"مملكة إبليس".. عالم معقد تحركه النساء

مملكة إبليس
عادة ما نجد بطلات أعمال محمد راضي قويات ومحركات للأحداث (مواقع التواصل)

لمياء رأفت-القاهرة 

عُرضت أولى حلقات المسلسل المصري "مملكة إبليس" على منصة شاهد بداية فبراير/شباط الجاري، وسريعا ما صنع ضجة على منصات التواصل الاجتماعي، على الرغم من كونه حصريا على شبكة إلكترونية، ليؤكد صحة رهان "شاهد" على اسم محمد أمين راضي كسيناريست، وأبطال العمل المتعددين، مثل أحمد داود، وغادة عادل، وسلوى خطاب وغيرهم. 

خليط من الواقع والخيال
تدور الأحداث في منطقة خيالية تدعى حارة الجنة، لأهلها طباع خاصة، ولها فتوة (فتحي إبليس) بما يشبه فتوات أدب نجيب محفوظ، يعيشون تحت سطوته، ولكنه في الحلقة الأولى يُقتل، وتبدأ مجموعة من الأحداث المتتالية التي تفضح بعض أسرار الحارة، ولكن في ذات الوقت تزيد من الغموض حولها.

فيظهر ابن مجهول لإبليس، يحاول الفوز بالزعامة على الرغم من تربيته المهذبة التي لا تتلاءم مع أخلاق سكان الحارة، ويعمل سرًا تحت قيادة "أزهار" و"كاسية" وهما الزوجة السابقة وابنة خالة المتوفي على الترتيب، تخفيان عدة أسرار مع "داليدا" التي تقدم دورها إيمان العاصي، وزوجة فتحي السابقة "جنية" والتي تؤدي دورها رانيا يوسف.

طوال الوقت يؤكد السيناريو على لسان أبطاله أن أحداثه لا تدور في عالم واقعي تمامًا، بل هناك علامات على أنه ينتمي إلى الواقعية السحرية، سواء من حيث الأسرار، أو لعدم وجود علامات على تداخل البشر العاديين مع أهل الحارة، أو حتى وجود الشرطة عند حدوث جرائم مثل القتل على سبيل المثال. 

ولكن التزام الكاتب بقواعد العالم الذي جسده في الأحداث ارتبكت في بعض الأحيان، ففي أحد المشاهد عندما يُحبس أبطالنا كل في بيته، يكون التواصل بينهم عبر الرسائل الورقية التي يتم إلقاؤها من النوافذ أو بهرب أحدهم لنقل الكلام من شخص لآخر، مما يوحي بأن هذا العالم لا يمتلك أصحابه وسائل اتصال حديثة، لكن في مشاهد تالية نكتشف أنهم يمتلكون هواتف محمولة، وهواتف أرضية بشكل طبيعي تمامًا.

هناك أيضا خطأ آخر، وهو إحدى البطلات التي تقول في مشهد إنها لا تستطيع صرف معاش والدها المتوفى، ولكن في مشهد لاحق نجد والدها مقتولًا حديثًا في الحارة، وبدلا من أن تتفاجأ من أنه كان على قيد الحياة -قبل أن يُقتل- وليس متوفى نجدها تتفاجأ بعودته.

وتتوالى تلك الأخطاء التي تشي بأن كاتب المسلسل لا يمتلك السيطرة على كامل مفاتيح عمله، أو انجرف في السعي وراء سحر الخيال، حتى نسي في بعض الأوقات إحكام التفاصيل التي يتحدث عنها.

المشكلة الثانية خاصة في الحلقات النهائية هي الجانب الوعظي أو الأخلاقي على لسان شخصية "بودي" التي يقدمها خالد أنور وهو ابن إبليس، الذي ألقى على المشاهدين والأبطال الآخرين محاضرات أخلاقية عن الحق والخير والجمال، مع مباشرة شديدة في خطاب المسلسل وتشبيه حال البلاد بحال الحارة، التي تصلح لو صلح زعيمها. 

ولكن على الرغم من هذه المشاكل التي يمكن اعتبارها بسيطة فإن المسلسل تميز بالسلاسة الواضحة، والتشويق الشديد والتسلية، مما جعل الكثير من المتفرجين يشاهدون حلقات الموسم الأول الـ 15 في وقت محدود، رغبة في معرفة ما سيحدث تاليًا وكيف سينجلي كل هذا الغموض، ولكن أتت الحلقة الأخيرة مخيبة للآمال، لأنها امتلأت بالغموض، الذي قد يثير الغضب لو لم يكتب راضي على حسابه بتويتر أن الجزء الثاني تم تصويره بالفعل وانتهى من العمل عليه وفي انتظار تحديد موعد العرض فقط.

 

عالم تحركه النساء
عادة ما نجد بطلات مسلسلات راضي السابقة، كما هو الحال "مملكة إبليس" قويات ومحركات للأحداث، في حين تأتي الشخصيات الذكورية في الصف الثاني، فإبليس الشخصية التي نتوقع أنها الرئيسية وهي فتوة الحارة تموت بنهاية الحلقة الأولى، لتتسيد الموقف كل من أزهار وكاسية وداليدا وحنية، يخفين السر الغامض معًا ويحركن خيوط اللعبة من وراء عدد من الشخصيات الأقل أهمية، يستخدمن خليطا من الدهاء والذكاء والدلال. 

وعلى الرغم من أن الشخصيات يمكن اعتبارها مكتوبة بذكاء، ولكنها إلى حد كبير نمطية للغاية، ومتشابهة حتى مع أعماله السابقة، نساء من الحواري الشعبية إلى حد كبير، بشعر طويل للغاية، وجلابيات ضيقة، ويستخدمن الكلمات البذيئة بحرية، هذا التنميط يخرج من دائرة أن الكاتب له علاماته الواضحة في كل سيناريو يضعه، أو أن تلك لمسته الخاصة أو مفردات عالمه الدرامي إلى دائرة الاستسهال. 

وجاء أداء الممثلات كذلك نمطيا مشابها لما قدمته بطلات مسلسلات راضي السابقة، على الجانب الآخر كان أداء الممثلين أفضل إلى حد كبير، خاصة كريم قاسم وخالد أنور وأحمد داود.

وينتظر الجمهور الجزء الثاني من "مملكة إبليس" وتعالت الأصوات المنادية على تويتر بسرعة العرض، ولكن لا توجد أي إشارات من شاهد بقرب حدوث ذلك، خاصة وأن شهر رمضان بعد شهرين فقط تقريبًا، وقد يضطر هؤلاء المشاهدون إلى الانتظار لهذا الوقت فيحقق المسلسل مشاهدات أعلى.

المصدر : الجزيرة