الرائدات - د. مريم شديد / عالمة فلك
رائدات

مريم شديد.. الخبرة والدراسة في علم الفلك ج1

تستضيف الحلقة أول عالمة فلك في العالم العربي مريم شديد، لتتناول مسيرة حياتها التي بدأت مع عائلتها الفقيرة في الدار البيضاء حيث درست في مدارسها وجامعاتها الحكومية.

– ذكريات الطفولة وعشق علم الفلك
– رحلة الاكتشافات العلمية والحصول على الدكتوراه

 

ذكريات الطفولة وعشق علم الفلك


undefinedروان الضامن: أول عالمة فلك في العالم تصل إلى قلب القطب المتجمد الجنوبي وأول طالبة تنجز الدكتوراه في أكبر مرصد وطني بفرنسا.

مريم شديد- عالمة فلك عربية: أذهب إلى سطح المنزل وأراقب النجوم كأنها تتكلم معي، كان حب كبير بيني وبين السماء ولازال، ولدت في وسط عائلة جد متواضعة من أب وأم حنونين ونحن سبعة أطفال ثلاث بنات وأربع أولاد.

روان الضامن: وترتيبك السادسة من بين سبعة؟

مريم شديد: نعم أنا رقم ستة كما تقول أمي وكان أبي يعمل كحداد..

روان الضامن: وهناك يعني شارع صغير يسمى زنقة في المغرب زنقة الحدادين في الدار البيضاء؟

مريم شديد: نعم كان معظم وقته هناك يقوم بزخرفة الحديد وكنت أرى هذا العمل كفن جميل جدا، بالنسبة لأمي الفتاة الخياطة الطبخ وتتزوج وتنجب أولاد والأشياء الأخرى سوف نرى بعدين، لقد بدأت بروض الأطفال مدرسة الفكر العربي وبعدها ذهبت إلى المدرسة الابتدائية مدرسة المزرعة للبنات وبعدها الإعدادية إعدادية المنصور الذهبي وثانوية صلاح الدين للبنات.

روان الضامن: وكانت كلها مدارس وإعداديات وثانويات حكومية.. أوه هذه كنت جد صغيرة أنها في.. نعم هذه الابتدائي الأول وهذه التحضيري يعني بدأ حبك لدراسة الفلك والبحث في مجال الفلك عندما أهداك أخوكي مصطفى الذي يكبرك بست عشرة عاما كتاب الجاذبية الكونية وهو كتاب بالفرنسية في عيد ميلادك الثاني عشر، حدثينا عن ذلك.

مريم شديد: أنه هو هذا الكتاب وكان هذا إهداء من طرف أخي مصطفى يقول لي كان في عيد ميلادي عندما جاوزت الثانية عشر سنة من عمري إلى أختي مريم عيد ميلاد سعيد وكل عام وأنت فلكية، أتمنى لك كل ليلة سماء مليئة بالنجوم، أخوكي مصطفى، شيء جميل جدا لأن في هذا الكتاب شيء حدث عندي في مسيرتي العلمية، كأنها سماء انفتحت أمام عيني مطرزة بالنجوم وفي هذا الكتاب أنه كتاب جون كلود بيكر الذي يتحدث كثيرا عن بعض الظواهر الفلكية ويقوم ببعض المعادلات الرياضية لفهم هذه الظواهر كمثلا الفيزياء الميكانيكية لشرح قوانين كيبلر وقانون الجاذبية لنيوتن وكان هذا شيء جميل لأنني عندما أعطاني هذا الكتاب لأول مرة قمت باستعمال جميع هذه القوانين الميكانيكية وجاذبية نيوتن لفهم علم الفلك وخاصة المجموعة الشمسية.

روان الضامن: يعني كنت قبل حتى عمر الثانية عشر تحبين الفلك؟

مريم شديد: أظن أنني خلقت عالمة فلكية..

روان الضامن: يعني بعمر التسعة وعشر سنوات كنت..

