لماذا يجب تنظيم تداول العملات المشفرة الآن؟.. الخبراء يجيبون

تسعى الدول بشكل متزايد إلى زيادة تنظيم قطاع العملات المشفرة

أهم العملات البديلة القابلة للإستثمار في عام 2022
العملات الرقمية ازدهرت خلال جائحة كوفيد-19 لتبلغ قيمتها السوقية 2.3 تريليون دولار (شترستوك)

بعد جنون التشفير، تسعى الدول بشكل متزايد إلى زيادة تنظيم هذا القطاع الناشئ. مع اندلاع الحرب في أوكرانيا، أصبحت هذه الفكرة -التي كانت موجودة بالفعل خلال أزمة كوفيد-19- من الأولويات بالنسبة المنظمين.

في تقرير نشرته صحيفة "لاتريبون" (la tribune) الفرنسية، قالت الكاتبة جين دوسوي إن العملات الرقمية ازدهرت خلال جائحة كوفيد-19 لتبلغ قيمتها السوقية 2.3 تريليون دولار. لكن الحماس تجاه العملات الرقمية، التي باتت تعتبر استثمارًا بديلا، يتغذى من الأزمات والاضطرابات التي يشهدها الاقتصاد التقليدي، وهو ما يمثل مصدر قلق. لذلك، يعمل المنظمون في جميع أنحاء العالم على التحكم في هذه الموجة الرقمية، إن لم يكن احتواؤها.

ذكرت الكاتبة أن الرغبة في تنظيم هذا المجال أصبحت راسخة الآن في الولايات المتحدة، ويشجع الرئيس الأميركي جو بايدن الهيئات النقدية والمالية على التركيز على الدولار الرقمي والمخاطر المرتبطة بالعملات المشفرة مثل الاحتيال أو غسيل الأموال.

وقد حددت الكاتبة 6 اتجاهات تضغط على وتيرة تنظيم العملات المشفرة حول العالم.

التضخم يغذي البحث عن استثمارات بديلة

يواجه العالم معدلات تضخم لم يسبق لها مثيل منذ عقود، على الأقل في البلدان المتقدمة. وقد فاقمت الحرب في أوكرانيا الوضع من خلال التسبب في ارتفاع أسعار الطاقة إلى مستويات تاريخية. ونتيجة لذلك، بدأت البنوك المركزية، وعلى رأسها الاحتياطي الفدرالي، تصدر سياسات نقدية متشددة أبرزها زيادة أسعار الفائدة خاصة على السندات الحكومية. في ظل هذا الوضع الذي يخلق حالة من عدم اليقين، يبحث المستثمرون عن ملاذات آمنة من التضخم أحدها العملات الرقمية.

تزايد اعتماد على العملات الرقمية في المدخرات

لا يمكن إنكار شعبية العملات الرقمية، ففي فرنسا استثمر 8% من الفرنسيين بالفعل في العملات الرقمية، وفقًا لدراسة أجرتها شركة "كيه بي إم جي" (KPMG)، وتحتل روسيا الصدارة عالميًا في استخدام وتعدين العملات الرقمية. إلى جانب أوكرانيا، يحتل هذان البلَدان أيضًا المرتبة الرابعة والـ18 في اعتماد العملات المشفرة في العالم، وفقًا لشركة "تشايناليسيز" (Chainalysis). وفي بعض المناطق ذات المناخ البارد والكهرباء الرخيصة، لا سيما في سيبيريا، أصبحت العملات الرقمية مصدرًا رئيسيا للدخل بالنسبة للعديد من الروس.

بعد الأفراد، توجّه الفاعلون الماليون التقليديون إلى العملات الرقمية حتى إن أحد البنوك الخاصة وهو "ديلبواك أند سي" (Delboac and C) قد حصل على وضع مشغل خدمات الأصول الرقمية ليقدمها لعملائه. ويشير بنك إنجلترا إلى أنه في سبتمبر/أيلول 2021، امتلكت 13% من صناديق التحوط الأميركية و23% من صناديق التحوط الأوروبية أصولًا رقمية.

