توتر متصاعد في الأقصى.. قلق أميركي وتضامن إسلامي وعربي مع قضية القدس

قوات الاحتلال اقتحمت الليلة الماضية باحات المسجد الأقصى وأصابت أكثر من 200 فلسطيني بجروح (الأناضول)

أبدت الولايات المتحدة قلقها من التوتر المتصاعد في القدس والمسجد الأقصى على خلفية مساعي الاحتلال الإسرائيلي طرد عائلات من منازلها لصالح المستوطنين، وسط تنديد عربي وإسلامي بقمع قوات الاحتلال للمصلين في المسجد الأقصى.

وقالت وزارة الخارجية الأميركية إنها قلقة للغاية بشأن التوترات المتصاعدة في القدس الشرقية، داعية جميع الأطراف إلى ضمان الهدوء والتصرف بمسؤولية لتهدئة التوترات وتجنب المواجهات، والامتناع عن الأعمال والخطابات الاستفزازية.

كما قالت الخارجية الأميركية إنها تشعر بقلق بالغ إزاء احتمال إجلاء عائلات فلسطينية تعيش منذ أجيال في حي الشيخ جراح.

إعلان

وكانت المحكمة المركزية الإسرائيلية بالقدس المحتلة قضت في وقت سابق من العام الجاري بإخلاء 4 منازل يسكنها فلسطينيون لديهم عقود معطاة من السلطات الأردنية، التي كانت تدير القدس الشرقية بين عامي 1948 و1967، تثبت ملكيتهم للعقارات في الحيّ، وهو ما أثار سخط الفلسطينيين.

من جهته قال وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي إن ما تقوم به قوات الاحتلال الإسرائيلي من اعتداءات على سكان حي الشيخ جراح في القدس يرقى إلى مستوى جريمة ضد الإنسانية.

وأضاف المالكي -في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره التركي مولود جاويش أوغلو- إن السلطة الفلسطينية طلبت من المحكمة الجنائية الدولية أن تأخذ موقفا واضحا من هذه الاعتداءات.

إعلان
سيارات الإسعاف التابعة للهلال الأحمر تنقل المصابين من باحات الأقصى ومحيطه (الفرنسية)

دعم تركي وإيراني

بدوره قال وزير الخارجية التركي إنه اتفق مع نظيره الفلسطيني -في المؤتمر الصحفي المشترك في أنقرة- على نقل قضية القدس إلى منظمة التعاون الإسلامي العالمية.

وبين أوغلو أن تركيا مستعدة دائما لتقديم كل أنواع الدعم السياسي والمالي والتقني، من أجل إنجاح الانتخابات الفلسطينية لتجرى وفق المقاييس الدولية.

وأضاف أوغلو أن من الممكن أن يلتقي بنظيره المصري سامح شكري كما التقى به في عدة مرات سابقة، وأن تحسّن العلاقات المصرية سينعكس إيجابيا على تنسيق الجهود في القضية الفلسطينية.

ودانت الرئاسة التركية الهجوم الذي وقع اليوم على المسجد الأقصى بالقنابل الصوتية، مؤكدة أنه لا يمكن المساس بالمقدسات.

وقالت الرئاسة في بيان صادر عن دائرة الاتصال إنها تتابع بقلق سياسة العنف والاحتلال التي تمارسها إسرائيل بحق الفلسطينيين.

كما أعرب زعيم المعارضة التركية كمال كليجدار أوغلو عن إدانته الشديدة لاعتداء الشرطة الإسرائيلية على المصلين في المسجد الأقصى، وأكد في تغريدة تضامنه مع "الشعب الفلسطيني الشقيق".

إعلان

وفي إيران، اعتبر المرشد الأعلى علي خامنئي أن إسرائيل "ليست دولة بل معسكرا إرهابيا ضد الشعب الفلسطيني والشعوب المسلمة الأخرى"، متوقعا مرة أخرى "زوالها".

وأضاف خامنئي -في خطاب بمناسبة "يوم القدس" الذي تحييه إيران في يوم الجمعة الرابع من شهر رمضان كل عام- أن "مكافحة هذا الكيان السفّاك، هي كفاح ضد الظلم ونضال ضد الإرهاب، وهذه مسؤولية عامة".

