رقية التركية.. أول أجنبية تنال الماجستير في غزة
علا موسى-غزة
وتعود أصول رقية ديمير إلى مدينة ديار بكر التي تقع جنوب شرق تركيا، وتتقن خمس لغات، الإنجليزية والتركية والعربية والكردية والزازاكية.
ودرست علم النفس بالجامعة الإسلامية العالمية في كوالالمبور في ماليزيا عام 2014.
تقول ديمير "عندما عدت لتركيا بعد انتهاء درجة البكالوريوس شعرت بأنني لم أشبع حاجتي العلمية ولا الإنسانية، كنت أطمح منذ طفولتي لدخول فلسطين، خصوصا غزة والقدس، فقررت أن أرسل للجامعة الإسلامية في غزة طلب قبول في رسالة الماجستير، وأن أدرس وسط معاناة الفلسطينيين، وأجري دراسة في علم النفس هناك".
واعتبرت الجامعة الإسلامية في غزة أن رقية ديمير هي أول طالبة أجنبية استطاعت الوصول إلى مدينة غزة وطلب الانتساب إليها، وسط دهشة الكثيرين وتعجب الناس منها ورغبتها في العيش كما يعيش الغزيون، لكن بالفعل انطلقت في رحلتها على الرغم من المعاناة التي واجهتها على معبر رفح البري قبل وصولها.
رحلة الوصول
حصلت ديمير على إذن رسمي من الخارجية التركية للسماح لها بالدراسة في غزة وتسهيل أوراقها، والسماح بدخولها لغزة من الطرف المصري المتحكم في إدارة معبر رفح الفاصل بين قطاع غزة ومصر، لكن رحلتها إلى غزة استغرقت خمسة أيام حتى استطاعت دخولها في 7 سبتمبر/أيلول 2016.
واعتبرت دمير رحلتها إلى غزة رحلة مليئة بالمخاطر والصعوبات والانتظار، فبعد قبوعها ثلاث ليالي وهي تبيت في طريقها بين مدينة القاهرة والعريش المصرية رفضت الشرطة المصرية دخولها في اليوم الرابع لتعود إلى مدينة العريش المصرية وتجري اتصالا طارئا مع الخارجية التركية.
وسمحت الشرطة المصرية في اليوم التالي بدخولها لغزة، وما إن وصلت غزة حتى قبلت أرضها.
عندما دخلت ديمير غزة وجدتها مدينة مختلفة عما تسمع وتراه عبر الإعلام، فهي شاهدتها مدينة تملؤها الحياة.
ووجدت وهي في طريقها للوصول إلى منتصف مدينة غزة أفراحا واحتفالات، شعرت بالسعادة حينها، وشاهدت بعدها كيف يتزوجون ويفرحون ويضحكون في الوقت الذي يملأ الحزن بيوتهم، وكيف يتأقلمون مع كل الظروف الصعبة ويحاولون أن يسعدوا أنفسهم.
وتضيف ديمير "ما أجمل غزة وفلسطين! كنت أتعجب وأنا طفلة وأشاهد الطفل الذي يقذف الاحتلال الإسرائيلي بالحجارة ويقتله، أقول: لماذا يخافون منه؟ الإسرائيليون أقوياء ويملكون سلاحا، لكن لماذا يحملون السلاح الكبير والضخم أمام أبرياء، عندما دخلت غزة قررت أن أجري دراسة في علم النفس عن عمل المرأة الفلسطينية تحت الضغط الكبير، واخترت الشرطيات في غزة".
معايشة الظروف الصعبة
على مدار عامين من الدراسة للحصول على درجة الماجستير، قضت ديمير تتعرف على المجتمع الغزي أكثر فأكثر، عايشت ظروفه في قطع الكهرباء والماء والقصف الإسرائيلي، حتى أنها تزوجت قبل عام من باسل صالحية.
استهدفت خلال دراستها النهائية لإتمام درجة الماجستير الشرطيات الغزيات نموذجا للدراسة لأنهن يواجهن عقبات إضافية عن بقية النساء اللواتي يعملن في هذا المجال حول العالم، إلى جانب بحث الآثار السلبية التي تلاحقهن في مجتمع محاصر وتحت الاحتلال ومدى جودة العمل تحت الضغط، وكان عنوان البحث "الإدراك الذاتي وإستراتيجيات التكيف للمرأة في المهن التي يهيمن عليها الرجال في غزة".
تقول ديمير "وجدت في الشرطيات في غزة طاقة كبيرة جدا، فمثلا وجدت في دراسات باللغة الإنجليزية أن الشرطيات في العالم يواجهن مشاكل كبيرة في التوفيق بين العمل وبين المهام المنزلية، ويعملن قرابة ست ساعات".
بينما في غزة الشرطية تعمل ثماني ساعات، وتعود إلى المنزل للطبخ والغسيل والواجبات المنزلية، وفوقها تقوم بالزيارات العائلية والطقوس الدينية، وهذا مؤشر إيجابي كبير أيضا.
وحصلت رقية على تقدير جيد جدا في درجة الماجستير، لكنها لا تزال تملك حلما إضافيا عن حلم الوصول لغزة، وهو أن تحصل على درجة الدكتوراه من داخل مدينة القدس المحتلة عندما تتحرر من الاحتلال الإسرائيلي.