كيف تدمر حياة الليل والبذخ والانفلات الأخلاقي مسيرة نجوم كرة القدم البرازيلية؟

كومبو يجمع Ronaldinho و Romário و Neymar و Ronaldo Nazário
نيمار (يمين) ورونالدينيو وروماريو ورونالدو ربطت بينهم المهارة الفائقة وحياة الليل. (غيتي)

رغم الموهبة الكبيرة التي يتمتع بها اللاعبون البرازيليون وخروجهم من بيئات فقيرة جدا، فإنهم نادرا ما يحافظون على التألق بسبب حياة الليل والبذخ وعدم الالتزام، وأحيانا الانفلات الأخلاقي، مما يضطر معظمهم إلى الاعتزال مبكرا أو الانتقال لأندية صغيرة تتحملهم.

وباستثناء كاكا، عانى كل نجوم البرازيل الفقر المدقع في طفولتهم، وتحولت حياتهم من شظف العيش إلى الرفاهية والترف بسبب احترافهم كرة القدم. ولمعرفة مدى معاناتهم في طفولتهم، يكفي قول رونالدينيو "عندما كنت صغيرا، اعتاد والدي أن يقول لي إنه من الأفضل اللعب حافي القدمين كي تسيطر بشكل أفضل على الكرة، ولكن في الحقيقة لم يكن يملك المال لشراء أحذية وملابس رياضية. كان دائما يشعر بالندم ويمسح دموعه لأنه لا يستطيع تأمين كل شيء لي، ولكن لم يكن هذا شعوري. وعندما فزت بالكرة الذهبية، لم أبك من الفرح، بل بكيت لأن والدي لم يكن بجانبي وفارق الحياة قبل أن يرى نجاحي".

رونالدينيو وشرط الملاهي الليلية

ورغم ذلك لم يعط رونالدينيو كرة القدم ما تستحقه، مقابل ما أعطته من الأموال الطائلة والنجومية الطاغية، بل وصل به الحال إلى أن تخلص منه نادي برشلونة عام 2008 -وهو في أوج نجوميته وعمره 28 عاما فقط- حتى لا يفسد النجم الصاعد آنذاك، ليونيل ميسي.

وذكرت تقارير صحفية أن رونالدينيو كان يشترط عند تعاقده أن يسمح له بالسهر في الملاهي الليلية، وكانت موهبته الفائقة تجعل بعض الأندية توافق على هذا الشرط لأنه يتألق في الملعب. والحقيقة أنه لو التزم لتألق بشكل أكبر، إذ استمر في اللعب لأندية كبرى حتى قرب اعتزاله، لكنه قضى آخر 4 مواسم في مسيرته (من 2011 حتى 2015) يتنقل بين أندية برازيلية صغيرة قبلت بشروطه الغريبة.

ولا يختلف حال طفولة نيمار أو الظاهرة رونالدو نازاريو أو روماريو وغيرهم من حيث الفقر والمعاناة، لكنهم -رغم ذلك- لم يلتزموا بقواعد الاحتراف الذي منحهم الثروات الطائلة والنجومية، بل كانوا نماذج صارخة للحياة الليلية والبذخ.

ولو التزم لاعبو البرازيل كما يفعل معظم نجوم العالم، وعلى رأسهم كريستيانو رونالدو وليونيل ميسي، لاستمرت مسيرتهم عدة سنوات أخرى بل وتفوق بعضهم على هذا الثنائي الأسطوري.

روماريو رائد الحياة الليلية

يقول مدرب كرة القدم والمعلق بقنوات "بي إن سبورت" أحمد عبده -للجزيرة نت- إن النجم البرازيلي الأسبق روماريو كان عميد المنفلتين في الكرة البرازيلية، ورائد مدرسة الحياة الليلية وعدم الالتزام حتى بالتدريبات، وهو ما جعل الأندية الكبرى تنفر من التعاقد معه طوال مسيرته باستثناء موسمين في برشلونة (1993-1995)، وذلك رغم تألقه فيهما وقيادته المنتخب البرازيلي للقب كأس العالم 1994.

وحتى ندرك مدى موهبة وبراعة روماريو، يكفي أن نعلم أنه سجل 34 هدفا في 46 مباراة فقط مع برشلونة، كما سجل رقما قياسيا في الدوري الإسباني لم يكسر حتى اليوم وهو تسجيله 5 ثلاثيات (هاتريك) في موسم واحد.

لكن بعد فوزه بكأس العالم لكرة القدم 1994 وبسبب تأخره في العودة من البرازيل وحنينه الكبير إلى سهرات شواطئ ريو دي جانيرو مع الأصدقاء ولعب الكرة الشاطئية، قرر الرحيل عن برشلونة والانضمام لفريق فلامنغو عام 1995.