غوتيريش وقضية فلسطين

وفي هذا السياق، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش اليوم الجمعة إن القضية الفلسطينية هي قضية مركزية بالنسبة إليه، داعيا للتعاون الإقليمي من أجل حلها.

إعلان

وأفاد غوتيريش -في لقاء متواصل مع ممثلي الدول الأعضاء في الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك- بأن "القضية الفلسطينية هي قضية مركزية بالنسبة إلي، ونعمل على أساس القانون الدولي وعلى أساس قرارات الهيئات الأممية المختلفة".

وأضاف "نعتبر مسألة كون القدس عاصمة للبلدين (فلسطين وإسرائيل) أمرا ينبغي تعزيزه".

واعتبر أن تأجيل الانتخابات الفلسطينية، بعد رفض الاحتلال إجراءها في القدس، في هذه المرحلة عرقل التوصل إلى حل الدولتين.

إعلان

وكانت الأمم المتحدة طالبت إسرائيلَ بالوقف الفوري لجميع عمليات الطرد من حي الشيخ جراح في القدس.

واعتبرت الأمم المتحدة -في بيان سابق- أن قرار الطرد، في حال اتخاذه، سيعد انتهاكا إسرائيليا للقانون الدولي، وأكدت أن القدس الشرقية لا تزال جزءًا من الأراضي الفلسطينية المحتلة.

وقال المتحدث باسم مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان روبرت كولفيل إن أوامر عمليات الإجلاء إذا صدرت وتم تنفيذها، فستنتهك التزامات إسرائيل بموجب القانون الدولي بشأن القدس الشرقية.

إعلان

وأضاف "ندعو إسرائيل إلى وقف كل عمليات الإخلاء القسري فورا، بما في ذلك الشيخ جراح، والكف عن أي نشاط يسهم في زيادة المناخ القسري".

دعم عربي

من جانبها، دانت قطر بأشد العبارات اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي باحات المسجد الأقصى المبارك، واعتداءها الوحشي على المصلين، معتبرة ذلك استفزازا لمشاعر ملايين المسلمين حول العالم، وانتهاكا صارخا لحقوق الإنسان والمواثيق الدولية.

وأكدت وزارة الخارجية القطرية -في بيان- على ضرورة تحرك المجتمع الدولي بشكل عاجل لوقف الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة بحق الشعب الفلسطيني الشقيق والمسجد الأقصى المبارك.

إعلان

ودان وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني -في تغريدة- اقتحام قوات الاحتلال باحات المسجد الأقصى، واعتداءها "الوحشي" على المصلين.

 

وأعربت وزارة الخارجية المصرية –في بيان- عن "بالغ إدانتها" واستنكارها للاعتداء على المُصلين، وأكدت ضرورة تحمّل السلطات الإسرائيلية مسؤوليتها لتوفير الحماية اللازمة للمدنيين الفلسطينيين وحقهم في ممارسة الشعائر الدينية، وكذلك وقف أي ممارسات تنتهك حُرمة المسجد الأقصى وشهر رمضان.

ونددت الخارجية السعودية بأي إجراءات أحادية الجانب في القدس، وبكل ما قد يقوّض فرص استئناف عملية السلام، وأكدت رفض المملكة خطط وإجراءات إسرائيل لإخلاء منازل فلسطينية بالقدس وفرض السيادة الإسرائيلية عليها.

إعلان

أما الكويت، فأصدرت وزارة خارجيتها بيانا يدين ويستنكر بشدة استمرار إسرائيل في بناء المستوطنات، وما تمارسه من عمليات تهجير وإخلاء في القدس الشرقية، ولا سيما في حي الشيخ جراح.

وكان وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي قال إن ترحيل أهالي الشيخ جراح في القدس من منازلهم جريمة يجب أن يمنع العالم حدوثها.

وأضاف الصفدي -في سلسلة تغريدات على حسابه في تويتر، اليوم الجمعة- أن الفلسطينيين المهددين بالترحيل هم المالكون الشرعيون لبيوتهم، كما تثبت وثائق سلّمها ‫الأردن للجانب الفلسطيني.

إعلان

واعتبر الصفدي أن استمرار إسرائيل في ممارساتها غير الشرعية، وخطواتها الاستفزازية في ‫القدس المحتلة، وانتهاك حقوق الفلسطينيين، بما في ذلك حق أهالي ‫الشيخ جراح في بيوتهم؛ لعب خطير بالنار.

