلد، لا سيما في الجهاز الدبلوماسي ووزارة الخارجية، والذي أثار موجة من الانتقادات لدى حكومة روحاني ووزارته الخارجية.

أحداث غاندو 2

على خطى ثابتة من الموسم الأول، بدأ الموسم الثاني من "غاندو" (GANDO) ليروي قصة اختطاف الصحفي المعارض والمقيم في فرنسا، روح الله زم، في العراق على يد رجال الاستخبارات الإيرانية، ونقله إلى طهران، وتسليط الضوء على تسلل الجواسيس البريطانيين المرتبطين بجهاز الاستخبارات البريطاني "إم آي 6" (MI6)، ومحاولتهم زرع الفتنة بين السنة والشيعة في إيران.

وتنتقل أحداث المسلسل لتروي مصادرة ناقلة النفط البريطانية "ستينا إمبيرو" (Stena Impero) في مضيق هرمز على يد الحرس الثوري، ليعرج المسلسل إلى طريقة تسلل الجواسيس البريطانيين إلى إيران، ومحاولاتهم اغتيال شخصيات بارزة، وتنفيذ أعمال تخريبية، وفي المقابل إبراز جهود الجهات الأمنية والاستخبارات الإيرانية وقدرتهم على المواجهة.

يدور أحداث غاندو حول نفوذ جواسيس إلى إيران لاسيما في الجهاز الدبلوماسي ووزارة الخارجية. مواقع التواصل
تدور أحداث غاندو حول تسلل جواسيس إلى إيران لا سيما في الجهاز الدبلوماسي ووزارة الخارجية (مواقع التواصل)

مواضيع جدلية

لكن الأمر، الذي أصبح مثيرا للجدل في الموسم الثاني لـ"غاندو"، إضافة إلى مواضيعه الجدلية، هو توقيت بثه أي قبيل الانتخابات الرئاسية (في يونيو/حزيران المقبل)، وكذلك المذاكرات النووية مع الغرب، قبل أن يتم إيقاف بثه عند الحلقة الـ13 على أن يُستأنف بعد الانتخابات.

هذا الأمر أدى إلى انقسام الآراء إلى مجموعتين، حيث تعتقد المجموعة الأولى أن الانقطاع المفاجئ للمسلسل يعود إلى نقص في الإعداد وعدم استكمال الحلقات المتبقية، زاعمين أن بثه بسرعة قبل الانتخابات كان بغرض التأثير على الرأي العام على حساب حكومة روحاني والتيار المعتدل.

أما المجموعة الثانية، فتعتقد أن المسلسل توقف بسبب ضغوط حكومية على هيئة الإذاعة والتلفزيون، وهو ما رفضته حكومة روحاني ورئيس مكتب ديوان الرئاسة لشؤون العلاقات العامة والإعلام، علي رضا معزي.

اتهامات متبادلة

وصرح وزير الخارجية، محمد جواد ظريف، عبر نقاش في تطبيق "كلوب هاوس" (Clubhouse) بأن هذا المسلسل "كذبة" من بدايته حتى نهايته، "وقبل أن يضرني، فقد عاد بالضرر على السياسة الخارجية للبلد، وخلق مناخا من عدم الثقة".

وفي المقابل قال مجتبى أميني، منتج المسلسل، في تغريدته عبر "تويتر" (Twitter) بأن "غاندو لم يكن كذبة، إنه الصوت المخنوق في حناجر الناس، إنه استعراض لخيانة وخداع أميركا وبريطانيا".

وأضاف "غاندو يعتمد على مستندات حقيقية، وسنزوّد الناس من خلال فيلم بالوثائق، التي دعمت البحث لكتابة سناريو غاندو".

ويقول الدكتور سجاد عابدي، الخبير الأمني وعضو معهد الدفاع والأمن الوطني، إن النقاشات بين التيارين اليمين واليسار (الأصوليين والإصلاحيين) كانت موجودة منذ القدم، فالأول يضع كل تركيزه داخل البلد، ويمعن في نظرته الثورية، أما التيار الثاني، فيعتقد أنه يجب علينا التواصل مع العالم الدولي من أجل تحقيق أهداف مبنية على المصالح الوطنية.

يعتقد عابدي بأن تم تضخيم والغلو في مسلسل غاندو . الجزيرة
يعتقد عابدي بأن ثمة تضخيما وغلوا في مسلسل غاندو (مواقع التواصل)

وأضاف عابدي في حديثه للجزيرة نت أنه في مجال السينما وخاصة الأعمال التي تخوض في القضايا العسكرية والأمنية والاستخباراتية، يوجد خبير أمني أو عسكري بجانب المخرج، ويتم تصوير هذه الأفلام اعتمادا على أحداث واقعية أو من خلال المعلومات، التي تم الحصول عليها من المنظمات المستهدفة بالفيلم.

واعتبر عابدي أن ثمة غلوا في المسلسل إذ يكاد لا يخلو من التضخيم. ومن جهة أخرى، تساءل النقاد والمتابعون بشأن التركيز على تسلل الجواسيس إلى الحكومة والجهاز الدبلوماسي تحديدا دون أي مكون آخر من النظام.

وفي هذا السياق، غرّد الوزير السابق للثقافة والإرشاد، علي جنتي، عبر تويتر مقترحا بأن يتم تصوير غاندو 3؛ لتسليط الضوء على أساليب تسلل الجواسيس الإسرائيليين إلى المؤسسات الاستخباراتية والأمنية والعسكرية في البلاد، الذين فجروا مركز نطنز النووي، وسرقوا آلاف الوثائق السرية، واغتالوا محسن فخري زاده بدون ترك أي أثر.

الرأي العام

يعتقد الخبير محمد صادق نصراللهي، الإعلامي وعضو هيئة التدريس في جامعة إمام صادق، بأن الانقسام في أجهزة الحكومة شتت الرأي العام.

وأضاف في حديثه للجزيرة نت قائلا بما أنه تم تصوير "غاندو" على أساس المصلحة الوطنية، فقد تم بثه على القناة التلفزيونية وليس على "الشبكة المنزلية" (Home video). مشيرا إلى أنه ربما لو تم بثه في وقت آخر لما كان بهذه الحساسية.

وحتى يونيو/حزيران 2019 كان اسم غاندو يشير إلى التمساح الإيراني، وهو صغير الحجم وشرس؛ لكن بعد ذلك التاريخ أصبح رمزا للهجوم على حكومة روحاني وجهازه الدبلوماسي في معجم الإيرانيين.

المصدر : الجزيرة