الإنترنت كفضاء قومي.. دليلك لفهم الصراع العالمي على تقنية الجيل الخامس

اضغط للاستماع
إعلان
   
إعلان
مقدّمة الترجمة
تبدو تجربة الصّين في مجال تحويل الفضاء السيبراني ومجال الإنترنت برمّته إلى مجال قوميّ تجربة ديكتاتوريّة مستوحاة من أدبيات أورويل. لكن يبدو أن هذه هي الموضة الجديدة مع ظهور تقنية الجيل الخامس، التي تُتيح للدول إمكانية أكبر للتحكم بالشبكة العنكبوتية. قبل أيام، أعلنت بريطانيا عن نيتها منح استثمارات لشركة هواوي الصينيّة في مجال تأسيس شبكات “الجيل الخامس” (5G) في المملكة المتّحدة. جاء هذا القرار في ظلّ خروج بريطانيا من الاتّحاد الأوروبي، الذي تقوم فرنسا وألمانيا فيه بوضع الأُسس لإطلاق “السحابة الأوروبية”، وهي مجال سيبراني وافتراضي مشترك لدول الاتّحاد يبدو أن بريطانيا لن تكون جزءا منه.

 

       

نصّ المادة
إعلان

في (أكتوبر/تشرين الأول) الماضي، بدأت الصين وألمانيا محادثات تجارية تتعلق بشبكات الجيل الخامس، وهي بنية تحتية لتكنولوجيا الاتصالات اللا سلكية ستكون كفيلة بإدخال تغييرات ضخمة على الحوسبة العالمية. سيستمر الناس والأجهزة بالارتباط معا عبر شبكة لا حدود لها نسمّيها بالإنترنت. لكن مع تقنية الجيل الخامس، ثمة بنية تحتية جديدة للشبكات في طور النشوء تعتمد على الإنترنت، لكنها في الوقت نفسه مختلفة عنه وخاضعة بشكل أكبر للسيطرتيْن الحكومية والخاصّة.

         

هوائي قاعدة الجيل الخامس في منشأة هواوي في الصين (رويترز)
إعلان
           

مع تقنية الجيل الخامس ستتم عمليات الحوسبة الضخمة في لمح البصر ودون الحاجة إلى ربط جهازك، أكان هاتفا نقالا أو سيارة ذاتية القيادة، بوصلات من أي نوع. لكنّ تلك السرعات الهائلة في نقل البيانات ممكنة فقط في حال كانت بقية أجزاء النظام من أبراج إشارة، ومحطّات قواعد، وخوادم توزيع، تقع ضمن النطاق الأثيري للأجهزة التي تتزود بهذه التكنولوجيا. قد يبدو ارتباط الهاتف المحمول أو السيارة أو حتى أو ناظم ضربات القلب في تواصل مستمر مع ما يُسمى بـ “السُّحُب” يعدنا بكسر الحدود والقيود كما لم تفعل البشرية من قبل، لكنه في شكله الماديّ الملموس وتركيزه على الأماكن الجغرافية والمواقع مرتبط بالتأريض أكثر مما كان عليه الإنترنت في أي وقت مضى.

  

إعلان

لا نعرف بعد لمَن ستكون السيطرة على تقنيات الجيل الخامس، هل للشركات أم للدول، غير أن تأثيرات هذه التقنية على المراقبة والأمن والازدهار القومي عديدة، وإن كان صُنّاع السياسة والمديرون التنفيذيون للأعمال التجارية بالكاد قد بدؤوا يتعرفون إليها.

    

نحو السحاب
إعلان

لقد برهن الإنترنت على مقاومة متميزة لسيطرة الدولة الحديثة. صحيح أن بالمقدور تحديد طريق استخدامه من خلال مبادرات حكومية من قبيل “جدار الصين العظيم” أو “لائحة حماية البيانات العامة للاتحاد الأوروبي”، لكن المحاولات العديدة للسيطرة على الإنترنت نفسه قد باءت بالفشل حتى اليوم، ويرجع ذلك بصورة رئيسية إلى أن الحصانة التي يتمتع بها “مجتمع الإنترنت العالمي”، بما يشتمل عليه هذا الكيان من مزودي خدمة الإنترنت ومؤسسات إداريّة مثل “فريق مهام هندسة الإنترنت” و”مجتمع الإنترنت”، تتفانى، بأقصى درجات الهوس الحاسوبي، في الإفلات من قبضة الدولة. قد يتغير الحال لاحقا، لكن حتى الوقت الحالي فإنّ تعنّت مجتمع الإنترنت العالمي وسخط الدّول، وهما سببان وراء تعثر مفاوضات حكم الإنترنت لسنوات عديدة، سيكفلانِ معا بقاء الإنترنت منصة عالمية مفتوحة.

