الكساد يضعف قوة أوروبا

في مقال بمجلة "السياسة الخارجية" الأميركية، يرى مدير الشؤون الخارجية والدفاع في مركز الإصلاحات الأوروبية في لندن توماس فالاسيك أن الأزمة الاقتصادية قد أثقلت كاهل الميزانيات في مختلف أنحاء أوروبا في الوقت الذي تراجعت فيه العائدات.

إعلان
 
وأضاف أنه بينما تزايدت قيمة المحفزات وخطط الإنقاذ, فإن هناك ما يدل على أن الإنفاق الدفاعي عبر القارة سيعاني هو الآخر جراء ذلك, فوزراء المالية سينظرون في طرق تخفيض العجز وهدفهم المفضل في هذا السياق هو الميزانيات العسكرية.
 
إعلان
وبينما يمكن أن تسفر مثل هذه التخفيضات عن بعض النتائج  الحميدة, لكن الدوائر الدفاعية تقاوم فرض وجهة نظر المدنيين على أعمالهم وفرض إصلاحات جدية، علاوة على أن الاقتطاعات تهدد كذلك بتآكل كفاءة القوات الأوروبية وتعريض أجزاء من العالم لفقدان الأمن.
 
إن الجزء الأسهل هو خفض الميزانيات ولكن الأهم هو العمليات, فرغم أن سحب الجنود من مناطق بعيدة سيكون له وقع محبب في الداخل, فإنه يعني وجود عدد أقل من الجنود في مناطق خطيرة, فقد أعلنت بولندا أنها ستنسحب من عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في الوقت الذي ما زالت فيه دول ضعيفة مثل تشاد ولبنان بحاجة إلى قوات أجنبية لحفظ السلام.
 
بدلا من الانسحاب من مناطق الصراع, من الأفضل للدول الأوروبية والمنظمات عدم الإفراط في القيام بمهمات متعددة في مناطق النزاع نفسها كما فعل الاتحاد الأوروبي والناتو في السودان عام 2007، كما أن هناك ثلاث قوى مختلفة تكافح القرصنة على السواحل الصومالية ومن الأفضل توحيد تلك  العمليات، فازدواجية تلك المهمات تبدد أموال دافع الضرائب.
 
إعلان
من أجل توفير وضغط النفقات قد تلجأ المؤسسات العسكرية إلى حصر شراء الأسلحة وبرامجها على القطاع المحلي ولكن ذلك يحمل في ثناياه مخاطر، نظرا لكون العديد من الأنظمة العالية الكلفة ومنها طائرات النقل والاستطلاع الأرضي من الجو قد استقر الأمر على إنتاجها ضمن مجموعة من الدول ومنها خطة مجموعة الدول السبع لتطوير طائرة النقل العسكرية المعروفة باسم "أي.400.أم"، وهي الطائرة التي لا تستطيع الإقلاع لأن محركاتها التي اشتركت أربع دول في صنعها ما زالت بحاجة إلى الترخيص المناسب كما ذكر أنها ثقيلة جدا ولكن العيب لا يكمن في محركاتها بل في تركيز المصممين على إيجاد الوظائف أكثر جودة للمنتج.
 
يهدد خفض الميزانيات خاصة فيما يتعلق بشؤون الأفراد والمعدات بجعل القوات العسكرية مجرد قوات للاستعراض وغير قادرة على الانتشار في الخارج وتصبح غير مناسبة لمعظم عمليات الناتو والاتحاد الأوروبي والعمل في مناطق نائية مثل أفغانستان, وهناك طريقتان لتحاشي مثل تلك النتائج مع استمرار خفض الميزانيات ومنها الملكية المشتركة لطائرات الاستطلاع والنقل العسكري، علما بأن الناتو يخطط لشراء طائرات نقل ليستخدمها أعضاء الحلف، وهو ما يسمح للدول الأصغر والأفقر من الدول الأوروبية بالمساهمة في  العمليات المعقدة في المناطق النائية.
 
لكن هذا بمفرده لا يمكنه خلق توفير كاف, وحقيقة الأمر أنه  آن الأوان لأن تفكر الدول الأوروبية في النظر في إمكانية الاستغناء عن أجزاء من قواتها الوطنية وبنيتها التحتية لصالح شكل من أشكال القوات المشتركة مع جيرانها وعلى تلك الحكومات، إن كانت تبتغي التوفير في النفقات العسكرية، التفكير في اعتماد معايير راديكالية للتوفير ويجب أن تحذو مزيد من الحكومات حذو بلجيكا وهولندا ولوكسمبورغ التي دمجت أجزاء من قواتها الجوية أو تحاكي دول شمال أوروبا التي تفكر في دمج وحداتها البرمائية.
 
وجدت معظم الدول الأوروبية في الماضي أنه من الصعب المس بما يمثل رمز السيادة الوطنية لها المتمثلة في الجيش وسلاح الجو، لكن تلك القوات لم تقدم خدمات كبيرة ومساهماتها العسكرية لا تكاد تذكر, والآن ومع تعمق وتجذر الكساد على وزراء الدفاع في مختلف أنحاء أوروبا أن يروا في الأزمة المالية فرصة من أجل دمج وحدات معينة من قواتها وبرامجها العسكرية وهو ما سيوفر الأموال التي يمكن استخدامها من أجل تدريب وتسليح القوات من أجل تنفيذ عمليات الاتحاد الأوروبي والناتو.
المصدر : الصحافة الأميركية

إعلان