دليلك لفهم ما حدث بين برشلونة وتشلسي
أين نذهب من هنا؟ لا أحد يعلم في الواقع. كلاسيكية برشلونة وتشلسي الخالدة قد تغير شكلها كثيرًا، لم تعد اللقاء المتجدد بين نقيضي الدفاع والهجوم. في الكامب نو هاجم البلوز جيدًا عندما تراكم الكتلان أمام مرماهم، ولكن الكتلان هاجموا أفضل عندما تراكموا هم أمام مرماهم كذلك، وفي البريدج دافع البلوز جيدًا عندما تراكموا أمام مرماهم، ولكنهم لم يهاجموا بنفس جودة الكتلان عندما تراكموا أمام مرماهم في الكامب نو، وإذا راكمنا كل ذلك وأزلنا المتكرر في المعادلة نستنتج أن؛
1- تشلسي يدافع جيدًا عندما يدافع ويهاجم جيدًا عندما يهاجم.
2- تشلسي لا يدافع جيدًا عندما يهاجم ولا يهاجم جيدًا عندما يدافع.
3- ميسي يهاجم جيدًا عندما يهاجم.
4- فالفيردي عبقري لأنه أشرك ميسي.
من فضلك لا تصدق من يخبرك أن فالفيردي كان يمتلك خطة واضحة لتفكيك تكتل البلوز الدفاعي، هذه هي النصيحة الأولى التي نقدمها في هذا الدليل، بل لم يكن هناك ما يمنع أن تتحول مباراة الكامب نو إلى نسخة من مباراة البريدج مع فارق وحيد مهم هو أن أي هدف يحرزه الضيوف كان ليحظى بأهمية مضاعفة.
كل ذلك يقودنا للنقطة الأهم في تقييم موسم فالفيردي؛ هل صنع الرجل عسلًا من العلقم كما يقال أم أنه – فقط – اكتفى بإشراك أفضل لاعب في العالم في المباريات المهمة؟ بعد المباراة تحدث الرجل بتواضع جم عن "اللاعبين الذين يملكون أسرار المباريات"، (1) مرجعًا الفضل بالكامل إلى أداء فريقه على أرضية الملعب، ومؤكدًا على أن البداية هي ما ساعدت البلاوغرانا على الفوز، وهو حديث منطقي للغاية من رجل يشهد له الجميع بالاجتهاد.
لا مجال للاختلاف مع النظرية الرائجة عن تحسن دفاع الفريق وجماعيته بشكل عام، ولا معنى للتشكيك في عمل الرجل على المستوى النفسي بعد أن استلم فريقًا محطمًا جاهز للانسحاق في السوبر أمام الغريم، ولكن ما فعله فالفيردي هذا الموسم هو نفس ما يفعله سيميوني مع فريقه كل موسم تقريبًا، وهو نفس ما فعله كونتي مع فريقه قبل هاتين المباراتين على الأقل، ورغم ذلك نجح في الفوز على الثنائي بسهولة نسبية لا تتوافق مع الحدث ولا حتى مجريات المباراة، وهو ما ينقل حديثه من خانة التواضع إلى خانة الإقرار بالحقيقة؛ حقيقة أن كل هذا العمل لم يكن لينتج الكثير بلا ميسي.
بعد مباراة الأتليتي تحدث سيميوني عن أن ارتداء ميسي لقميص الأتليتي كان ليعكس النتيجة ببساطة، (2) وهو نفس ما يمكن قوله عن مباراتي تشلسي، فباستثناء عدة رأسيات من باولينيو وبيكيه ولقطتين ساحرتين من إنييستا تكفل الأرجنتيني بأغلب العمل الهجومي تقريبًا. "تكفل" هي اللفظة المناسبة هنا لأننا نتحدث عن لاعب سجل هدفًا من زاوية مستحيلة في الدقيقة الثالثة، ثم افتك الكرة وقطع بها 50 مترًا مراوغًا إثنين من مدافعي الخصم قبل أن يصنع الثاني، ثم استلمها مجددًا أمام خط دفاع كامل فغافله وسجل مرة أخرى من نفس الزاوية.
في حديثه المعتاد عقب المباراة قال كريغ بيرلي من ESPN أنه استمتع برؤية الدهشة في عيون الإنجليز وتحليلاتهم بعد أن شاهدوا برسا مغايرًا تمامًا لما اعتادوا عليه، (3) ببساطة لأن أغلب المحللين الإنجليز لا يشاهدون الليغا، ولا يعلمون أن تلك هي طريقة لعب برسا فالفيردي منذ بداية الموسم، وأن هذا ما كان يتعين على كونتي توقعه من قبل المباراة، لأن عصر الاستحواذ حتى الموت والهجوم حتى الإعياء أيًا كانت النتيجة قد دخل في غيبوبة يعلم الله متى يفيق منها، والأهم أنك إذا قلت أن البرسا لم يكن ليحقق نفس النتائج هذا الموسم بأي طريقة أخرى لوافقك الجميع غالبًا.
بل أن البرسا كرر نفس العرض أمام خصوم أقل بكثير من تشلسي كونتي، أبرزهم كان إشبيلية في الدور الأول وفريقه القديم بيلباو؛ يهاجم حتى يسجل فقط ثم يُسيّر المباراة بأقل مجهود، وهي مخاطرة حقيقية لأن العناصر الرئيسة في فريق البلاوغرانا الحالي لم يتم اختيارها على هذا الأساس، وفي أفضل الحالات فإن الكتلان يدافعون بثمان لاعبين لا أكثر، وهو ما كان يمنح شتيغن وأومتيتي تحديدًا أدوار البطولة في هذه المواقف.
|
لذا كان عرض الذهاب في البريدج هو المفاجأة وليس العكس، ومشكلة كونتي أنه اعتمد على أفضلية المساحات في العودة باعتبارها من معطيات المعادلة كما اتضح في نزوعه للدفاع في الدقائق الأولى، وتخيل أنه مهما كانت النتيجة فإن برسا باولينيو وغوميش وراكيتيتش وروبرتو سيهاجمه مثل برسا تشابي وإنييستا وألفيش وبوجول، وبدلًا من ذلك وجد نفسه ينظر في المرآة لمدرب يحتفظ بنفس المقاربة للعبة تقريبًا، مع فارق وحيد هو الملك رقم 10، الأمر كان بهذه البساطة فعلًا.
تلك المباراة لم تحمل للبلوز ومدربهم أكثر من اختبار قاسٍ ربما نالوا فيه أقل مما أوحى به أداؤهم، على الأقل بعد أربع تسديدات بين العارضة والقائمين وركلة جزاء مثيرة للجدل كان من الممكن أن تُحتسب، ولكن في النهاية سيجمع تشلسي شتاته ويعود للمنافسة في العام المقبل إن نجح في إصلاح أوضاعه. أما برشلونة فتلك المباراة مثلت بالنسبة له اختبار هوية حقيقي كأغلب المنعرجات الصعبة هذا الموسم، لأنه وجد نفسه في كل منها أمام السؤال الذي امتلك رفاهية تجاهله في العقد الأخير.. المتعة أم النتائج؟