من "3310" إلى "8".. هل عادت نوكيا من جديد؟
يبدو أن المنافسة الطويلة التي جمعت بين نوكيا و"بلاكبيري" في سوق الهواتف الذكية مع حلول الألفية الجديدة دفعتهم للتطبّع بنفس الطباع، وهذا بدا ظاهرًا بعد عودتهما في الآونة الأخيرة. وعوضًا عن إدارة عمليات الإنتاج بشكل ذاتي، باعت كلتا الشركتين حقوق استخدام الاسم لشركات مُختلفة، فشركة "إتش إم دي" (HMD) هي المالك الحصري الآن لحقوق استخدام اسم نوكيا وإطلاق أجهزة جديدة تحمل شعار الشركة الفلّندية.
وإضافة لما سبق، اختارت الشركة نظام أندرويد ليكون العقل الذي يُدير الأجهزة القادمة. ليس هذا فحسب، فكما لعبت "بلاكبيري" على وتر الحنين للماضي، لعبت نوكيا نفس اللعبة وأطلقت إلى جانب أجهزتها الثلاثة الجديدة هاتف نوكيا 3310 بحلّة جديدة كُليًّا.
كما زوّد الهاتف بكاميرا 2 ميغابكسل وبدعم لشريحتي اتصال كذلك، مع تصميم عصري نحيف ليتوافق مع الصيحات التقنية في 2017. أما السعر، فهو 55 دولار أميركي تقريبًا أملًا في تحقيق انتشار كبير لعودة علامة نوكيا التجارية أولًا، وتحقيق نسبة مبيعات لا بأس بها ثانيًا.
سيحمل الجهاز شاشة 5.3 بوصة بدقّة 2560x 1440 بيكسل، مع معالج "سناب دراغون" 835 لتشغيل أندرويد 7.1.1، وذواكر وصول عشوائي بمساحة 6 غيغابايت لتشغيل الكاميرا المزدوجة من شركة "زايس" (Zeiss) الألمانية، وهي كاميرا بدقّة 24 ميغابكسل -12 ميغابكسل لكل عدسة- مع مُستشعرات ليزرية لضبط الدقّة وبُعد العناصر عنها، وضوء فلاش مزدوج. أما الأمامية فهي بدقّة 12 ميغابكسل(4).
وسعت نوكيا إلى رفع مُقاومة الماء والغبار في الجهاز، فالبطارية التي تبلغ سعتها 4000 ملّي آمبير غير قابلة للإزالة، وهذا يعني مُقاومة أعلى للماء لأن الشركة بذلك ستسعى لمنع تسريب الماء من البطارية إلى داخل الجهاز من خلال تثبيتها بشكل مُحكم(5). أما المساحة الداخلية فهي 64 غيغابايت قابلة للزيادة عبر بطاقات من نوع "مايكرو إس دي" (MicroSD). ولأن الهاتف ذو مواصفات عالية ويستهدف شريحة الهواتف الرائدة، قد يُباع بسعر يبدأ من 700 دولار أميركي تقريبًا.
هناك نسخة حصرية أو محدودة قد ترى النور باللون النُحاسي المُذهّب، وهي نسخة شقّت طريقها على مواقع التواصل الاجتماعي الصينية التي عادة ما تكون المصدر الرئيسي للشائعات والتقارير حول الأجهزة الجديدة(6)، والتي عادت ما تلجأ الشركات التقنية لها كطريقة للتسويق قبل طرح الأجهزة من خلال تسريب جزء بسيط من المواصفات.
وسينبض الجهاز بمعالج "سناب دراغون" 420 من شركة كوالكوم التي تخوض في الوقت الراهن معارك قضائية بدأت ضد آبل فقط، لتمتد وتشمل كُبرى الشركات التقنية الأُخرى على غرار غوغل وسامسونغ(8). المعالج السابق ثماني الأنوية بتردد 1.4 غيغاهيرتز، مع وحدة رسوميات "آدرينو" (Adreno) 505.
ولتشغيل الكاميرتين الأمامية التي تأتي بدقّة 8 ميغابكسل، والخلفية التي تأتي بدقّة 16 ميغابكسل، اختارت "إتش إم دي" ذواكر وصول عشوائي 3 غيغابايت مع مساحة تخزين داخلي 32 غيغابايت قابلة للزيادة أيضًا. وعلاوة على ذلك، وفّرت الشركة نسخة خاصّة بمساحة تخزين 64 غيغابايت وذواكر 4 غيغابايت باللون الأسود اللامع، وهو بسعر 315 دولار أميركي تقريبًا. أما بقيّة الإصدارات فهي بسعر يبدأ من 240 دولار أميركي تقريبًا.
تصميم الجهاز وملمسه يختلف قليلًا عن نوكيا 6، فهو من الألمنيوم أيضًا، لكن الشركة عالجته بطريقة مُختلفة قليلًا لتبدو شاشته وكأنها بأطراف قليلة الانحناء، وهو ما يمنح شعورًا باندماج زجاج الشاشة مع الألمنيوم.
