قطر والجزائر.. توافق سياسي وشراكة إستراتيجية واعدة

أمير قطر (يمين) يستقبل الرئيس الجزائري لدى وصوله إلى مطار الدوحة الدولي (وكالة الأنباء القطرية)

تربط دولتي قطر والجزائر علاقات وثيقة على مختلف الأصعدة السياسية والاقتصادية، وتمتد جذور هذه العلاقات التاريخية بين البلدين منذ سنين طويلة.

وصقلت العلاقات القطرية الجزائرية عقود من التعاون والتآزر بين قيادتي البلدين، إذ تعدّ دولة قطر من الدول التي دعمت نضال الشعب الجزائري وثورته منذ بداياتها ووقفت بكل ثقلها إلى جانب الجزائر، بما يدلّل على عمق العلاقة الوطيدة والأخوة العميقة والثقة المتبادلة التي تجمع الدولتين.

وتعززت العلاقات بين الجانبين عبر سلسلة من الزيارات المتبادلة بين قيادتي البلدين، فقد سبق لأمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني زيارة الجزائر في عامي 2014 و2016 إبان حكم الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة، ثم كانت زيارته الأخيرة في فبراير/شباط 2020 بعد وصول الرئيس عبد المجيد تبون إلى سدة الرئاسة.

إعلان

ووصل الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، أمس السبت، إلى الدوحة في زيارة "دولة" إلى قطر بدعوة من أميرها الشيخ تميم بن حمد آل ثاني.

وقالت الرئاسة الجزائرية إن زيارة تبون إلى قطر تندرج في "إطار تعزيز العلاقات الأخوية بين الشعبين، ودفع أطر التعاون الثنائي قدما، بما يجسد متانة العلاقات وتجذرها بين قيادتي البلدين وشعبيهما".

أمير قطر (يمين) يبحث مع تبون اليوم الأحد العلاقات الثنائية والتطورات الإقليمية (وكالة الأنباء القطرية)

متانة العلاقات

من جانبه، قال الديوان الأميري القطري إن أمير دولة قطر سيستقبل اليوم الأحد الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، مشيرا إلى أن الجانبين سيبحثان العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين وسبل دعمها وتعزيزها، فضلا عن آخر تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.

إعلان

وتعكس زيارة الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون للدوحة موقع دولة قطر على خريطة الدبلوماسية الجزائرية، كونها أول زيارة يقوم بها الرئيس الجزائري إلى دولة خليجية منذ وصوله إلى سدة الحكم في نهاية عام 2019.

كما تعكس الزيارة أهمية الدور الذي تضطلع به دولة قطر بمحيطها العربي والدولي على الأصعدة كافة بخاصة السياسي والاقتصادي، كما ستشكل نقلة وإضافة لرصيد العلاقات الأخوية المتينة القائمة بين البلدين، وستعزز التنسيق والتفاهم المتبادل بين قيادتي الدولتين تجاه مستقبل وآفاق العلاقات الثنائية والارتقاء بها، وتجاه مختلف القضايا العربية والإقليمية والدولية الراهنة.

ومن المؤكد أن القمة القطرية الجزائرية تشكل فرصة لمواصلة ما أنجزه البلدان، وما يطمحان إليه على طريق الارتقاء بالتعاون والتنسيق بينهما في المجالات كافة خدمة لمصالح وتطلعات شعبيهما، وستؤسس لمرحلة ومحطة جديدة في العلاقات بين البلدين.

الغاز والقضايا العربية

وتكتسب زيارة تبون للدوحة بعدا استثنائيا من حيث توقيتها، إذ تأتي قبل انعقاد القمة العربية التي ستستضيفها الجزائر، كما تتزامن مع القمة السادسة لرؤساء الدول الأعضاء في منتدى الدول المصدرة للغاز التي ستعقد بالدوحة الأسبوع الجاري.

وتتميز العلاقات بين دولة قطر والجزائر على المستوى السياسي، حيث ترتكز على الاحترام المتبادل والتشاور والتنسيق المستمرين حول القضايا ذات الاهتمام المشترك، كما تعدّ العلاقات الثنائية ببين البلدين تاريخية ومتنامية عبر محطات مضيئة، إذ ترجع الروابط الأخوية بين البلدين إلى سنوات طويلة مضت، وترسخت عبر عقود من التعاون والتآزر بين قيادتي البلدين.

وإلى جانب العلاقات الثنائية بين البلدين، سيكون الملف الفلسطيني والقمة العربية المقبلة التي تحتضنها الجزائر والنزاع الليبي على رأس أجندة الملفات التي ستُبحث في القمة القطرية الجزائرية.

إعلان
السفير مصطفى بوطورة يقول إن الزيارة فرصة للتنسيق بشأن المسائل المتعلقة بالغاز (الصحافة القطرية)

استقرار أسواق الغاز

ويقول سفير الجزائر لدى الدوحة الدكتور مصطفى بوطورة إن زيارة تبون إلى دولة قطر تكتسب أهمية بالغة على كل المستويات، وستعطي دفعا قويا للعلاقات الثنائية بين البلدين.

