يسير وحيدا.. هكذا تحول ليفربول من وحش كاسر لفريق متواضع

Liverpool v Fulham - Premier League
ليفربول هو الفريق الوحيد في الدوريات الأوروبية الخمسة الكبرى الذي لم يحقق أي نقطة على أرضه في آخر 6 مباريات (غيتي)

تحولت حملة دفاع ليفربول عن لقب الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم في الموسم الماضي إلى كابوس، وانهار الفريق المهيمن للمدرب يورغن كلوب، ليسجل أرقاما سلبية مخجلة.

وخسر ليفربول 6 مرات متتالية في ملعبه أنفيلد لأول مرة على الإطلاق، ولم تجسد الهزيمة الأخيرة أمام فولهام المهدد بالهبوط أمس الأول الأحد أسوأ سلسلة في قلعته السابقة، بل هددت آماله في إنهاء الموسم ضمن المربع الذهبي بعد تسارع وتيرة الانهيار.

وتزيد الإحصاءات المشهد قتامة، ويقول مدير التحليل الرياضي بشركة "غريسنوت" سايمون جليف إن ليفربول الفريق الوحيد في الدوريات الخمسة الكبرى في أوروبا الذي لم يحقق أي نقطة على أرضه في آخر 6 مباريات، ويحتل المركز 89 من بين 98 ناديا في الرصيد الإجمالي لـ6 مباريات سابقة.

وتبدو الانتكاسة أكثر غرابة بالنظر إلى أنها تأتي بعد سلسلة من 68 مباراة من دون هزيمة على ملعبه خلال 4 سنوات تقريبا.

ومن دون احتساب ركلات الجزاء والأهداف العكسية، فشل ليفربول في تسجيل أي هدف من آخر 115 تسديدة في أنفيلد بالدوري الممتاز، وهذه أطول فترة صيام لأي فريق على أرضه منذ بداية الإحصاءات بشكلها الحالي في موسم 2006-2007.

وخسر ليفربول الآن 9 مرات في 28 مباراة في الدوري حتى الآن، وهو نفس عدد هزائم الفريق في 3 مواسم سابقة، وتشمل 114 مباراة.

وتبلغ نسبة النجاح 57% هذا الموسم، بعد أن كانت تتراوح بين 70 و80% خلال العقد الأخير، كما استقبل 36 هدفا، وهو رقم يزيد بالفعل على الذي استقبله طيلة الموسم الماضي (33) أو في الموسم السابق (22) حين احتل المركز الثاني.

فما الخطأ الذي حدث؟

تحدث كلوب من قبل عن تفضيله العمل مع تشكيلة صغيرة متجانسة، ومن دون شك أسهم ذلك في تعزيز "عقلية الوحوش"، التي تغنى المدرب الألماني بها بانتفاضات مذهلة أمام برشلونة وأستون فيلا، على سبيل المثال.

وسهلت عملية وجود تشكيلة صغيرة مهمة كلوب وطاقمه التدريبي في غرس أسلوب الضغط العالي واللعب الحماسي، لكن هذا النهج الحاد يترك أثره على اللاعبين مع تقدمهم في العمر.

ومن بين التشكيلة الأساسية التي لعبت نهائي دوري أبطال أوروبا 2018 رحل ديان لوفرين فقط، وتسبب عدم تدعيم صفوف الفريق مع غياب البدائل في الاعتماد على اللاعبين أنفسهم مرات ومرات على مدار الأعوام الأربعة الأخيرة.

وأدى ذلك إلى الإصابات المتكررة، وبالإضافة إلى تراجع الأداء جاء التحول من عقلية الوحوش إلى "عقلية الأقزام"، وفقا لوصف جيمي كاراغر القائد السابق "لليفر"، في حديثه لشبكة سكاي سبورتس.

ويقول المراسل الرياضي جوزيف ووكر إنه في ديسمبر/كانون الأول الماضي تحدث كلوب عن إرهاق لاعبيه بسبب جدول المباريات المزدحم وتكثيفها في فترة عيد الميلاد، ورغم أن مباراة ميتيلاند في دوري الأبطال كانت بلا أهمية أشرك محمد صلاح في المباراة كاملة لتكون المواجهة 18 التي يخوضها من 20 للفريق حتى تلك اللحظة.

وخرج صلاح سعيدا بتسجيل هدف في التعادل 1-1 ليصبح الهداف التاريخي للفريق في دوري الأبطال، لكن على المدى البعيد كانت فرصة مهمة لمنح اللاعب المصري الراحة المناسبة في فترة مزدحمة.

ودافع كلوب عن موقفه، وأشار إلى أنه أشرك أصغر تشكيلة أساسية في تاريخ الفريق في دوري الأبطال، لكن بالتأكيد لم يكن على صلاح وترينت ألكسندر-أرنولد وفابينيو ودييغو جوتا المشاركة في تلك المباراة.

والآن هذا الفريق الذي لعب بشراسة كبيرة على مدار الموسمين أو الثلاثة الماضية أصبح مرهقا، ويبدو أنه بحاجة للوقت من أجل العودة، لكن حتى قبل الانهيار الحالي كان كلوب قلقا من منح لاعبيه راحة.

وربما لا يكون ديفوك أوريجي على مستوى الاختيارات الهجومية الأساسية، لكن بالنظر إلى مشاركته المعتادة مع بلجيكا فكان يستحق الاعتماد عليه أكثر نظرا لحاجة اللاعبين الأساسيين إلى راحة.

