ثعابين الفأر المشعة تساعد في تتبع التداعيات البيئية لكارثة فوكوشيما

لا بد من المزيد من الأبحاث لتعزيز فهمنا للآثار البيئية للحوادث النووية الضخمة مثل فوكوشيما وتشرنوبيل.

A Japanese rat snake crossing a rural road in the Fukushima Evacuation Zone in Japan. (Photo by Hannah Gerke)
استخدم الباحثون ثعابين الفئران كمؤشرات حيوية للسلامة الإشعاعية للبيئة (حنا جيرك-جامعة جورجيا)

بعد مرور 10 سنوات على واحدة من أكبر الكوارث المشعة في تاريخ البشرية، تمكّن فريق من الباحثين من جامعة جورجيا (University of Georgia) من توصيف العلاقة ما بين النويدات المشعة (radionuclides) التي تراكمها ثعابين الفئران اليابانية أثناء تجوالها في محيط منطقة كارثة مفاعلات فوكوشيما، وبين مستويات مختلفة من النشاط الإشعاعي البيئي.

نشرت نتائج الدراسة في دورية "إكثيولوجي آند هربتولوجي" (Ichthyology & Herpetology) المختصة بعلمي الأسماك والزواحف، وتناولها بيان صحفي صادر عن الجامعة يوم 20 يوليو/تموز الماضي.

وتشير النتائج التي توصل إليها الفريق، إلى أن ثعابين الفئران هي مؤشر حيوي فعال للنشاط الإشعاعي المتبقي. مثلها مثل طيور الكناري في مناجم الفحم، فإن المؤشرات الحيوية هي كائنات حية يمكن أن تشير إلى مستوى صحة النظام البيئي.

الباحثون درسوا سلوك ثعابين الفئران على بعد 24 كلم من موقع تسرب فوكوشيما الإشعاعي (فليكر)

حركة محدودة نسبيا

للوصول إلى النتائج، اصطاد فريق جامعة جورجيا 9 ثعابين فأر تعيش في مرتفعات أبوكوما التي تقع على بعد 24 كيلومترا شمال غرب محطة فوكوشيما دايتشي للطاقة النووية.

وتم ربط الثعابين التسعة بنظام تحديد المواقع العالمي "جي بي إس" (GPS) إضافة إلى أجهزة تنصت عالية الدقة بحيث يمكن تتبع موقع الثعبان فيما إذا كان على الأرض أو على الشجرة. وتتبع الباحثون حركة ثعابين الفأر ونشاطها لمدة 3 أشهر، وتمكنوا من رصد 1717 موقعا لها.

وتبين أن الثعابين قد قضت معظم وقتها في الأشجار والمراعي وبجوار الجداول على جانب الطريق، إضافة إلى المباني المهجورة، وخاصة الحظائر المهجورة، ومناطق الأشجار ذات الأوراق المتساقطة، كما أنها تفضل البقاء على مقربة من الطرق العامة.

ومن ناحية أخرى، وجد الباحثون أن اختيار موطن ثعبان الفأر يختلف قليلا عبر المقاييس المكانية، لكن الثعابين تتجنب باستمرار غابات الصنوبر دائمة الخضرة أثناء اختيار المناطق القريبة من الجداول، حيث يمكن أن تختلف مستويات التلوث البيئي بناء على نوع التضاريس وخصائصها.

A Japanese rat snake conceals itself in a tree. (Photo by Hannah Gerke)
الثعابين في المناطق الملوثة إشعاعيا تنتقل لمسافات قصيرة (حنا جيرك-جامعة جورجيا)

وقد لاحظ الباحثون أن الثعابين في المناطق الملوثة إشعاعيا تنتقل لمسافات قصيرة لا تزيد عن 65 مترا في اليوم كحد متوسط، وتم تسجيل حالة واحدة فقط لثعبان تمكن من الانتقال لمسافة تزيد عن 250 مترا في اليوم.

وهنا أشارت الدراسة إلى وجود فوارق ما بين الثعابين نفسها وقدرتها على الحركة تبعا لتعرضها لمستويات مختلفة من الإشعاع. وكتب الفريق في ورقتهم البحثية "في معظم الأحيان بقيت الثعابين في المكان نفسه لعدة أيام، مما أسفر عن متوسط حركة محدود نسبيا".

اختلاف السلوك باختلاف مستوى الإشعاع

يعتقد الباحثون بإمكانية وجود تنوع كبير في مستويات التعرض للإشعاع، حتى داخل مجموعة من الثعابين التي تعيش في المكان نفسه، وذلك بالنظر إلى الخصائص البيئية المختلفة للموائل التي تختارها الثعابين، بالإضافة إلى الوقت الذي تقضيه على الأشجار.

ويذكر أن نتائج هذه الدراسة ترتبط بنشاط ثعابين الفأر في المناطق الملوثة إشعاعيا خلال فترة الصيف ما بين يونيو/حزيران وأغسطس/آب الماضيين، حيث تكون الثعابين أكثر نشاطا.

A Japanese rat snake is fit with a GPS transmitter that will allow researchers to track its movements over the next several weeks. (Photo by Hannah Gerke)
ثعابين الفئران اليابانية تدخل في فترة سبات خلال الشتاء مما يؤثر على تعرضها للإشعاع (حنا جيرك-جامعة جورجيا)

وأشار الباحثون إلى أن ثعابين الفئران اليابانية تدخل في فترة سبات خلال فصل الشتاء، مما قد يؤثر أيضا على تعرضها للإشعاع، خاصة إذا كانت تقضي فترة سباتها تحت الأرض.

وتعتبر هذه الدراسة امتدادا لمشروع بحثي يقوم به فريق عالمة البيئة هانا جيرك من جامعة جورجيا. حيث أظهر الباحثون في دراسة سابقة، نشرت في دورية "ساينس أوف ذا توتال إنفرايومنت" (Science of Total Environment) في شهر سبتمبر/أيلول 2020، أن مستويات الإشعاع الموجودة في الثعابين في فوكوشيما ترتبط ارتباطا وثيقا بمستويات التلوث الإشعاعي الموجودة في بيئتها. هذا يعني أن تتبع ودراسة الثعابين يمكن أن يساعد في الكشف عن مستويات النشاط الإشعاعي البيئي.

وأوضح الفريق أنه لا بد من القيام بالمزيد من الأبحاث المستقبلية لتعزيز فهم ماهية العلاقة التي تربط ما بين استخدام الموائل الملوثة ومدى التعرض للإشعاع ومستويات النويدات المشعة الموجودة في الثعابين، مما يمكننا من تعزيز فهمنا للآثار البيئية للحوادث النووية الضخمة مثل فوكوشيما وتشرنوبيل.

المصدر : ساينس ألرت + مواقع إلكترونية