ويضيف بوطورة ، في تصريح صحفي، أنه من المنتظر أن تتوّج الزيارة بالتوقيع على مجموعة اتفاقيات ومذكرات تفاهم لفتح آفاق جديدة للتعاون الثنائي لتشمل جميع الميادين بما يعكس الإمكانات الكبيرة المتوفرة في البلدين.

ونوّه السفير الجزائري إلى أن زيارة تبون تأتي عشية استضافة الدوحة للقمة السادسة لرؤساء دول وحكومات الدول الأعضاء في منتدى الدول المصدّرة للغاز في 22 فبراير/شباط الجاري، وستكون فرصة للتنسيق بين القادة بشأن المسائل المتعلقة بالغاز.

إعلان

كما ستكون الزيارة، حسب بوطورة، مناسبة للتباحث في آخر التطورات السياسية الأخيرة، ولإعادة تأكيد دعمهم المستمر لأهداف المنتدى المتمثلة أساسًا في بناء آلية حوار بين منتجي ومستهلكي الغاز من أجل ضمان استقرار وأمن العرض والطلب في الأسواق العالمية للغاز الطبيعي.

أكبر مستثمر

وفي ما يتعلق بالجانب الاقتصادي، تُعدّ قطر أكبر مستثمر عربي في الجزائر، فهي من الوجهات الاستثمارية التي تلقى اهتمام رجال الأعمال القطريين، فقد أنشئ في السنوات الأخيرة عدد من المشروعات الاستثمارية القطرية بالجزائر.

كان أبرز تلك المشروعات مشروع "بلارة الجزائري القطري للصلب" بولاية جيجل، الواقعة شمال شرقي الجزائر العاصمة، على مساحة تبلغ نحو 216 هكتارا، وبتكلفة ملياري دولار تقريبا، بالإضافة إلى مجموعة "أُوريدو" القطرية للاتصالات، التي حققت وتحقق نجاحا معتبرا في الجزائر.

إعلان

كما توجد عشرات الشركات القطرية الجزائرية المشتركة العاملة في السوق القطرية، ومن المنتظر زيادة أعدادها في الفترة المقبلة، خصوصا مع توفر العديد من الفرص الاستثمارية في مختلف القطاعات الاقتصادية، لا سيما الصناعات الصغيرة والمتوسطة، في ضوء قدرات وإمكانات الدولتين.

ويقول رئيس غرفة التجارة والصناعة الجزائرية الطيب شباب إن الفترة الأخيرة شهدت ارتفاعا كبيرا في حجم التبادل التجاري بين الجزائر وقطر، موضحا أن هناك رغبة في توسيع حجم الاستثمارات بين البلدين، خاصة في مجال البتروكيماويات.

وأوضح شباب، في تصريح صحفي، أن هناك تشابها كبيرا في مناخ الاستثمار بين البلدين، وهو الأمر الذي من شأنه خلق شراكات قوية متوسطة وبعيدة المدى، لافتا إلى أن النصف الأول من العام الجاري سيشهد عددا من اللقاءات بين الجانبين القطري والجزائري، لبحث سبل تعزيز التعاون وإعطاء الشراكة القطرية الجزائرية دفعة قوية.

غريب يصف العلاقات بين قطر والجزائر بالتاريخية (الجزيرة)

علاقات وطيدة

من جهته، يقول الإعلامي القطري صالح غريب إن العلاقات بين دولة قطر والجزائر علاقات تاريخية، وتشهد على مدار العقود الماضية نموا وتطورا كبيرا على جميع الصعد سواء السياسية أو الاقتصادية أو الرياضية أو الاجتماعية.

ويشير غريب، في تصريح للجزيرة نت، إلى أن دولة قطر دعمت نضال الشعب الجزائري وثورته منذ بداياتها، ومن هنا نرى حجم عمق العلاقة الوطيدة بين الدولتين والمعتمده على الثقة المتبادلة.

ويضيف "لا شك أن موقف الجزائر خلال الأزمة الخليجية كان محل إعجاب وتقدير من الشعب القطري لهذا الموقف؛ ومن هنا تعززت العلاقات وتوسعت وازدادت رسوخا عبر سلسلة من الزيارات المتبادلة بين قيادتي البلدين".

وأوضح أن زيارة الرئيس الجزائري للدوحة تأتي في إطار عقد اجتماع الدول المصدرة للغاز باعتبار أن قطر والجزائر من أكبر مصدري الغاز الطبيعي في العالم، فضلا عن دورهما المحوري في إطار جامعة الدول العربية وفي المحيط الإقليمي، كما أن الدوحة والجزائر تجمعهما رؤى واحدة ومواقف مشتركة ومبادئ راسخة تجاه المصالح الثنائية والقومية والقضايا العربية والدولية والأمن والسلام في العالم.

كما نوّه غريب إلى أن الاستثمارات القطرية في الجزائر ترتفع ارتفاعا كبيرا في السنوات الأخيرة وشهدت قفزات نوعية، مشيرا إلى أن تبادل الزيارات، بخاصة على مستوى قيادتي البلدين، سيسهم في زيادة المشروعات والاستثمارات بين الدولتين.

المصدر : الجزيرة

إعلان