كما دانت الخارجية اليمنية اقتحام الأقصى، وطالبت المجتمع الدولي بالتدخل الفوري لإيقاف تلك الاعتداءات.

وفي طرابلس، اعتبر رئيس الحكومة الليبية الهجوم على الأقصى يقوّض السلام، ودعا المجتمع الدولي لإيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية.

إعلان

من جانبه، وصف شيخ الأزهر أحمد الطيب اقتحام الأقصى والاعتداء السافر على المصلين بأنه إرهاب صهيوني غاشم، في ظل صمت عالمي مخز.

أما القيادي الحوثي محمد علي الحوثي، فقال إن استمرار النضال الجهادي الفلسطيني عنوان عزة وتحرك صحيح لنيل النصر والاستقلال.

دعم شعبي

شعبيا، شارك عشرات الموريتانيين -اليوم الجمعة- في وقفة تضامنية مع أهالي حي الشيخ جراح بالقدس، في العاصمة نواكشوط.

وبحسب مراسل الأناضول، فقد رفع المشاركون في الوقفة التي نظمتها "المبادرة الطلابية لمناهضة الاختراق الصهيوني والدفاع عن القضايا العادلة" (غير حكومية)، لافتات كتب عليها "أنقذوا حي الشيخ جراح" و"لبيك يا أقصى".

وفي لبنان، خرجت مسيرات واحتجاجات في عدد من المناطق والمخيمات الفلسطينية، ومنها مخيم عين الحلوة في مدينة صيدا (جنوب)، ومخيم البداوي (شمال)، ومخيما برج البراجنة وشاتيلا في العاصمة بيروت.

وضجّت المنصات العربية بالتفاعلات والصور ومقاطع الفيديو الموجهة لدعم مدينة القدس المحتلة، تزامنا مع يوم القدس العالمي، في حين خرجت المسيرات الحاشدة في عدد من الدول العربية نصرة للمدينة المقدسة.

وعبّر مغردون من خلال التفاعل عبر وسوم عديدة منها: #الشيخ_جراح و #المسجد_الأقصى و #يوم_القدس_العالمي عن تضامنهم مع أهالي مدينة القدس، وتحديدا أهالي حي الشيخ جراح الذين يعانون من اعتداءات وانتهاكات وحشية يمارسها الاحتلال ليل نهار بحقهم.

قوات الاحتلال تعزز وجودها في باحات الأقصى (الأناضول)

وتداول النشطاء مقاطع فيديو وصورا من باحات المسجد الأقصى اليوم، حيث الحشود الغفيرة التي أتت لنصرة المسجد الأقصى، وردد المصلون خلالها التكبيرات والهتافات، وأدوا القسم بحماية المسجد الأقصى في مشهد مهيب.

في حين تناقلت وسائل إعلام عربية ونشطاء مقاطع فيديو صورا توثق انطلاق المسيرات الحاشدة في عدد من الدول العربية نصرة للقدس في يومها العالمي الذي يأتي تزامنا مع الجمعة الأخيرة في شهر رمضان، ورفع المشاركون مجسمات لقبة الصخرة وعبارات ترفض التطبيع وتؤكد على حرية القدس ونصرتها.

وكتب النائب البحريني السابق جواد فيروز عبر تويتر "تحية إكبار وإجلال للشعب الفلسطيني البطل في نضاله البطولي دفاعا عن أرض المقدسات أمام الآلة القمعية لدولة الاحتلال".

وتفاعل المحلل والأكاديمي حيدر اللواتي بالقول "فلسطين هي القضية، والكيان الصهيوني هو العدو، والأقصى هو الهدف والشعار، والاحتفاء بيوم القدس يعني رفض شرعنة الاحتلال الصهيوني لفلسطين، وأصبح هذا اليوم مظهرا من مظاهر الصراع بين الحق والباطل وسيبقى حيا في وجدان الأمة".

يشار إلى أن يوم القدس العالمي هو حدث سنوي يعارض احتلال إسرائيل للقدس، ويتم خلاله حشد وإقامة المظاهرات المناهضة للصهيونية في بعض الدول العربية والإسلامية والمجتمعات الإسلامية والعربية في مختلف أنحاء العالم.

المصدر : الجزيرة + وكالات

إعلان