      

    

إعلان

بالتأكيد أن الإنترنت يحرك البيانات فقط ولا يخزنها، فهذه مهمّة الخوادم في مراكز البيانات. لكن حتى في عالم من الخوادم الملموسة الماديّة كانت أهمية الموقع الجغرافي ضئيلة جدا، واستمرَّ الحال على ما هو عليه حتى ظهرت تقنية الجيل الخامس. وسنأخذ شركة “خدمات ويب أمازون” (AWS)، رائد تخزين البيانات الأميركي، كمثال، فقد أسست أمازون هذا الفرع من شركتها الضخمة عام 2006 بهدف إتاحة مساحة الخادم الخامل لديها، التي أُسِّست لاستيعاب تدفق الزوار الضخم على موقعها في أوقات الخصومات الشرائية في فترات الأعياد، للاستخدامات المنظَّمة. كانت فكرة (AWS) هي ربط هذه المساحة الخاملة التي يوفرها الخادم بأداة افتراضية واحدة تعرض خدماتها للإيجار في كل وقت ومكان. إن بإمكان الأدوات الإلكترونية التي ترتبط بهذه الخدمات أيضا أن تكون في أي مكان، موزّعة حول العالم أو في نطاق محلي.

  

وما إن أدخلت (AWS) تحسينات على منتجها، حتى أصبح هذا النوع من الحوسبة، الذي يُعرف باسم “الحوسبة السحابية”، رائجا في أوساط مُلّاك الأعمال التجارية الراغبين في تقليص ميزانيات أقسام تكنولوجيا المعلومات والخوادم وأجنحة البرمجيات والتحديثات والتصليحات، وأي شيء كان سيتطلّب المزيد من الخوادم. وبات بإمكانهم تخزين مواقعهم الإلكترونية وبياناتها بشكل كامل على السحابة والوصول إليها مباشرة عبر حواسيبهم المحمولة باستخدام الإنترنت. سرعان ما أصبحت “خدمات ويب أمازون” واستمرّت كأكبر وحدة ربحيّة لشبكة أمازون.

إعلان

   

لقد شكّل النموذج الفعّال من حيث التكلفة دفعة كبيرة للابتكار. حيث تمكّن إنستغرام، عبر 13 موظفا فحسب، من تخزين 100 مليون صورة على السحابة. بينما تعتمد “ليفت” (Lyft) و”بينترست” و”سلاك” جميعها على الحوسبة السحابية في بناء شركاتها الخاصة. ما إن تتصل الأجهزة المحمولة بهذه الشبكات من خلال تطبيقات مثل إنستغرام، عبر السحابة، حتى تصبح هي نفسها توسعات لحوسبتها الضخمة وقدراتها التخزينية الهائلة. لكن هذه الشبكات لا تتيح لك تخزين البيانات فحسب، فهي تتيح لك أيضا إجراء برمجتك داخل السحابة نفسها، أي إنَّ الخدمات التي كانت تُقتنى في السابق كبرمجيات وتخزّن على خوادم مخصصة باتت اليوم متوفّرة وتتم عن بُعد.