ويقول عبده -المتخصص في الكرة اللاتينية والبرتغالية- إن أحد مدربي روماريو أخبره بأن النجم البرازيلي كان لا ينام ليلا مطلقا، وكان مغرما بالحياة الليلية لذلك لم يستمر في فريق السد القطري سوى شهر واحد عندما انضم إليه عام 2003، لأنه لم يجد الحياة الليلية التي كان يعشقها.

ويضيف أنه كان لا يحب التدريب أيضا، لذلك كان يتدرب وحده بالملعب ويفعل ما يحلو له، لكنه رغم ذلك كان يتألق بشكل لافت في المباريات بسبب موهبته الطاغية.

من خليفة رونالدو إلى أحياء الصفيح

ويشير عبده إلى أن القائمة تطول، حيث تضم أدريانو الذي كان يطلق عليه خليفة رونالدو نازاريو، والذي بلغ أوج تألقه في كأس القارات بألمانيا إذ لم تمر مباراة لفريقه إلا ووضع فيها بصمته، خاصة نصف النهائي أمام صاحب الأرض، والمباراة النهائية التي اكتسح فيها السيليساو نظيره الأرجنتيني 4-1، وسجل فيها هدفين رائعين من تصويبة صاروخية وضربة رأس.

لكنه خيب ظن الجميع وأفل نجمه بعدما أغواه بعض رجال العصابات والمخدرات، لينطفئ نجمه وتنتهي مسيرته الكروية سريعا.

ورغم قصر سنوات تألقه، فإن أدريانو حقق إنجازات كبيرة على مستوى الأندية أيضا، حيث فاز مع الإنتر بلقب الدوري الإيطالي 4 مرات متتالية بداية من موسم 2005-2006، كما فاز مع منتخب السامبا بلقب كوبا أميركا عام 2007، وشارك في مونديال 2006 بألمانيا.

وبعدما وصل قمة النجومية، توفي والده الذي كان يقوم سلوكه دائما، فهبط مستواه فجأة عام 2008، وتخلى عنه الإنتر لنادي ساو باولو البرازيلي، وكانت هناك نهايته، حيث التف حوله رجال العصابات في مسقط رأسه في "حي الصفيح" في مدينة ريو دي جانيرو الشهير بارتفاع نسبة الجريمة المنظمة فيه، لتتغير حياته ويبدأ العد التنازلي للنهاية بعد أن زاد وزنه بشكل كبير حتى اعتزل الكرة نهائيا عام 2011.

ويؤكد عبده أن ارتباط أدريانو بحياة حي الصفيح هي التي أنهت مسيرته، خاصة بعد رحيل والده الذي كان يقوم سلوكه، حيث أصيب بعد موته بالاكتئاب وأدمن الخمر حتى أنه حاول الانتحار للتخلص من حياته التي انقلبت رأسا على عقب من النجومية إلى التسكع في الأحياء العشوائية.

ويشير عبده إلى أن لاعبي البرازيل لا يحسنون الحياة في الغنى الفاحش بعد الفقر والحرمان، حيث يعيشون في بذخ شديد وسهر دائم، مما يؤثر سلبيا على لياقتهم البدنية وصحتهم العامة ويدمر مسيرتهم الكروية.

ويؤكد عبده أنه لا يوجد نجم برازيلي إلا ويدمن السهر والحياة الليلية، وخير دليل على ذلك من المعاصرين نيمار، الذي رغم جودته وتألقه كان من الممكن أن يكون أفضل منذ ذلك بكثير لو التزم بالنوم المبكر والتزامات الحياة الاحترافية كما يجب، لأنه يملك إمكانيات فنية رائعة لو أضيفت إليها اللياقة البدنية النموذجية لما وقف أمامه أي لاعب.

رونالدو وزوجة فيغو

ويذكر عبده أن الظاهرة رونالدو كان من أساطير كرة القدم، لكنه رغم التزامه في التدريبات ابتلي بإدمان الحياة الليلية، لدرجة أن رئيس نادي ريال مدريد، فلورنتينو بيريز، طلب منه يوما أن يلتزم بالبقاء في منزله والنوم مبكرا مثل زميله البرتغالي بالفريق لويس فيغو، لكنه تهرب من الإجابة ورد قائلا "لو أحظى بمثل زوجة فيغو لبقيت في المنزل دائما"، في إشارة إلى جمالها الفائق.

ورغم موهبة رونالدو الطاغية فإن السهر أثر على لياقته البدنية فزاد وزنه، وابتلي بالإصابات المتكررة مما اضطره إلى مغادرة ريال مدريد عام 2007 بعد 5 سنوات ناجحة، لينتقل إلى ميلان ويلعب موسما واحدا غير ناجح، وينهي حياته كعادة أقرانه في الدوري البرازيلي، حيث لعب لفريق كورينثيانز 3 سنوات قبل اعتزاله في 2011، وهو لم يكمل 34 عاما، أي كان في عمر ميسي وأصغر من كريستيانو رونالدو بعامين اللذين ما زالا يتألقان.

المصدر : الجزيرة