افتضاح كذبة "مثلث الشريعة" في لاهاي
نصر الدين الدجبي-لاهاي
وكانت صحيفة "تراو" الهولندية قد نشرت مجموعة من التقارير تداولتها وسائل إعلام أخرى تصور فيها حي "شخيلدرزفاك" الذي تسكنه أغلبية مسلمة في مدينة لاهاي الهولندية، بأنه مرتع لمثلث لتطبيق الشريعة على المواطنين في الحي، في إشارة إلى إجبار الفتيات على تغطية الرأس واللباس الطويل ومنع الشباب من التدخين والسكر وبيع لحم الخنزير.
كما أوردت التقارير أن الحي أصبح عبارة عن جزيرة تطبق فيها الشريعة والخلافة المصغرة. ولكي يغطي الصحفي فبركته للقصص الخيالية، فقد اعتمد على مصادر احتفظ بها لنفسه وأبقاها مجهولة. وقد لمح في أكثر من مناسبة أنه يحتفظ بمصادره لنفسه خوفا من ردود الفعل السلبية من الشباب المسلم المساند لتطبيق الشريعة في الحي.
وأدت تلك التقارير إلى ردود فعل سياسية وإعلامية صاخبة ضد المسلمين في حين شكك المسلمون في صحة ما أورده الصحفي.
وبعد الاعتراضات والاحتجاجات من المسلمين وموظفي بلدية لاهاي على صحة ما ورد في تقارير "تراو" عن "مثلث الشريعة"، اضطرت الصحيفة إلى إجراء تحقيق مستقل للتأكد من مصادر التقارير وتوصلت اللجنة المستقلة إلى وجود اختلالات وعيوب مهنية.
عيوب مهنية
وقد اعترفت الصحفية على لسان رئيس تحريرها الأربعاء الماضي بوجود العيوب المهنية واضطرت إلى التخلي عن خدمات الصحفي دون أن تذكر اسمه.
ولكن لا تحتاج إلى عناء كبير لتعرف اسم الصحفي الذي تحدث في أكثر من مرة في وسائل الإعلام كخبير في التطرف وقالت قناة إن أو إس الإخبارية الهولندية وصحف أخرى أن الصحفي هو "بارديب راميزار" والواضح أنه من أصول هندية انتدب في الصحفية منذ 2012.
وبالرجوع إلى حساب الصحفي المفصول، وجد أنه لم يستخدمه منذ 7 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، ولا حتى لينفي العيوب المهنية التي اتهم بها.
وقد أدت تقارير مثلث الشريعة إلى ضجة إعلامية وجدل في الأوساط السياسية الهولندية وتزامنت مع التقارير المتتالية والتي تتحدث عن تصدير الجهاديين إلى سوريا واحتضان الحي لقيادات من مناصري تنظيم الدولة الإسلامية.
والمتصفح لموقع غوغل وصحيفة "تراو" باللغة الهولندية يجد أن التقارير التي تتحدث عن مثلث الشريعة لا تزال متاحة للقراء إلى الآن.
وعلى إثر الجدل في هولندا بشأن مصداقية التقارير، أقر رئيس تحرير صحيفة "تراو" الأربعاء الماضي في بيان على الصحيفة أن نتائج البحث أكدت عدم القدرة على التثبت من المصادر التي اوردها الصحفي في تقاريره عن "مثلث الشريعة".
وتابع رئيس التحرير أنه بناء على البحوث الداخلية والتقارير المستقلة، والاستماع إلى الاطراف، تقرر إعفاء المحرر من العمل.
المصداقية
وقال رئيس تحرير الصحيفة أن لجنة مستقلة للبحث في المصادر والمعلومات التي وردت في التقارير قد تشكلت وأكدت وجود الخروق وقال "بالنسبة لصحيفة تراو فإن المصداقية أولوية قصوى ولذلك قمنا ببحث مستقل".
وتحدث الباحث جيرار سميت من المدرسة العليا في اتريخيت والمختص في علوم الأخبار عن الخروق البارزة في المقالات التي عرفت اصطلاحا باسم "مقالات مثلث الشريعة".
وبين سميت -في تحليل مطول تداولته العديد من وسائل الاعلام- أن المقالات تفتقد إلى المصداقية في التناول، حيث أن دراسة أجريت على ما ورد في المقالات توضح غياب الموضوعية والمهنية وكثرة الاختفاء وراء المصادر المجهولة دون مبرر حقيقي موجب لذلك.
وأوضح أرنولد فان دورن -عضو بلدية لاهاي- أنه شكك أكثر من مرة فيما أورده الصحفي من المقالات على صحيفة "تراو" وما تردده وسائل إعلام أخرى عن مثلث الشريعة.
وبين فان دورن للجزيرة نت أنه قام بتحركات في الأثناء مع الساسة والمجلس البلدي والصحافة ولكن لم يكلف أحد نفسه عناء البحث والتحقيق في ما أورده الصحفي.
قال فان دورن "يقول الصحفي إنه ظل طوال أشهر يبحث في الحي ولكن لم يره أحد من سكان الحي ولم يتحدث إلى أي شخص منا". |
في الميزان
وشكك فان دورن -الذي كان أحد قيادات حزب اليميني المتطرف خيرت فيلدرز قبل أن يتحول إلى الإسلام- في مصداقية الصحفي قائلا "وضعت مصداقيته في الميزان منذ أول مقال عام 2013" وتابع قائلا "أنا من ساكني لاهاي وأعرف المنطقة وأعرف أغلب ساكنيها، ولم يلحظ أحد منا يوما ما يطلق عليه بمثلث الشريعة".
وقال فان دورن "يقول الصحفي إنه ظل طوال أشهر يبحث في الحي ولكن لم يره أحد من سكان الحي ولم يتحدث إلى أي شخص منا".
وبين فان دورن أن موضة الكتابة السلبية عن الإسلام أصبحت بضاعة رائجة وتستهوي الكثيرين من ساسة وإعلاميين قائلا "هذا الصحفي سقط ولكن ما زال الكثيرون أحرارا يطلقون الشائعات وما نتمناه أن يوضع حد لهذه الأكاذيب".