طقوس رمضان بالأردن.. شوارع خاوية ولقاءات عائلية غائبة

الأردنيون يلتزمون بإجراءات التباعد الاجتماعي، وينتظرون قرارات حكومية تسمح لهم بأداء صلاة التراويح بالمساجد.

مسجد الملك عبد الله المؤسس في منطقة العبدلي/ تصوير: شريف العويمر (الجزيرة نت)

طغى الحذر الشديد والخوف من انتشار فيروس كورونا على طقوس الأردنيين في شهر رمضان الفضيل، بالتزامن مع تسجيل البلاد نسبا مرتفعة من الإصابات والوفيات جراء الفيروس، جعلتها تحتل المركز السابع عالميا على قائمة الدول الأعلى في نسبة انتشار الفيروس وفقا لموقع "أور ورلد إن داتا" (OurWorldinData).

وشهدت الأسواق التجارية حركة خجولة من قبل المواطنين لشراء حاجيات الشهر الفضيل، وأسهم في ذلك انخفاض القدرة الشرائية بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعيشها الناس.

ورغم قرارات مجلس الوزراء الأردني -عشية حلول الشهر الفضيل- بالسماح بأداء صلاتي الفجر والمغرب في المساجد سيرا على الأقدام، فإنها لم تسعد المواطنين؛ كون ساعات الحظر اليومي -التي كانت أقرتها الحكومة الأردنية- لم تتغير، والقاضية بأن يبدأ حظر التجول عند السابعة مساء بالتزامن مع أذان المغرب، وينتهي عند السادسة صباحا، على أن يستمر القرار حتى منتصف مايو/أيار المقبل.

إعلان
قوات الأمن أشرفت بشكل مباشر على التزام المصلين بالتدابير الاحترازية/تصوير: شريف العويمر (الجزيرة نت)

ذهبت أمنيات الكثيرين بتأدية صلاة التراويح في المساجد واستقبال أقربائهم على موائد الإفطار أدراج الرياح، ومنهم السيدة أميرة جعفر (55 عاما) التي تؤكد تفهمها لمسببات الحظر، إلا أنها كانت تتمنى السماح للمصلين بأداء صلاة العشاء ثم التراويح، في حال تراجعت نسب الإصابة والتزم المواطنون بإجراءات التباعد الاجتماعي، وهو ما سجلته الأردن فعليا في الأيام التي سبقت حلول الشهر الفضيل، إذ تراجعت نسبة الإصابات من 14.2% إلى 12.1%، في حين ناهز عدد الفحوصات اليومية 42 ألف فحص، وهو ما رصدته الجزيرة نت.

وتؤكد أميرة أنه "في المرات التي سمح للمصلين بأداء الصلوات في المساجد التزم الجميع بالفعل، وهو الأمر الذي أشرفت عليه قوات الأمن العام وأشادت به".

التزام المواطنين بإجراءات التباعد الاجتماعي عند شراء حاجياتهم/ تصوير: شريف العويمر (الجزيرة نت)

قرار قابل للدراسة

وكان وزير الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية الدكتور محمد الخلايلة قد أكد -في تصريحات صحفية سابقة- عدم وجود أي قرار يخص فتح المساجد أمام الناس في الشهر الفضيل لأداء صلاتي التراويح والجمعة، منوها أن كل القرارات يعاد دراستها باستمرار.

إعلان

وأضاف "كل قرار قابل للدراسة في حال كان هناك تغييرات بالمنحنى الوبائي تفيد بانخفاض نسبة الإصابات والسيطرة على انتشار الفيروس، فالهدف ليس إغلاق المساجد، بل المحافظة على صحة المواطنين، والأوقاف تلتزم بالقرارات الملزمة التي تصدرها الجهات الرسمية، والوضع الوبائي سمح للناس بإمكانية أداء صلاتي الفجر والمغرب سيرا (في المساجد) على الأقدام".