مريم شديد: عندما كنت صغيرة كنت أحب كثيرا أن أنظر إلى السماء وإلى النجوم وإلى لمعان النجوم والألوان كنت جد مهتمة بكل هذه الأشياء، لذلك أخي مصطفى قد لاحظ ذلك وأهدى لي كتاب جميل قد غير مسيرة حياتي.. الليل هناك سكون عظيم ويمكنني أن أفكر بارتياح لأننا كنا سبعة أخوة وكان دائما المنزل مليء وهكذا وفي الليل تطمئن النفوس والكل هادئ وأذهب إلى سطح المنزل وأراقب النجوم كأنها تتكلم معي كأن حب كبير بيني وبين السماء ولازال.

روان الضامن: كانت ما تحب تساعدك في البيت؟

زهرة الطاهري الإدريسي- والدة مريم: شوية كنت أعرف أنها تقرأ كانت تقرأ كانت تحفظ كانت تقعد بالليل لكي تقرأ.

جميلة شديد: طول الوقت مريم عندها كتاب في يدها تحفظ، وتحفظ لدرجة أننا سميناها بالمغربية كراكة لا تتوقف عن الحفظ، كنا نذهب إلى الحمام وكانت تأخذ معها الكتب داخل البلاستيك.. الورقة داخل البلاستيك ليس لدينا حمام وكنا نذهب إلى الحمام المغربي تجعل أوراقها داخل البلاستيك وتحفظ في انتظارنا مثلا عندما ننهي.

مريم شديد: وكنت أترك المدرسة على الساعة السادسة بالضبط وأركض وعندما أجيء إلى البيت أطرق الباب بكل سرعة أفتحوا.. أفتحوا تقول لي أمي ما هذا أقول لها أنها لبيبة.

[شريط مسجل]

تعال معنا الآن في رحلة علمية مع لبيبة ولابد أنه قد سبق لك أن نظرت إلى الفضاء ورأيت ما فيه من جمال وكيفية تلألا النجوم وتغير الغيوم.

مريم شديد: المعرفة.. المعرفة أطلبوا المعرفة.. كنت أحب كثيرا علوم الرياضيات الفيزياء وكذلك الفلسفة والعلوم الطبيعية وخاصة الجيولوجيا ولحسن حظي كانت هذه الفترة قد كانت فترة تشكل كذلك قدوم المذنب هالي لحسن الصدف في سنة 1986 مر المذنب هالي الذي يعبر النظام الشمسي كل 76 سنة وفي هذه الفترة قد ظهر وقمت بندوات وبدراسة متعمقة على المذنبات.

فرتوس سعيد- أستاذ جيولوجيا: تسألين الأسئلة بعصبية، كنت تبكين إذا ما لم تحصلي على المرتبة الأولى كنت شديدة البكاء..

مريم شديد: عائلتي يتذكرون ذلك..

فرتوس سعيد: نعم حينما تحصلين على رتب ليست بالأولى..

مريم شديد: ليست بالأولى..

فرتوس سعيد: نعم وكان هذا كان حافز لتحسني دائما المستوى يعني..

مريم شديد: دائما المستوى نعم..

فرتوس سعيد: وكنت تهتمين بعلم الفلك من صغرك كنت تحلمين أن تكوني عالمة فلك.

مريم شديد: كان الكل يضحك يقول لي أنك تلميذة جد متفوقة ولك معدل سنوي جميل جدا لابد أن تعملي طبيبة مهندسة أو شيء ما.. ما هذا علم الفلك أنت حمقاء أو ماذا يجري في رأسك وكذلك كانت الأساتذة يقولون نفس الشيء، أمي كذلك وعائلتي يقولون يا ترى ماذا جرى هناك ماذا تريدين أن تعملي؟ عالمة فلك ما معنى هذا يقولون لي؟

جميلة شديد: نحن كنا نضحك نقول هذه ليست بمهنة لن تأكلك أو تشربك هذه المهنة كنا نقول لها هذا ترينه في أفلام الرسوم المتحركة ليس بالواقع لا يمكن..