وسيلة للتحايل على العقوبات

وصل حجم مشتريات العملات الرقمية بالروبل إلى مستويات قياسية في مارس/آذار الماضي، كما ارتفعت أسعار البيتكوين (Bitcoin) في الأيام الأخيرة مدفوعة بفكرة أن الأزمة الأوكرانية تثبت فائدة العملة اللامركزية، وفقًا لما نقلته وكالة "فرانس برس" عن شركة "كايكو" (Kaiko).

نبّهت رئيسة البنك المركزي الأوروبي إلى أن هذا الحماس للعملات الرقمية خطير لأنها لا تخضع للنظام المصرفي التقليدي، مما يجعلها وسيلة لمحاولة الالتفاف على العقوبات المفروضة على روسيا. وقد ثبُت هذا الاهتمام المتجدد بالعملات الرقمية في بلدان أخرى خاضعة للعقوبات مثل إيران وكوريا الشمالية.

طريقة لتلقي المساعدة

منذ الساعات الأولى من الصراع، فتحت الحكومة الأوكرانية حسابات ومحافظ رقمية لتلقي التبرّعات بالبيتكوين وغيرها من العملات الرقمية. قدّمت عدة شخصيات مشهورة هذه التبرعات مثل جاك دورسي، مبتكر تويتر، الذي يدعم عملة البيتكوين التي يبلغ سعرها اليوم 40 ألفا و89 دولارًا للعملة الوحدة.

تضاعف استخداماتها

منذ إنشائها في أعقاب الأزمة المالية في عام 2009، حاولت البيتكوين الخروج عن صورة الأصل الرقمي المتقلب والخاضع للمضاربة.

وقد ظهرت مؤخرًا الرموز غير القابلة للاستبدال التي بدأت تغزو العوالم الافتراضية للعلامات التجارية أو ما يسمى "ميتافيرس" (Metaverse). وتسعى هذه العلامات التجارية إلى إنشاء أنظمة دفع جديدة في الميتافيرس عن طريق عملات رقمية مستقرة مدعومة بالدولار أو عملة أخرى تسمح بالتبادل الفوري والآمن دون تكاليف وساطة.

في المملكة المتحدة، ترى وزارة الخزانة أنه يجب تنظيم هذا المجال بطريقة وسائل الدفع الحالية نفسها من قبل منظم أنظمة الدفع وبنك إنجلترا، إذا تسبب حجمها في حدوث خطر شامل. كما تخطط وزارة الخزانة لتدابير أخرى، مثل دراسة طرق تجعل نظام الضرائب البريطاني أكثر قدرة على المنافسة لتشجيع تطوير سوق الأصول الرقمية. أما الاستخدام الآخر لهذه الأصول الرقمية فهو اعتمادها مخزنا للقيمة. وفي الوقت الحالي، يحذر المنظمون من أن البيتكوين ليس مخزنًا للقيمة وإنما أصل للمضاربة.

إنهاء هيمنة الدولار

في انتظار تخفيف العقوبات على روسيا، تُكثّف الحكومة إجراءات دعم الروبل وتقليل الاعتماد على الدولار. وتحظى فكرة تسريع العمل على الروبل الرقمي، الذي يندرج ضمن فئة العملات الرقمية للبنك المركزي، بتأييد في موسكو. وفي الوقت الذي يسعى فيه الأوروبيون إلى ممارسة الضغط على روسيا من خلال تقليل طلبات الهيدروكربون، لجأت موسكو إلى فرض الدفع بالروبل، وقد تعتمد البيتكوين في المستقبل، على حد تعبير مسؤول منتخب في مجلس الدوما. وهناك مشروع بترو في فنزويلا، وهي عملة رقمية مدعومة بأسعار النفط.

تعمل جميع البنوك المركزية الكبرى على مشروع عملة البنك المركزي الرقمية. في أوروبا، يعمل البنك المركزي الأوروبي على إنشاء اليورو الرقمي في غضون 5 سنوات كعملة بنك مركزي آمنة للمدفوعات المحلية.

المصدر : لاتريبيون