التزام المصلين بإجراءات التباعد الاجتماعي في صلاة الجمعة بوقت سابق/ تصوير: شريف العويمر (الجزيرة)

بلا صلة رحم

وتقترح أميرة تقليص ساعات الحظر اليومي، حتى يتمكن أبناء العائلة الواحدة من الالتقاء في أيام الشهر الفضيل، وتزيد "ندرك خطورة الفيروس ونأخذ احتياطاتنا منه، لكن كثيرة هي العائلات التي تشبه عائلتي، فأنا جميع أبنائي متزوجون، والقرار الحالي يمنعني من رؤيتهم والاجتماع بأحفادي، وخاصة بتزامن وقت الحظر مع أذان المغرب، فما المانع من التشديد على إجراءات التباعد وبذات الوقت تقليص فترة الحظر الليلي ليبدأ بعد صلاة التراويح؟ وبذلك نكسب صلة الرحم مع أقربائنا من الدرجة الأولى على الأقل".

لكن وزير الدولة لشؤون الإعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة الأردنية صخر دودين قال -غير مرة في تصريحات حازمة- إن الوضع الوبائي العام هو ما يحدد الإجراءات المتبعة خلال الشهر الفضيل، رابطا تقليص مدة الحجر اليومي وساعاته، بانخفاض نسبة الفحوصات الإيجابية.

واعتبر دودين مجلس الوزراء مرآة للأفكار التي تدور في رؤوس المواطنين، لافتا إلى أن تمديد ساعة واحدة خلال شهر رمضان، يشير إلى معنى ضمني يفيد بتزاور المواطنين للإفطار خلال الشهر الفضيل، مضيفا أن "الحكومة لا تريد لرمضان أن يصبح شهرا لإعادة انتشار موجة جديدة من الفيروس. سمحنا بأداء صلاتي الفجر والمغرب في المساجد سيرا على الأقدام، لكن لا يوجد حتى الآن مقترح لإعادة النظر بالسماح للمواطنين بأداء صلاتي التراويح والجمعة".

شوارع العاصمة عمان خالية من المارة بفعل الحظر/ تصوير: شريف العويمر (الجزيرة)

عقوبة وعواقب

بدورها تجد المرشدة النفسية منيرة صالح في انقطاع صلة الرحم والتزاور بين الناس بالشهر الفضيل عقوبة نفسية واجتماعية قاسية، شارحة ذلك بقولها "نقدر الدور الذي تسعى فيه الحكومة الأردنية لتخفيف حدة انتشار فيروس كورونا بين الناس، لكن في الجهة الأخرى هناك عواقب مجتمعية ستكون ظاهرة للجميع في حال استمرار الحظر اليومي على ما هو عليه، وأهمها المعوزون الذين ينتظرون أيام الشهر الفضيل ليؤموا موائد رمضان، إذ سيحرمهم الحجر من الحصول على إفطار يليق بصائم".

وتابعت "معروف أن رمضان فرصة لصلة الرحم وبر ذوي القربى، وأيضا التقرب إلى الله من خلال إقامة موائد رمضان والدعوات العائلية للإفطار وأداء العبادات، واستمرار الحظر سيؤثر مباشرة على العلاقات الاجتماعية والأسرية، وخاصة بسبب عدم القدرة على الاجتماع معا على مائدة واحدة، والشعور بالأسى سيكون مضاعفا خاصة مع حالات الفقد اليومية بسبب وفيات كورونا".

شوارع العاصمة الأردنية خالية من المارة/ تصوير: شريف العويمر (الجزيرة نت)

في جولة على بعض أحياء العاصمة الأردنية، رصدت الجزيرة نت شوارع عمان الخاوية من المارة، وخاصة يوم الجمعة وهو يوم الحظر الشامل، إذ تقف المباني حزينة يسكنها الفراغ، فيما يلتزم الناس بالوقوف في طوابير متباعدة لابتياع حاجياتهم في أيام الحظر الجزئي، قبل العودة لبيوتهم قبل أزمة السير اليومية التي صارت معتادة في شوارع العاصمة عند اقتراب موعد حظر التجول.

المصدر : الجزيرة

إعلان