ابتكار إنزيم يستطيع هضم أطنان من البلاستيك في ساعات
أعلن باحثون من جامعة تكساس في أوستن (University of Texas at Austin) أنهم استخدموا الذكاء الاصطناعي في ابتكار نوع مطور من الإنزيمات، يمكن أن تقضي على أطنان من البلاستيك في غضون ساعات فقط.
وبحسب الدراسة المنشورة في دورية "نيتشر" (Nature) أطلق الباحثون على الإنزيم اسم "فاست بي إي تيز" (FAST-PETase)، وتم إنشاؤه خصيصا للتقليل من الوقت الذي يتم استغراقه في تفكيك وتحطيم مكونات البلاستيك التي تخنق البيئة، وتستغرق عادة قرونا كي تتحلل.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsالعالم يصم آذانه.. البشر يأكلون الأسماك ملوثة بالبلاستيك منذ أكثر من 70 عاما
العلماء يعثرون لأول مرة على جزيئات بلاستيكية دقيقة في الدم البشري
ابتكار نهج ثوري جديد لإعادة تدوير البلاستيك يحاكي ما يحدث في الطبيعة
ويأمل الباحثون أن يساعد ذلك الابتكار في حل واحدة من أكثر المشاكل البيئية إلحاحا في العالم، وهي مشكلة مليارات الأطنان من النفايات البلاستيكية المتراكمة في مقالب القمامة، والتي تسبب تلوث الأرض والمياه والأنظمة البيئية على كوكب الأرض.
بعض مزايا الإنزيم
يقول تقرير لموقع "ساينس ألرت" (Science Alert) إنه في الوقت الحالي، تتمثل أكثر الطرق شيوعا للتخلص من البلاستيك في رميها في مكب النفايات حيث تتعفن بمعدل بطيء جدا، أو حرقها الأمر الذي يكلف الكثير، ويستهلك الكثير من الطاقة، ويملأ الغلاف الجوي بالغازات الضارة. وبالتالي فإنه من الواضح أن هناك حاجة ماسة إلى إستراتيجيات بديلة، وقد يكون إنشاء وتطوير هذا الإنزيم واحدا منها.
ووفقا للبيان الصحفي الصادر من جامعة تكساس في أوستن، يرى العلماء أن من شأن هذا الاكتشاف أن يسرع في إعادة تدوير البلاستيك، ويؤدي إلى تغيير ثوري في تقنيات إعادة تدوير البلاستيك.
وحول مزايا استخدام الإنزيم المطور، يقول البروفسور هال ألبر، أستاذ الهندسة الكيميائية في جامعة أوستن "هناك إمكانيات غير محدودة لاستخدامات هذا الإنزيم، وهناك أيضا احتمالات لا حصر لها للاستفادة من عملية إعادة التدوير الرائدة هذه، وفي مختلف المجالات الصناعية، بخلاف إدارة النفايات المتبعة سابقا، في التخلص من نفايات البلاستيك".
ويضيف "يوفر هذا الابتكار فرصا أفضل للقطاعات الصناعية لأخذ زمام المبادرة في إعادة تدوير منتجاتها، من خلال هذه الأساليب الإنزيمية الأكثر استدامة، والتي يمكننا بواسطتها البدء في تحقيق اقتصاد بلاستيكي دائري حقيقي".
تفكيك البلاستيك
وبحسب بيان الجامعة فإن الانزيم المطور من قبل الفريق يركز على التخلص من البلاستيك المصنوع من "البولي إيثيلين تيريفثاليت" (polyethylene terephthalate PET) وهي مادة مركبة صناعيا (بوليمر) تستخدم في تصنيع قناني تعبئة الماء والأطعمة والسوائل الأخرى، وكذا تغليف الأطعمة والفاكهة وغيرها، وهي تشكل وحدها حوالي 12% من جميع النفايات العالمية.
من ناحية أخرى، قال بيان الجامعة إن الإنزيم المطور يعمل على تفكيك البلاستيك إلى أجزاء صغيرة، ثم يعيد تجميعه كيمائيا، حيث يتم التخلص من البلاستيك بواسطة "عملية دائرية" (circular process) لتحطيم البلاستيك إلى أجزاء أصغر، تعرف باسم عملية إزالة البلمرة (depolymerization)، ثم تتم إعادة تجميعه كيميائيا فيما يعرف بإعادة البلمرة (repolymerization)، وباستخدام هذه العمليات الكيميائية يمكن تكوين منتجات بلاستيكية جديدة.
ويذكر البيان أيضا أن في هذه الدراسة -التي أسفرت عن هذا الابتكار- استخدم الباحثون تقنيات الذكاء الاصطناعي، لتوليد طفرات جينية جديدة في إنزيم طبيعي يسمى "بي إي تيز" (PETase) يسمح للبكتيريا بتحليل بلاستيك "البولي إيثيلين تيريفثاليت" وتعديله.
وباستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي أيضا، تم تحديد الطفرات الجينية التي يمكن بواسطتها تحلل البلاستيك بشكل أسرع في ظل ظروف بيئية مختلفة، ويكون من شأنها إزالة البلمرة بسرعة عند درجات حرارة منخفضة نسبيا قريبة لحرارة الغرفة في الأحوال العادية.
وقد تم تطبيق هذا الإنزيم على 51 حاوية بلاستيكية، و5 من ألياف وأقمشة بوليستر، وزجاجات مياه كلها مصنوعة من "بولي إيثيلين تيريفثاليت" وقد أثبت الباحثون فعالية الإنزيم.
آفاق جديدة
وعلى الرغم من تقدم الأبحاث حول إنزيمات إعادة تدوير البلاستيك خلال الـ 15 الماضية، فإنه، وحتى الآن، لم تكن هذه الأبحاث قادرة على صنع الإنزيمات التي يمكن أن تعمل بكفاءة في درجات حرارة منخفضة وبأسعار معقولة على نطاق صناعي كبير.
لكن في المقابل، يرى العلماء أن "فاست بي إي تيز" بوسعه تنفيذ ذلك عند أقل من 50 درجة مئوية. وبالتالي، فإنهم يعقدون الأمل على استخدام اكتشافهم لتنظيف مطامر النفايات والمواقع الملوثة الأخرى.
لهذا فإن الفريق العلمي يخطط للعمل على زيادة إنتاج الإنزيم للتطبيق الصناعي والبيئي، إذ إنهم يبحثون في عدة استخدامات مختلفة لهذا الإنزيم منها تنظيف مدافن النفايات وتخضير الصناعات عالية الإنتاج وإن كان الاستخدام الرئيسي المحتمل هو المعالجة البيئية.
وفي هذا الصدد يقول ألبر "عند التفكير في تطبيقات التنظيف البيئي، فأنت بحاجة إلى إنزيم يمكنه العمل بالبيئة في درجات الحرارة المحيطة، وهذا تتمتع به تقنيتنا وبميزة كبيرة في المستقبل".