الجزائر ليست جزءاً من الجزيرة العربية
الجزائر ليست جزءا من الجزيرة العربية، وإن كانت العربية لغة "مقدسة" عند بعض الإسلاميين الجزائريين المتحمسين، فإنّها لن تكون أداة تواصلية لدى الجزائري العادي أبدا. |
الجزائري غيّبته العاطفة الثورية فراح يطارد وهم "الاستقلال"، استقل عن فرنسا بالفعل، لكنه لم يصبح حرّا حرية سيادية فعلية، لربما قاده حماسه الديني إلى الشرق، فراح يعشق اللسان العربي، في حين أنه نسي بأن وجدانه أمازيغي وروحه تتكلم بلسان فرنسي فصيح، وبدل أن يخطو باتجاه التحرّر من الثقافة الفرنسية عبر تكوين الشخصية البوليفارية الجزائرية المتميزة عن سائر الشخصيات الأخرى، راح يرتمي في أحضان الشرق بلا بصيرة واقعية، مثله في ذلك كمثل امرأة حاولت أن تستبدل حياة الفجور بحياة زواج قائم على النفاق والنميمة، بالطبع هذا لم ينجح.
الجزائر ليست جزءا من الجزيرة العربية، وإن كانت العربية لغة "مقدسة" عند بعض الإسلاميين الجزائريين المتحمسين، فإنّها لن تكون أداة تواصلية لدى الجزائري العادي أبدا، ولا حتى المثقف، وما عليكم سوى دخول أروقة الجامعات الجزائرية لتفهموا ما أقوله، لمن عجز عن ذلك عليه أن يزور إحدى الأسواق في الجزائر والإنصات لما يتكلم به الجزائريون؛ لا أقول إن الفرنسية هي البديل الشرعي للعربية في الجزائر، فهي تبقى لغة المستعمِر المحتل الظالم، ولكنني أرى ذات التدخّل يتكرر بواسطة العربية، فليست العربية أيضا لغة الجزائر أيضا، كونها قد أتى بها مستعمر آخر أكثر تجبّرا وجهلا.
التدخّل الأوروبي في الجزائر له توأمه المشرقي، الأوّل بحجة الحضارة والثاني بحجة الدين، لكنّ أفعالهما الاستعمارية واحدة، وظلمهما واحد مع اختلاف بسيط في الحدّة والدرجات؛ فماذا حمل الاستقلاليون للجزائر؟ العلمانيون حملوا الاستبداد لأشقائهم، والاسلاميون حملوا لهم الدم والتطرّف، تكوين الوطن الجزائري لا يقوم سوى باحترام كافة الشرائح من جهة والركون إلى الأصل الأمازيغي من جهة ثانية، لا يمكن اقصاء الاسلام ولا الفرنسية، ولا يمكن تهجير العمامة الصفراء ولا تهميش الجلابة البنية، لأنّ كافة الأجزاء المعنوية هي مهمة لتجسيد الهوية الجزائرية المتحررة بالفعل، لأن الاستقلال لا يكفِ.
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.