أما المحرر الرياضي ميتشيل فيليبس، فيشير إلى مسألة التعاقدات الفاشلة، ويقول إن المدير الرياضي للفريق مايكل إدواردز نال إشادة مستحقة لقدرته على التعاقد مع اللاعبين المثاليين لأسلوب كلوب، مثل صلاح وروبرتو فيرمينو وساديو ماني.

لكن منذ تكوين هذه التشكيلة، فشل إدواردز في حل المشكلة التي كانت في ذهنه، وهي افتقار تشكيلة ليفربول للقوة والعمق عندما تحدث الإصابات.

وعندما يكون جميع اللاعبين في ليفربول ومانشستر سيتي في أفضل حال فيكفي النظر إلى مقاعد البدلاء لقراءة الفارق؛ فوجود لاعبين مثل أوريجي وشيردان شاكيري في دور المساعدين لم يكن كافيا.

وهذا عنصر آخر يعتمد عليه إدواردز وفريقه في أمجادهم، لكن بغض النظر عن جوتا فلم ترتق التعاقدات الجديدة إلى مستوى التوقعات.

بدوره، لمح المحرر الرياضي بيتر هول إلى فشل بعض اللاعبين في التأقلم، وربما يكون فقدان العديد من اللاعبين بسبب الإصابة أمرا مؤسفا، لكن الفشل في التأقلم مع أسلوب الفريق لتعويض ذلك يبدو حماقة.

ويستطيع ليفربول التفوق على أي فريق في العالم عندما تكون تشكيلته الأساسية هي المتاحة لفعل ذلك.

ويتابع أنه في غياب دفاعه الأساسي والتغييرات المستمرة في خط الوسط لملء الفراغ في الخلف، انهار أسلوب اللعب وفشل في الوصول إلى قمة المستوى.

ويخلص إلى أنه ربما يكون ولاء كلوب لأسلوبه الناجح السبب في انهيار الفريق، وهو أمر ليس غريبا عليه؛ فقد حدث في موسمه الأخير مع بروسيا دورتموند عندما احتل المركز السابع بعدما كان وصيف البطل قبلها بموسم واحد.

ويلفت المحرر الرياضي كريستيان ريدنيدغ إلى أن السبب الرئيسي في انهيار ليفربول يعود إلى إصابة المدافع فيرجيل فان دايك التي ستبعده حتى نهاية الموسم.

وتبع ذلك إصابات خطيرة لثنائي الدفاع جو غوميز وجويل ماتيب وقرار النادي الغريب بعدم شراء مدافع واحد مميز على الأقل في فترة الانتقالات الشتوية في يناير/كانون الثاني الماضي.

وهذه المشاكل تضاعفت مع إصابة القائد جوردان هندرسون، لاعب الوسط المهم، الذي كان يستطيع اللعب مدافعا بشكل مؤقت، ويوفر عنصرا قياديا قويا في الأوقات الصعبة.

ويؤكد المحرر الرياضي إد أوسموند أن "سمة الهزائم في أنفيلد كانت الأداء الباهت وليس في الهجوم فقط، ورغم امتلاك كلوب مجموعة من أبرز المواهب، فإن الافتقار للعمق في التشكيلة أجبره على إشراك اللاعبين نفسهم مرات ومرات".

وحرمت إصابة المهاجم جوتا الفريق من قطعة مهمة في عملية التغييرات، لكن بالتأكيد كان يمكن العثور على دور أكبر لأوريجي في التشكيلة المنهكة.

وأدى فقدان كلوب الثقة في لاعبين خارج التشكيلة الصغيرة الأساسية المعتادة إلى إرهاق حتمي في موسم مضغوط، وهو خطأ تفاقم مع إحجامه عن الاعتماد على البدلاء سوى في الدقائق الأخيرة في معظم المباريات.

من جهته، يطرح المراسل الرياضي فيل أوكونور مسألة غياب الجماهير، ويقول "يجب ألا يحتاج اللاعب المحترف إلى الجماهير لتقديم أفضل ما لديه، لكن من دون شك كان ليفربول مثل كل أندية الدوري الممتاز يفتقد وجود جماهيره في الملعب.

وتابع أنه بدلا من تشجيع أكثر من 50 ألفا في أنفيلد، وينشدون أغنية النادي الشهيرة "لن تسير وحيدا"، واجه صمتا مطبقا للأداء الباهت، ولم تكن هناك سوى صيحات كلوب الغاضبة لاستخراج أفضل ما في اللاعبين.

ومن السهل تخيل نوبة الغضب من سلسلة النتائج المخيبة على أرضه لو كانت الجماهير حاضرة في الملعب، فعلى الأقل كانت ستساعد الأجساد المرهقة والعقول المنهكة عندما تسوء الأمور.

أنفيلد هو مكان مخيف للعب فيه عندما تكون المدرجات ممتلئة، لكن عامل الخوف لم يعد موجودا الآن، و"الريدز" بات يسير وحيدا.

وتظهر الإحصاءات أن الفرق تنتصر أكثر عندما تلعب خارج ملعبها هذا الموسم، وهذا هو الوضع بالتأكيد في أنفيلد، حيث يعاني ليفربول أكثر من مجرد غياب الجماهير.

المصدر : وكالات