      

إعلان
تأثيرات تقنية الجيل الخامس على المراقبة والأمن والازدهار القومي عديدة، وإن كان صُنّاع السياسة والمديرون التنفيذيون للأعمال التجارية بالكاد قد بدؤوا يتعرفون إليها
     

دشّنت كلٌّ من غوغل ومايكروسوفت، ومن بعدهم عملاق التجارة الإلكترونية الصيني “علي بابا”، مشاريعها السحابية الخاصة للتنافس مع (AWS). وبحلول عام 2011، بدأت الشركات الضخمة “تهاجر إلى السحب”. فقررت وكالة الاستخبارات الأميركية (CIA) بعد تصويت بالثقة القيام بالأمر ذاته بالتعاون مع (AWS) في عام 2013. كما أن قرار البنتاغون في الشهر الماضي اللجوء إلى الخدمات التي تقدّمها مايكروسوفت في مجال الحوسبة السحابية، عبر “أزور” (Azure)، منافس خدمات أمازون، يسجّل انتقال هذا النموذج إلى طور أعلى. إنَّ الكفاءة، ووفرة الخدمات، وأمن الحوسبة السحابية، وقدرتها على تشجيع وتطوير الإبداع التكنولوجي، غير مسبوقة. حتى إنَّ قيمة الأعمال التجارية في مجالات الحوسبة السحابية تجاوزت 200 مليار دولار أميركي في العام الماضي فحسب.

   

إعلان
النزول إلى الأرض

صحيح أنّ هذه الشبكات بلا حدود مرسومة، لكنّ الحيّز المادي ضروري أيضا. حيث من الممكن، على سبيل المثال، تخزين فيلم على السحابة، وكلّما كان الحاسوب المحمول أقرب إلى الموزع اللا سلكي، كان تشغيل الفيلم أسرع. تُسمّى سرعة وصول الإشارة إلى الحاسوب المحمول وعودتها منه بـ “الكمون* (Latency). وكلما انخفض الكمون، كانت الحوسبة أسرع.

   

إعلان

ولئن كان الاقتراب المادي مُهِمًّا للحوسبة السحابية، فإنّه جوهري لتقنية الجيل الخامس. يكمن سحر تقنيات الجيل الخامس في قدرتها على ربط هاتف أو سيارة ذاتية القيادة أو قاطرات شحن مجهّزة بمجسّات استشعار بالسحابة، يكون بمقدورها معالجة البيانات، ومزجها ببيانات أخرى، والعودة إلى الجهاز الذي يحتاج إليها، في ظرف جزء من الثانية. لكن لكي تتم العملية بسهولة ينبغي أن تظل وتيرة الكمون منخفضة، وهذا هو السبب الرئيسي في عودة الحوسبة إلى الأرض والتأريض.

     

  

إعلان

وهو ما تُشير إليه كميات الأموال الضخمة التي تتدفق إلى مراكز البيانات البعيدة النائية. فقد أرسلت الأرجنتين في الشهر الماضي دعوة لشركة أمازون (AWS) لعقد استثمارات بقيمة 800 مليون دولار أميركي في مركز بيانات في العاصمة الأرجنتينية بوينوس أيرس، بينما ستستثمرُ غوغل 850 مليون دولار في منشأة جديدة في تايوان. هذه الرغبة لدى الشركات ومنافسيها الكبار، مايكروسوفت وعلي بابا، بالاستثمار بهذه الطريقة تعني معرفتهم اليقينية بأن قوانين توطين البيانات، التي تتطلب تخزين بيانات المواطنين في بلدانهم، والمبادئ الأساسية لما يُعرف بـ “سيادة البيانات” (يرتبط هذا المفهوم بشكل رئيسي بالصين، ومعناه أنّ يكون المجال السيبراني مجالا قوميا) ستظل موجودة لوقت طويل. لكن بناء مراكز البيانات يُمثِّل أيضا طريقة أخرى لكسب حصص في الأسواق عبر توفير خدمات تخفيض وتيرة الكمون للمستخدمين. إنَّ هذه المراكز الجديدة ستخلق ما يمكن تسميته “بقاع التوفّر”، حيث يمكن أن تتمّ عمليات الحوسبة بوتيرة أسرع من أي وقت مضى.

