"تهديد الصورة النمطية" قد يقصي إنجلترا من يورو 2020

تأثير الصورة النمطية عامل مهم ومؤثر بشكل كبير على الرياضيين في كرة القدم وغيرها من الرياضات.

International Friendly - England v Romania Soccer Football - International Friendly - England v Romania - Riverside Stadium, Middlesbrough, Britain - June 6, 2021 England's Marcus Rashford scores their first goal from the penalty spot Pool via REUTERS/Nick Potts
المنتخب الإنجليزي من أكثر المنتخبات خروجا من البطولات الكبرى عبر ركلات الترجيح (رويترز)

إخفاق منتخب كرة القدم الإنجليزي في ركلات الترجيح هي واحدة من أقوى الصور النمطية في كرة القدم العالمية، وهي صورة تعود إلى الأذهان كلما لعبت إنجلترا في أدوار خروج المغلوب بإحدى البطولات الكبرى، وتحديدا كأس العالم وبطولة أمم أوروبا.

في تقرير نشره موقع "ذا كونفرسيشن" (The Conversation) الأسترالي، يقول الباحثان تيم ريس وجيسيكا سلفاتوري إنهما أعدّا دراسة علمية جديدة حول تأثير الصور النمطية في عالم الرياضة، وسلطا الضوء على الفكرة الشائعة بأن إنجلترا سيّئة في ضربات الترجيح، وتخسر دائما كلما وصلت هذه المرحلة.

وخلص الباحثان إلى أن تأثير الصورة النمطية عامل مهم ومؤثر بشكل كبير على الرياضيين، في كرة القدم وغيرها من الرياضات.

مخاوف الجماهير الإنجليزية

كانت الجماهير الإنجليزية تخشى من أن يتكرر سيناريو الفشل في ركلات الترجيح قبل المواجهة التي جمعت منتخبهم مع ألمانيا في ثمن نهائي النسخة الحالية من بطولة أمم أوروبا (يورو 2020)، خاصة أن ذكريات الإنجليز في المواجهات مع المانشافت ليست سعيدة.

وما عزز تلك المخاوف هو أن المنتخب الإنجليزي من أكثر المنتخبات خروجا من البطولات الكبرى عبر ضربات الترجيح، على عكس منتخب المانشافت المعروف بأنه يملك حصيلة رائعة في هذا المجال.

وقد خسرت إنجلترا أمام ألمانيا بركلات الترجيح في نصف نهائي يورو 1996، بعد 6 سنوات من خسارتها أمام المنافس ذاته في كأس العالم 1990، وبركلات الترجيح أيضا. ولم تتمكّن إنجلترا أبدا من الفوز على ألمانيا في المرات التي حُسمت فيها مواجهات خروج المغلوب بركلات الجزاء.

وأدى التفاوت الصارخ في حظوظ المنتخبين على أساس المواجهات السابقة إلى تقوية الصورة النمطية التي تفيد بأن إنجلترا سيئة في ركلات الترجيح، وأن مواجهة ألمانيا في هذه المرحلة محفوفة بالمخاطر، وقد ساعد النقاد والصحفيون وحتى الأكاديميون في ترسيخ هذه الصورة النمطية.

تهديد الصورة النمطية

تشير الدراسة إلى أن هذه الصورة النمطية قد تضر بحظوظ إنجلترا في أي ركلات ترجيح مستقبلية، وهو ما يُعرف بـ"تهديد الصورة النمطية"، أي أن الخوف الذي يشعر به اللاعبون من أن أدائهم سيثبت الصور النمطية السلبية المنتشرة حولهم.

وأظهرت الدراسة أن الخوف من توافق الصورة النمطية مع الواقع من شأنه أن يقوّض قدرات الدماغ، ويقلل من سعة الذاكرة الناشطة، ويحد من القدرة على حلّ المشكلات. كما كشفت النتائج أن الذين يتمتعون بمهارات عالية قد يصبحون أكثر ضعفا أمام التهديد الذي تشكّله الصورة النمطية.

وبحسب الباحثين، فإن المهارات قد تتعطل بسبب تهديد الصورة النمطية، لأن الرياضيين يركّزون أكثر على مراقبة أدائهم خطوة بخطوة، مما يقوّض المهارة التلقائية.

لذلك، قد يؤثر تهديد الصورة النمطية على أداء اللاعب، ليس لأنه يصرف الانتباه بعيدا عن مهارته في تنفيذ الركلة، بل لأنه يجعله شديد الاهتمام بإبراز هذه المهارة وتكذيب الصورة النمطية.

ليس في كرة القدم فحسب

ويضيف الكاتبان أنهما قاما بدراسة تهديدات الصورة النمطية في عدد من الرياضات، بما في ذلك كرة السلة والغولف والتنس وحتى ألعاب التحمل والقوة. على سبيل المثال، يرى الرجال البيض الذين يلعبون كرة السلة أن أداءهم يتأثر سلبا عندما يتم تذكيرهم بالصورة النمطية التي تقول إن "الرجال البيض لا يستطيعون القفز بشكل جيد".

وتقدّم النساء أداء أسوأ من الرجال في لعبة التنس عندما يتم تذكيرهن بالصورة النمطية حول القدرات الرياضيّة الطبيعيّة للجنسين. وفي كرة القدم، وجدت الدراسة أن أداء اللاعبات يكون سيئا في المراوغة والتسديد عندما يقال لهن مسبقا إن النساء فاشلات في كرة القدم.

ويؤكد الكاتبان أن المشاركين في الدراسة اتفقوا بالإجماع على أنه "مقارنة ببقية المنتخبات، فإن إنجلترا هي الأسوأ في ركلات الترجيح". وأشارت الدراسة إلى أن لاعبي كرة القدم الإنجليز وعند تشجيعهم على تجاهل هذه الصورة النمطية كان أداؤهم أفضل، واستطاعوا تنفيذ ركلات ترجيح أفضل بعيدا عن عبء سنوات الفشل السابقة.

تغيير الصورة النمطية

وتشير النتائج التي توصلت لها الدراسة إلى أن التشكيك في الصورة النمطية أمر ضروري إذا أراد أي فريق أو رياضي التغلب على سجله السيئ. وللقيام بذلك، يجب أن يعمل الجمهور ووسائل الإعلام على عدم ترسيخ الصورة النمطية في أذهان اللاعبين إذا كانوا يريدون مساعدتهم على تحقيق الأفضل.

وفي حالة المنتخب الإنجليزي، يجب على الجمهور عدم التذمر من فكرة الفشل في ركلات الترجيح. ومن المهم أن يتساءل اللاعبون والمدربون عن صحة تلك الصورة النمطية السلبية من الأساس. على سبيل المثال، يمكن للاعبين تذكير بعضهم بعضا بأنهم يسجلون ركلات الترجيح طوال الوقت عندما يلعبون مع أنديتهم، وأنه لا يوجد سبب للاعتقاد بأنهم لا يستطيعون تحقيق الشيء ذاته مع المنتخب.

المصدر : مواقع إلكترونية