"الركمجة".. رياضة تبحث عن الضوء في غزة

"الركمجة" رياضة تبحث عن الضوء بغزة
.

أيمن الجرجاوي-غزة

قبل عشر سنوات، كانت المرة الأولى التي يمتطي فيها الشاب الفلسطيني محمود الرياشي لوح ركوب الأمواج في بحر قطاع غزة، ورغم أن أداءه تطوّر كثيرًا من وقتها إلى اليوم، فإن واقع اللعبة بقي متسمًا بالعشوائية في ظل غياب الدعم الرسمي وغيره.

الشاب الرياشي المعروف بلقب "الريّس" بدأ مشواره مع رياضة "الركمجة" بتقليد من سبقه من ممارسيها، إذ إنهم كانوا يركبون ألواحًا من الخشب أو "الفلين" في بادئ الأمر، وفيما بعد اشتروا بعض الألواح من داخل إسرائيل قبل الانسحاب من القطاع عام 2005.

لم يتدرب "الريّس" (23 عامًا) -وفق ما تحدث به للجزيرة نت- على رياضة ركوب الأمواج على يد مدربين، بل كان يتبادل ما يتحصل عليه من خبرات أثناء ممارسته للرياضة مع زملائه، إضافة إلى أن شبكة الإنترنت وفّرت له فرصة جيدة للاطلاع على بعض المهارات الأساسية للعبة.

واقع الرياضة
ويحترف رياضة "الركمجة" في القطاع نحو 25 شخصًا تتفاوت أعمارهم من 10 إلى 43 عامًا، وتعتبر أشهر مارس/آذار وأكتوبر/تشرين الأول ونوفمبر/تشرين الثاني وديسمبر/كانون الأول الأشهر المفضلة لممارسة هذه الرياضة.

‪شبان يمارسون رياضة الركمجة في غزة‬ (الجزيرة نت)
‪شبان يمارسون رياضة الركمجة في غزة‬ (الجزيرة نت)

تبدأ الرياضة باستكشاف الشبان الممارسين لها لحالة البحر صباحًا، ومن ثم تفقد الأغراض المستخدمة كسلامة لوح التزلج، وإضافة مادة شمعية على سطحه لضمان عدم الانزلاق أثناء ركوبه، وارتداء الملابس الخاصة.

ويقضي الشبان ساعات متفاوتة من يوم لآخر في رياضتهم المفضلة، ففي بعض الأيام تقتصر ممارستهم لها على ثلاث ساعات يوميًا، وفي بعض الأيام يمارسونها على مرحلتين، أربع ساعات صباحًا ومثلها مساءً، بحسب الأجواء.

غياب الاحتضان
ورغم شغف بعض الشبان الكبير بهذه اللعبة فإنها لم تحظ بدعم رسمي، أو من أيًّ من النوادي الرياضية غير الرسمية، ويضطر الشبان لدفع كافة تكاليف الرياضة من حسابهم الشخصي، عدا عن أن أي أدوات يفقدونها من الصعب الحصول عليها بسبب الحصار المفروض على القطاع منذ نحو ثماني سنوات.

ويقول "الريّس" -الذي يدرس في قسم الصحافة والإعلام- إن وفدًا أميركيا قدِم إلى القطاع قبل سنوات فلاحظ اهتمام بعض الشبان برياضة "الركمجة"، وأهداهم 25 لوح تزلج على الأمواج.

وفي محاولة لتثبيت أقدام اللعبة في غزة والانطلاق بها، قدّم الشبان الفلسطينيون طلبًا للاتحاد الدولي للركمجة بقصد الاعتراف باللعبة في القطاع، ويقول الرياشي إن الاتحاد وافق على ذلك، لكن تفعيل الأمر يحتاج إلى دعم واحتضان من الاتحاد الفلسطيني والنوادي في القطاع.

‪الشبان الفلسطينيون قدموا طلبًا للاتحاد الدولي للركمجة قصد الاعتراف باللعبة في غزة‬  الشبان الفلسطينيون قدموا طلبًا للاتحاد الدولي للركمجة قصد الاعتراف باللعبة في غزة(الجزيرة نت)
‪الشبان الفلسطينيون قدموا طلبًا للاتحاد الدولي للركمجة قصد الاعتراف باللعبة في غزة‬  الشبان الفلسطينيون قدموا طلبًا للاتحاد الدولي للركمجة قصد الاعتراف باللعبة في غزة(الجزيرة نت)

إجراءات السلامة
وإن كان الشاب الرياشي تعرّف على اللعبة بتقليد من سبقه من ممارسيها، فإن الشاب يوسف أبو غانم (20 عامًا) تلقاها عن والده وأعمامه مذ كان عمره ثماني سنوات فقط، ويوضح أن عائلته تضم نحو 23 فردًا من هواة ركوب الأمواج من الجنسين.

عدم احتضان اللعبة محليًا أثّر على إجراءات السلامة المتبعة وفق تأكيد أبو غانم للجزيرة نت، إذ يضطر الشبان لعلاج زميلهم المصاب بجرح أو كدمة أو شدّ عضلي ميدانيًا على شاطئ البحر، وفي حال تعرضه لكسر أو جرح قطعي ينقلونه إلى المستشفى بسيارة خاصة.

ويشير الشاب الفلسطيني إلى تزايد إقبال الشبان على ممارسة "الركمجة" في القطاع وتأييدها، كما تغيّرت نظرة بعض الفلسطينيين للعبة بعدما شاهدوا الفريق يقدم عروضًا رائعة في بحر غزة تحت المطر، حتى إن بعضهم أصبح يأتي خصيصًا لتشجيع الشبان.

الحصار المستمر على القطاع حطّم الكثير من آمال الشبان في المشاركة بدورات خارجية، كما أضاع عليهم فرصتين للسفر إلى المغرب لتطوير مهاراتهم والاحتكاك بخبرات أخرى، لكن أبو غانم يقول إن شغفهم باللعبة يدفعهم دومًا للاستمرار.

وعلى غرار الرياضات الأخرى، تضررت "الركمجة" خلال العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة (8 يونيو/ حزيران-26 أغسطس/آب الماضيين)، إذ دمّرت قذائف البوارج الحربية الإسرائيلية خمسة قوارب شراعية كان يستخدمها الشبان في رياضتهم، إلى جانب بعض ألواح التزلج على الأمواج.

المصدر : الجزيرة