التوطين من منظور القانون الدولي
ونحاول من خلال هذا الحوار مع الدكتور صلاح عامر أستاذ القانون الدولي في جامعة القاهرة تناول رؤية القانون الدولي لمسألة توطين الفلسطينيين في الخارج، وإلقاء الضوء على الجوانب القانونية في هذا الموضوع.
قضية توطين اللاجئين الفلسطينيين يحكمها أو بعبارة أخرى تصطدم بالقرار 194 وهو مرجعية أساسية من مرجعيات القضية الفلسطينية. وهو قرار صادر عن الجمعية العامة في الأمم المتحدة، يقرر حق الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم التي غادروها، وتعويضهم عن ما قاسوه.
ولذلك فحق العودة بالنسبة للفلسطينيين حق ثابت يتعارض كلية مع محاولات توطين هؤلاء اللاجئين في بلدان خارج فلسطين. فهؤلاء لهم حق ثابت في العودة إلى ممتلكاتهم وتعويضهم عن هذه الممتلكات.
القرارات كلها صدرت لتأكيد ما انطوى عليه القرار 194 في عدد من قرارات الأمم المتحدة التي تتحدث عن حق اللاجئين في العودة والتعويض في مناسبات عديدة.
وإلى جانب هذه المرجعية الخاصة للقضية الفلسطينية هنالك حقوق للاجئين بوجه عام، والمجتمع الدولي والقانون الدولي يؤكدان حق اللاجئين في الحماية الدولية، وحقهم في العودة إلى أراضيهم والتعويض عن ممتلكاتهم.
ويضاف هذا إلى المرجعية العامة في ما يتعلق بحماية اللاجئين وتتمثل في اتفاقية دولية ترجع إلى سنة 1952.
في القانون الدولي الخاص والعام، نلجأ إلى العام عندما يكون الخاص في حاجة إلى تأكيد أو إضافة. وبالنسبة للاجئين الفلسطينيين، ونظرا إلى أنهم كانوا يمثلون في ظل الأمم المتحدة أكبر حركة لجوء اضطراري استخدمت فيه مجازر، وضع لهم قرارات وأنشئت لهم منظمة غوث اللاجئين الفلسطينيين الأونروا، ووجدت وضعية خاصة بالنسبة إليهم.
" يعتبر الإعلان بقبول توطين اللاجئين الفلسطينيين أو بعضهم مناقضا لمبدأ أساسي من مبادئ القانون الدولي المتعلق بحق العودة، وهو حق غير قابل للتصرف " |
ومعنى حق غير قابل للتصرف أن القانون الدولي يكفله، وأن أحدا لا يستطيع أن يتنازل عنه لأن المجتمع الدولي عليه أن يضمن هذا الحق ويعمل على ذلك.
لا توجد أي دولة تقبل بتوطين أشخاص في إقليمها إلا بإرادتها، ولا يستطيع أحد أن يفرض على دولة أن تقبل أفرادا ويوطنوا ثم يحصلوا على حقوق المواطنين فيها رغما عن إرادة الدولة.
فلا بد للدولة نفسها أن تكون قد قبلت بمبدأ التوطين. وبالتالي فهذه مسألة محسومة من وجهة نظر القانون الدولي.
لا شك أننا إزاء مشكل حساس يتعلق بعدم القدرة على تفعيل وضمان احترام كل ما صدر من قرارات دولية بشأن ضمان حق الفلسطينيين في العودة.
وممكن أن يكون هناك أكثر من نظرة إلى هذا الإشكال. والبعض ينظر إلى هذه المشكلة بيأس وأنها خاتمة المطاف ولا أمل في المستقبل، في حين أن القضايا المصيرية والقضايا التي تحتاج إلى طول نفس ووقت طويل في ظل مجتمع دولي مختل وقانون دولي مضطرب وتغيرات دولية لا تصب في صالح الدول العربية.
وكل ذلك لا يدعو إلى اليأس من القانون والكفران بشأن القرارات الدولية. وإنما يجب أن تكون باعثا على التمسك بهذه القرارات واستمرار المطالبة بتفعيلها.
" لم تنجح إسرائيل في الحصول على قرار دولي يسمح بالتوطين والالتفاف على حق العودة، والقول إنه بعد أكثر من ستين سنة من الالتحاق باللجوء لا يمكن المطالبة بالعودة " |
أما المستوى الآخر من الالتفاف وحتى الآن لم تنجح إسرائيل في هذا، هو الحصول على قرار دولي يسمح بالتوطين والالتفاف على حق العودة، والقول إنه بعد أكثر من ستين سنة من الالتحاق باللجوء لا يمكن المطالبة بالعودة.
وهم في ذلك يستخدمون أساليب متنوعة يلعب فيها الإعلام الدولي دورا كبيرا. وكذلك محاولات التأثير على صناعة القرار داخل المنظمات الدولية وتمرير قرارات تخص هذا الشأن.
الجزيرة نت