    

إن كانت الحوسبة السحابية عالمية فإن “بقاع التوفر” أشبه ما تكون بـ “تخزين سحابي محليّ”، مشيد بحيث تتحوّل احتياجات المواطنين من الكمون لأي جهاز يتواصل مع الحواسيب إلى سلعة، وهذه الأجهزة كثيرة، منها الهواتف المحمولة، ومجسات السيارات ذاتية القيادة، ومجسات لا سلكية لا حصر لها في مجال إنترنت الأشياء. ما لم تنتهز الشركات متعددة الجنسيات هذه الفرصة، فإن آخرين سيفعلون ذلك بالتأكيد، فثمة عالم موازٍ يتألف في غالبيّته من شركات أصغر حجما وأقل شهرة تعمل في مجال بناء مراكز البيانات حول العالم. صحيح أن غوغل وأمازون يقودان السوق، لكنْ ثمة شركتان خلفهما هما “ديجيتال رياليتي ترَسْت” (Digital Reality Trust) و”إكوينيكس” (Equinix)، وكلاهُما أقلّ شهرة بكثير. بينما تذهب الصين، كما توقّع كثيرون، باتجاه مراكز سحب البيانات المحليّة، على الرّغم من أن بعض الشركات الأميركية تشاركها السوق الصيني.

إعلان

  

في حين تُوكل مهمة قيادة النمو الاقتصادي المدفوع بمراكز البيانات في الهند وأفريقيا إلى شركات أصغر، تجمعها في العادة شراكات مع شركات عالمية. من ناحية التكلفة، فخدمات هذه التكنولوجيا في المتناول، لكن تشييدها وتبريدها شيء آخر، وهو ما كفل لأمازون الحصول على خصومات ضريبية في استهلاك الطاقة لمشروع “أرجنتينا” في بيونس أيرس. إن المشاريع التجارية في مجال مراكز البيانات تقوم على الكثير من التداخلات، لكنّها تظل مفتوحة بدرجة أكبر عن محركات البحث أو شبكات التواصل الاجتماعي.

     

إعلان
ما تفعله إدارة ترمب مع هواوي، وما فعلته الصين مع غوغل، وما قد يفعله الاتحاد الأوروبي بخدمات أمازون، دلالة على أن مرحلة “الغدُ لنا” التي يتخذها وادي السيليكون شعارا قد انتهت
   

إنَّ المزيج الذي تولّده احتياجات الجيل الخامس من تسليع الكمون المخفَّض وتنافس الأعمال التجارية في مجال مراكز البيانات يشير إلى أرجحية ظهور سحابات أكثر تكون ذات طابع محلي، لا سيما أن الشبكة ستعتمد على التأريض إلى حدٍّ كبير. لكنّ عمالقة الصّناعة لم يرقهم الأمر، بما أنه يحدّ من قدرتهم على التحرك وراء الحدود وتطوير خدمات لأكبر الأسواق الممكنة. في الشهر الماضي، أعلنت كلٌّ من فرنسا وألمانيا عن إنشاء ما أُطلق عليه “السحابة الأوروبيّة” التي ستمنح الأفضلية للشركات المحليّة على “أمازون” و”علي بابا” و”غوغل”، وغيرها من عمالقة مزوّدي السحب.

  

إعلان

في هذا الصدد، يقول المتحدث باسم “خدمات ويب أمازون” إنّ مشاريع محليّة من هذا النوع لن تكون قادرة على منافسة اللاعبين الكبار في الصناعة، “إن فكرة سحابة ’قوميّة‘ مثيرة للاهتمام من الناحية النظرية، لكنها من الناحية العمليّة تضحّي بالعديد من المزايا المفيدة التي تُقدِّمها الحوسبة السحابية”. بالنسبة إلى مايكروسوفت كان الردّ أقلّ كياسة، بالضرب على وتر حساس للقارة العجوز، حيث قال متحدث باسم الشبكة: “إنّ السيادة الحقيقية تتطلب أقوى الحلول السحابية الممكنة، وإلا فإن أوروبا ستبقى مسمّرة خلف فجوتها الرقمية”.

