كيف استطاعت غزة تغيير المعادلة؟!

غزة تلك البقعة الصغيرة من هذا العالم التي تعجز عن وصفها الحروف، نعم أكتب ولا أجد ما يعطيها حقها من كلماتٍ تعبر عن عظمة ما قامت به هذه البقعة التي ما زالت قلعة شامخة في الصمود ولم تسقط أمام إسرائيل كغيرها من المهرولين للتطبيع ونيل رضا المحتل. حق لك أن تحتفلي بانتصارك حق لشعبك أن يخرج مبتهجا حق لمآذن المساجد أن تصدح بتكبيرات الانتصار كيف لا وإسرائيل تركع أمام مقاومتك.

 

ما أجمل تضحياتك وصمودك أمام أعتى قوة على هذه الأرض! إذ تآمر عليك القريب قبل البعيد وحاصرك ابن جلدتك قبل عدوك. وحاول الجميع بلا استثناء أن يبتزك ويُخضعك ويكسرك، ورغم ذلك ما زلتِ قوية بمقاومتك وبصمودك. ما أجملك وأنتِ تبدعين في مسيرات العودة! ما أجملك وأنتِ ترسمين أروع لوحات العزة والفخر في صد العدوان الأخير على غزة! فغزة تأبى العيش إلا بحرية وكرامة، ولم تقبل على نفسها العيش تحت بساطير المحتل، فهي الكرامة المتبقية للعرب.

إعلان

منذ أيام دخلت قوة صهيونية مُتنكرة بلباس الحريم كي تنفذ مهمة وضربة للمقاومة، حيث دخلت إلى غزة ظنًا منها أنها كغيرها من المدن أو الدول، يدخل ويسرح كيفما يشاؤوا بدون أي تهديد، فإذا بجنود القسام انقضوا كالأسود وأفشلوا مهمتهم وقتلوا منهم وجرحوهم. وهرب المتبقي منهم كالخراف. ولم تكتفي غزة بما حققته من إفشال للمهمة بل مساء اليوم الثاني قامت بتفجير باص صهيوني يقل جنودًا. وكذلك أمطروا المستوطنات بمئات الصواريخ.

 

إعلان

نعم جعلت من عسقلان مكانًا لا يصلح للحياة، فغزة لن تكون كغيرها من الذين يلهثوا وراء التطبيع، وغزة لا تقبل إلا برد الصاع صاعين! فما ذاقه شعبنا في غزة، أذقناه للمحتل في هذه المعركة. لقد منَّ الله علينا أن نشاهد صواريخ المقاومة تهدم منازل عند المحتل. نعم غزة المحاصرة والتي كانت تعيش خلال الفترة السابقة ذروة الخنق والحصار، تخرج وترد بهذه القوة. لقد ظنوا أن بإدخالهم بعض المساعدات لغزة سيجعل المقاومة تغفل عما يخططونه فهم لا يعلموا أن المقاومة تخطط ليل نهار لاستئصالهم من أرضنا.

اليوم غزة تحطم آمال ليبرمان الذي توعدنا بحرق غزة واغتيال قائد حماس خلال 24 ساعة من توليه منصبه كوزير حرب فلم يجرأ على ذلك، واليوم يخضع راكعًا أمام غزة
 

والجميل في هذه المعركة أنها قيدت من خلال الغرفة المشتركة لفصائل المقاومة بكل أطيافها وألوانها العدو، فكانوا متفقين متوحدين في قرار المعركة، مما جعل الحاضنة الشعبية قوية ولم تكن المقاومة وحدها تضرب لنا أروع الأمثال. فقصف الاحتلال لفضائية الأقصى وتسارع القنوات لتوفر إعادة البث لها كان مثالاً رائعًا على وحدة هذا الشعب الأبي. فقناة الكوفية أودعت جميع معداتها تحت تصرف فضائية الأقصى وصدح مذيع صوت الشعب هنا صوت الأقصى.

 

نعم رسم شعبنا أجمل لوحات التضحية والصمود ولا ننسى أن نذكر تهافت المواطنين لاستقبال الأسر التي قُصفت منازلها، فكان شعبنا على قلب رجلٍ واحد. وفي هذا الوقت كانت الخلافات سيدة الموقف بين أعضاء المستوي السياسي والعسكري الصهيوني فاجتماع يستمر لستة ساعات لهو دليل على قوة الخلافات بينهم؛ لأنهم فشلوا في التعامل مع غزة. فاليوم يعلن ليبرمان هزيمته واستقالته أمام المقاومة غير أن غضب الجمهور الصهيوني كان قويًا وناقدًا أمام فشل حكومته أمام المقاومة. ففي وقت خروج الجمهور الصهيوني للشوارع معترضًا على هزيمة قيادته، خرجت غزة فرحًا بما قدمته المقاومة في صد العدوان.

اليوم غزة تحطم آمال ليبرمان الذي توعدنا بحرق غزة واغتيال قائد حماس خلال 24 ساعة من توليه منصبه كوزير حرب فلم يجرأ على ذلك، واليوم يخضع راكعًا أمام غزة مثل الذين سبقوه وهم روبين وشارون ويعالون وباراك. لذلك، من أراد اللعب مع غزة، فليتحمل موته سياسيًا. وكذلك، من أراد إنهاء حياة قائد حماس، سقط في معركة لم تتجاوز ٤٨ ساعة! والغريب أن هناك من اعتبر ما حدث هو بمثابة تمرير لصفقة القرن. فهل يُعقل أن يكون اسقاط ليبرمان ضمن صفقة القرن! وانتهى العدوان على غزة والاحتلال ذليل أمام مقاومتنا وصمود شعبنا، فما تراه هو نتاج غرس من القادة الأوفياء والإعداد المستمر وكذلك تحمل الشعب وصموده مع المقاومة

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.



إعلان