دراسة: إنتاج البذور يتناقص 60% لدى الأزهار الواقعة بالقرب من الأبراج الكهربائية

الحقول الكهرومغناطيسية الصادرة عن أبراج الكهرباء تعيق تلقيح النحل للأزهار (شترستوك)

يعتبر تلقيح النحل للأزهار خدمة بيئية أساسية، حيث يعمل على تلقيح ثلث إنتاج المحاصيل الغذائية العالمية، وهو بذلك يسهم بنحو 353 مليار دولار في الاقتصاد العالمي كل عام. لكن للأسف، هذه الخدمة تأثرت بسبب تناقص أعداد النحل حول العالم.

وحسب دراسة منشورة في دورية "ساينس أدفانسيز" (Science Advances) بتاريخ 12 مايو/أيار الجاري، وجد الباحثون دلائل تشير إلى أن الحقول الكهرومغناطيسية الصادرة عن أبراج الكهرباء تعيق عمليات تلقيح النحل لأزهار النباتات المجاورة للأبراج، كما وجدوا أنها ارتبطت بتغيرات في تعبير الجينات المتعلقة باستجابات المناعة والتوتر عند النحل.

تفاصيل الدراسة

تم إجراء الدراسة في تشيلي بواسطة فريق علمي متعدد التخصصات خلال موسمين من مواسم التزهير، حيث اختار الباحثون 12 برجا لتوليد الكهرباء، نشطة وغير نشطة خلال فترة الدراسة.

وبحسب البيان الصحفي المنشور على موقع "فيز دوت أورغ" (Phys.org)، فقد قام الباحثون بقياس قوة الحقول الكهرومغناطيسية الصادرة عن أبراج التوزيع الكهربائي عند مسافات مختلفة من الأبراج النشطة، كما قاموا بدراسة تأثيرها على نشاط تلقيح النحل للأزهار، وبحصر عدد الأزهار وزيارات النحل.

ووفقا للملاحظات الميدانية، فقد كانت زيارات النحل للأزهار ضمن مسافة 15-25 مترا من الأبراج النشطة أقل من تلك الواقعة على بُعد أكثر من 200 متر، مما يدل على أن التعرض للحقول الكهرومغناطيسية قلل بشكل كبير من نشاط النحل.

التعرض للحقول الكهرومغناطيسية قلّل نشاط النحل بشكل كبير (شترستوك)

ووجد الباحثون أن النحل الجامع للطعام بالقرب من الأبراج النشطة لديه مستويات أعلى من بروتين الإجهاد مقارنة بالنحل القريب من الأبراج غير النشطة، مما يشير إلى أن التعرض للحقول الكهرومغناطيسية أدى إلى ضغوط فسيولوجية.

وفي التجارب المعملية، قاموا بتعريض مستعمرات النحل لمستويات مختلفة من الإشعاع الكهرومغناطيسي، وقاسوا تعبير الجينات، حيث وجدوا تعبيرات معدلة لـ12 من أصل 14 جينا ذات صلة بالملاحة والمناعة والاستجابة للإجهاد.

تأثيرات سلبية على الإنتاجية

يتعرض النحل للإشعاع الكهرومغناطيسي طوال ساعات جمع الطعام، حيث يقضي معظم ساعات الضوء النهارية في البحث عن الطعام بالقرب من الأبراج، مما يعرضه بشكل مستمر للإشعاع الذي تتراكم تأثيراته مع مرور الوقت.

وحققت الدراسة فهما واضحا حول كيفية تداخل الحقول الكهرومغناطيسية مع نشاط النحل بطرق متعددة تتعلق بالإجهاد والجينات والحواس والملاحة. وكل هذا يقلل من كفاءة النحل في جمع الطعام من الأزهار وتلقيحها.

وكان إنتاج البذور لدى الأزهار التي يلقحها النحل بالقرب من الأبراج النشطة أقل بنسبة 40-60% من تلك الواقعة بعيدا عن الأبراج، مما يدل على أن انخفاض زيارات النحل أدى إلى انخفاض نجاح إنتاج البذور لدى النباتات.

وتشير النتائج أيضا إلى أن التعرض المستمر للحقول الكهرومغناطيسية خلال فترة جمع النحل للطعام له تأثير سلبي واضح على نشاط اللقاح.

واستنتج الباحثون أن التعرض للحقول الكهرومغناطيسية يعوق تلقيح النحل للأزهار ويؤثر سلبيا على إنتاجية النباتات الزهرية.

أظهرت التجارب المعملية تغيرات في التعبيرات الجينية للنحل (شترستوك)

تخفيف التأثيرات الضارة

وتوحي الدراسة بأننا بحاجة إلى خطة منهجية وعملية لتجنب أو التقليل من تداخل البنى الحضرية مثل الأبراج الكهربائية الكبيرة مع نشاط النحل، إذا أردنا الحفاظ على خدمات التلقيح المهمة التي يقوم بها.

كما أن هناك حاجة ماسة إلى تخفيف تأثير مثل هذه البنى الحضرية على النحل، خاصة مع مواجهة النحل لتحديات كثيرة على مستوى العالم مثل فقدان الموائل والأمراض والمبيدات.

وهناك عدة خطوات يمكن اتخاذها لتقليل تأثير البنى الحضرية على نشاط لقاح النحل، مثل:

  • وضع مزارع النحل بعيدا عن الأبراج الكهربائية الكبيرة.
  • تركيب أغطية معدنية لتغليف الأبراج الكهربائية لتقليل انبعاث الحقول الكهرومغناطيسية.
  • زيادة الوعي لدى المجتمع المحلي والحكومات حول أهمية المحافظة على النحل.

ويمكن أن يساعد تطبيق بعض هذه الإرشادات على نطاق واسع في تخفيف التأثيرات الضارة للبنية التحتية الحضرية على نشاط النحل.

المصدر : فيز دوت أورغ + مواقع إلكترونية