   

ربّما سيتمكّن محرك بحث غوغل في أحد الأيام من العودة إلى الصين، وربّما لا. أما فيسبوك فقد طوى النسيان أيامه في الهند منذ عام 2016، عندما تعرّض أحد أعضاء مجلسه أسطورة التكنولوجيا، مارك أندرسن، للإهانة على خلفية مقاومة الهند للشبكة، وقال: “إنَّ مناهضة الكولونيالية جاءت بعواقب اقتصادية كارثية على الشعب الهندي طيلة عقود من الزمن. فلماذا يجب أن نتوقف الآن؟”. في حين مَثَّلت غرامات لائحة حماية البيانات للاتحاد الأوروبي وغرامات سحب الثقة التي فرضها الاتحاد على “غوغل” و”فيسبوك” الخلاص الأوروبي في معركة القطاعين الخاص والعام على التحكم في البيانات. بينما تقوم روسيا بتنفيذ قانون يهدف إلى الحدّ من نفوذ شركات التقنية المتعددة الجنسيات، بما أنها تُرحِّب بعملاق الاتصالات الصيني هواوي كبديل سياسي-اقتصادي للمنصات الغربية. ولم تلتفت إدارة ترمب إلى هذه المسائل بعد، لكنّها أظهرت عزمها على مهاجمة القطاع التقني أينما شعرَت بأنّ مزاياها عرضة لسوء المعاملة.

    

    

حروب الجيل الخامس

يتحتم على الحوسبة السحابية، ومراكز البيانات، وصناعات الجيل الخامس، بما أنها تنصهر معا لتصبح صناعة واحدة بالفعل، البدء بالتفكير للمستقبل. حاليا، تقوم أمازون، وغوغل، ومايكروسوفت، وعلي بابا، بتقديم منتجاتها السحابية الخاصّة كلٌّ على حِدة. ليس من السهل الهجرة من سحابة لأخرى، أو مزج أكثر من خدمتين معا، فنحنُ أمام شركات متنافسة تريد إبقاء زبائنها وإبعاد منافسيها. لكن إن كانت الشبكة العالميّة التي تقوم هذه الشركات ببنائها عالمية بحقّ، فينبغي للمنتجات التي تُصمَّم بالاعتماد عليها أن تتحرك بسهولة من شركة لأخرى، وإلا فإنّ حوسبة السيارات ذاتية القيادة والهواتف المحمولة والعمليّات المعقّدة التطويرية والمعدَّة لإنترنت الأشياء ستكون صعبة عند مرحلة من تطورها، ما يعني أنها ستحتاج إلى تأشيرات سفر من الشركات لكي تتمكن من العبور لشركات أخرى.

   

يشبه هذا الأمر تسليم السيادة من الدولة إلى شركة ذات تأثير ضخم بحيث تضطر الدول التي تواجهها إلى المقاومة، وهو ما يحدث بالفعل. إن “الصدام التقني” (TechLash) ليس مجرد ومضة على الرادار، فما تفعله إدارة ترمب مع هواوي، وما فعلته الصين فيما مضى مع غوغل، وما قد يفعله الاتحاد الأوروبي بخدمات أمازون، دلالة على أن مرحلة “الغدُ لنا” التي يتخذها وادي السيليكون شعارا قد انتهت.

   

تريد الحكومات أن تكون في شراكة مع أفضل الشبكات، لكنها تريد أيضا أن تكون هذه الشبكات جميعا مملوكة لشركات خاصة. ولا بدّ للشركات الخمسين أو أزيد التي تُشكِّل نواة هذه الصناعة أن تجد طرقا لكي توائم احتياجاتها التشغيلية مع التنافس الأمني غير الاحتكاري الذي تريده أغلب الحكومات، أي بعيدا عن الشركات الضخمة. في حال لم يحدث ذلك، ستضطر الدول على الأرجح لخوض حروب استنزافية طويلة الأمد ضد منصات مراكز بيانات الجيل الخامس العالمية، عبر فرض الغرامات، أو اللوائح والتنظيمات، أو حماية الأسواق الداخلية، أو إخراج المنافسين الأجانب من بلادهم، ودعم الشركات الوطنية الرائدة، وهلم جرا.

——————————————————————-

هامش:

* ثمة مصطلح يتردد كثيرا في النص هو الكمون المنخفض، الكمون هو الفترة التي يحتاج إليها الجهاز الإلكتروني/الكهربائي للانتقال من فعل إلى رد فعل المستخدم الذي يستخدم الجهاز. كلما انخفض طول هذه الفترة كانت استجابة الجهاز أسرع، وهو ما تُوفِّره شبكات الجيل الخامس.

  

هذا التقرير مترجم عن Foreign Affairs ولا يعبر بالضرورة عن موقع ميدان.

المصدر : الجزيرة

إعلان