الإصدار السابع من نظام أندرويد الذي يُعرف باسم "نوغا" (Nougat) هو ما يُميّز تلك الأجهزة، وجميع أجهزة نوكيا الجديدة بطبيعة الحال. وهذا يعني أيضًا أن مُساعد غوغل الرقمي سيصل في وقت لاحق لإضافة طبقة من الذكاء الاصطناعي للأجهزة الجديدة عن طريق الأوامر الصوتية والكاميرا فيما بعد.
شاشة الجهاز حجمها 5 بوصة بدقّة "إتش دي" (HD). لكن المعالج في المُقابل رباعي النواة من إنتاج شركة "ميديا تيك" (MediaTek)، وهو معالج "إم تي" (MT) 6737 بتردد يبدأ من 1.1 غيغاهيرتز ويصل لـ 1.3 غيغاهيرتز كحد أعظمي. مساحة التخزين مقبولة نوعًا ما بالنسبة لجهاز من هذه الفئة، حيث اختارت الشركة ذواكر تخرين بمساحة 16 غيغابايت مع ذواكر وصول عشوائي بمساحة 2 غيغابايت فقط.
ووقع الاختيار في هذا الهاتف على "البولي كاربون" (Polycarbonate) لإنتاج هيكل الجهاز، وهي مادة بلاستيكية قاسية، لتتخلّى نوكيا بذلك عن الألمنيوم الذي لجأت إليه في بقيّة الأجهزة، وهذا بكل تأكيد أملًا في تقليل تكلفة الإنتاج وطرح الجهاز بسعر مُناسب.
الكاميرتان الأمامية والخلفية في نوكيا 3 بدقّة 8 ميغابكسل، وجودة الصور فيها مقبولة بالنسبة لهاتف من هذه الفئة. أما السعر فهو يبدأ من 150 دولار أميركي تقريبًا. أرخص من نوكيا 5 بـ 50 دولار فقط، إذ تنوي "إتش إم دي" أن تكون جميع هواتفها بأسعار مقبولة، ولهذا السبب ستبيع نوكيا 5 بسعر يبدأ من 199 دولار تقريبًا.
في منتصف (مايو/أيار) نشر أحد المُصوّرين في شركة نوكيا -عن طريق الخطأ- فيديو يظهر فيه جهاز بكاميرا مزدوجة رفقة الهواتف نوكيا 3 و5(11). وبوضع أكثر من خط تحت كلمة خط "عن طريق الخطأ"، فعلى ما يبدو، ترغب الشركة بصبّ الزيت على النار لجسّ نبض السوق وردود أفعاله.
الأهم مما سبق هو التركيز على نقاط القوّة وعدم الدخول في حلقة الشركات الصينية، فالشركة قرّرت قبل كل شيء الاعتماد على النسخة الخام من نظام أندرويد، وبالتالي لا تطبيقات إضافية ولا واجهات مُزعجة قد لا تعمل بالشكل الأمثل.
وإضافة إلى ذلك، قرّرت الشركة الاعتماد تارةً على إنتاج الجهاز بمواد مُميّزة، وتارة أُخرى على ميّزات لا بأس بها مثل الكاميرا والمُستشعرات أملًا في جذب شريحة أكبر وتمييز أجهزتها عن البقيّة. لكن السؤال الأبرز يبقى حول إمكانية صمودها في سوق كبير جدًا، خصوصًا سوق الهواتف المتوسطة والمُنخفضة، التي يُمكن لأي شركة صينية دخوله بسهولة تامّة، إذ تنعدم المُنافسة أو الابتكار فيه نوعًا ما، عكس الهواتف الرائدة التي يُمكن أن تنفرد كل شركة بميّزاتها الخاصّة مثل تفرّد سامسونغ بشاشتها الجديدة الثورية، على سبيل المثال لا الحصر.
قد تكون خطّة نوكيا المبدئية هي زرع الثقة لدى المُستخدمين أو إعادتها لهم إن صحّ التعبير، فقوّة نظام أندرويد عامل تسويقي مجّاني للجهاز، لكن توفير أداء جيّد بأسعار معقولة قد يدفع البعض للتفكير في تجربة الهواتف الرائدة أيضًا طالما أنها تعمل بذلك النظام المألوف لدى الجميع تقريبًا.
كما أن دراسة السوق بأجهزة مُنخفضة السعر رهان جيّد على ما يبدو، فمثلما تشابهت مع "بلاكبيري" في آلية العودة، ها هما تسيران على نفس الخطى من خلال استهداف فئات مُختلفة للترويج للفئة الرائدة التي تُعتبر أضمن رهان للاستمرارية، فنجاحها في تلك الفئة يعني أنها في طريقها للعودة ولو بشكل تدريجي. أما خسارتها، فهذا يعني أن تواجدها في السوق هو بغرض التواجد فقط لا غير، فهامش الربح في بيع هاتف بسعر 150 دولار أميركي لا يساوي ربع هامش الربح الذي يمكن وضعه عند بيع الهواتف الرائدة.