روان الضامن: ما هي قصة استماعك لبرنامج أسبوعي عبر الإذاعة المغربية ومن هذا الأستوديو تحديدا في الرباط والذي كان يعده ويقدمه الفنان التشكيلي الفرنسي ألبير بيلو والذي كان محبا لعلم الفلك؟

مريم شديد: قلت يا إلهي هناك أحد يتكلم علم الفلك بالإذاعة، إذا قد استمعت كثيرا من هذا البرنامج وكنت لا أضيع حلقة منه، كل جمعة أستمع للبرنامج وذات يوم قلت لماذا لا أكتب لألبير بيلو وكتبت، وكنت جد مندهشة لأنه أجابني أسبوع يعني سريعا وقد دعاني في ورشته "لليغ" وبعد ذلك أصبحنا جد أصدقاء لاحظ حماسي وحبي لعلم الفلك وأفكاري في هذا المجال وطرح علي هذه الفكرة لما لا نقوم نحن الاثنين بهذا البرنامج سويا وكنت جد فرحة بذلك وقد بدأت في تسجيل البرنامج معه وأنا في السنة الثانية من الثانوية وكان عمري ستة عشر سنة.

[شريط مسجل]

مريم شديد: مريم 16 عاما، إن الكون يتطور باتجاه واحد بمعنى أننا ننتقل من من حالة عدم توازن مبدئي إلى حالة توازن نهائي كيف يمكن سيد بيلو أن نفسر هذا التناقض؟

روان الضامن: عام 1988 أنهت مريم شديد الثانوية بتفوق وعندما لم تجد أية جامعة مغربية تدرس الفلك رسمت مسار تعليمها بنفسها فالتحقت بكلية العلوم في جامعة الحسن الثاني الحكومية بالدار البيضاء.

"
واجهتني صعوبات مادية كثيرة، لكن حبي للعلم وللعلوم كان أكبر من ذلك وكان يكسر كل حاجز يقف أمامي وأمام هذا العلم
"

مريم شديد: درست تخصص الرياضيات السنة الأولى والثانية السنة الثالثة والرابعة درست تخصص الفيزياء واخترت هذا بنفسي وأنه اختيار فردي محض، قالوا لي زملائي لماذا لم تكملي الطريق في علوم الرياضيات يا مريم؟ أنه شيء جميل قلت لهم لا الآن سوف أتوجه إلى العلوم الفيزيائية لعلم الفلك وهذا الذي فعلته بالضبط، لم تكن عندي منحة وكانت عائلتي عائلة فقيرة، لقد واجهت صعوبات مادية كثيرة، لكن حبي للعلم وللعلوم كان أكبر من ذلك إذا كان يكسر كل حاجز يقف أمامي وأمام هذا العلم.

أحمد فحلي- نائب رئيس جامعة الحسن الثاني المحمدية: عندما كانت الدكتورة شديد مريم طالبة في بداية التسعينات تقدمت يوما أتذكر لتتساءل عن ما يمكن القيام به لكي تدرس علم الفلك وكان هذا سؤالا غريب.

وسكيط سعيد- أستاذ فيزياء ذرية ونووية: من خلال الأسئلة الغير مباشرة التي كانت تطرحها غالبا ما كانت تأخذنا من تخصصاتنا لتحلق بنا بعيدا في عالم النجوم وعالم السماء.

مريم شديد: كنت طالبة في البحث العلمي بالمغرب وهذا البحث العلمي في المغرب ليس متطور جدا مثل أوروبا وأميركا وهذه الطالبة أرادت البحث العلمي علوم الفلك الذي ليس لها وجود وهذه كانت مسيرة شاقة جدا في حياتي بالمغرب.

روان الضامن: هل كان البير بيلو هو أول شخص يعني أخبرك أنه يمكن أن تحولي هذه الهواية وهذا الحب إلى مهنة واحتراف؟

مريم شديد: نعم لقد استمريت منذ أن كان عمري خمسة عشر سنة إلى حتى السنة الأخيرة للجامعة أعني البكالوريوس وذات يعني قال لي مريم سيكون شيء جميل إذا حققت أن هويتك تصبح مهنة لك سيكون شيء جميل قلت له أه بالتأكيد وهو الذي شجعني في هذا الاتجاه.

روان الضامن: غادرت المغرب في تشرين الأول / أكتوبر عام 1992 إلى فرنسا إلى نيس تحديدا يعني.

مريم شديد: نعم غادرت المغرب أتذكر جيدا كان إحدى عشر أكتوبر يوم عيد ميلادي، أنا لم أحدد بالضبط هذا ولكن كانت مفاجأة كان شيء جاء هكذا..

روان الضامن: بالصدفة..

مريم شديد: بالصدفة.. أنها كانت مغامرة وأريد أن أقول إذا كنا نريد شيئا فلابد من التضحية إذا غامرت هكذا ذهبت من المغرب إلى فرنسا لأول مرة أخرج من بلاد المغرب بدون منحة وجئت إلى فرنسا واشتغلت كنت اشتغل بالليل وأدرس بالنهار، الموضوع الدراسي في الكليات المغربية ليس كالكليات الفرنسية، إذا هناك لم يكن هناك توازن لذلك كان علي أن أشتغل ليل ونهار في الأول لكي التحق بالمستوى الفرنسي، كنت أحن كثيرا إلى عائلتي بالمغرب وهذا كان شيئا ليس بالسهل للطالب عندما نكون وحدنا في بلد لا نعرفه كثيرا وبعيدا عن المغرب وعن العائلة، أنني لا أجد كلمات أعبر فيها عن أحساسي وعن ماذا شعرت به في هذه اللحظة في لحظة الماجستير هنا كانت جد صعبة بالنسبة لي.

[فاصل إعلاني]

رحلة الاكتشافات العلمية والحصول على الدكتوراه

روان الضامن: في نيس بجنوب فرنسا حصلت مريم شديد على الماجستير في علم الصورة الكونية وهو علم يهتم بتحسين جودة الصور الفلكية للأجرام السماوية.

إريك فوسات: كنت أدرس السنة الثانية من الماجستير ومريم لم تكن الطالبة الأفضل في تلك المجموعة لكن واحدة من رسائلي الرئيسة هي أن من يريد النجاح في علم الفلك فإنه سيفعل ومريم كانت تطبيقا رائعا لهذه الفكرة، أشرفت على الجانب التطبيقي لدراستها الماجستير وفيه حصلت على أعلى علامة، كانت في الفلك التطبيقي هي الأفضل لكن لأنها لم تحصل على أعلى علامة في المجموعة لم تستطع الحصول على منحة لدراسة الدكتوراه وكان صعب عليها أن تكمل دراستها لكنها قررت أن تخوض معركة طويلة وقد أثبتت أنها عندما تقرر أن تحارب فإنها تنجح.

مريم شديد: زارنا يوم من الأيام في المختبر باحث من مرصد "الهوت بروفانس" وقام بندوة..

روان الضامن: هذا مرصد الهوت بروفانس هو أكبر مرصد في فرنسا أكبر مرصد فلكي..

مريم شديد: هو أكبر مرصد وطني بفرنسا زرانا وقدم لنا نوعية أبحاثه العلمية وكانت عبارة عن نجوم أريد أن أقول عبارة عن زلازل النجوم وذبدبة نجوم وكل ما يتعلق بنبضانها وميكانيكية حركتها وكذلك ذلك وأعجبت كثيرا بهذا الموضوع.

روان الضامن: هل يمكن أن نتوقف هنا لتشرحي لنا يعني النجوم لها نبضات مثل نبضات القلب؟

مريم شديد: نعم بكل.. النجوم لها نبضات، هناك نوع من النجوم له نبضات داخل الغلاف الجوي وهذه النبضات لها مدة زمنية تكررية وكذلك الشيء الذي أعجبني أنه بواسطة هذه النبضات يمكننا أن نتطلع على مسافات الكون، تعرفت بهذا العالم الفلكي وقال لي لا هذا ليس معقولا أن الطلبة لن يلزمهم أن يأتوا إلى هذا المكان المنعزل لابد أن تبقي في مختبر أو بمرصد بالكلية وسط مدينة، قال لي لن يمكن أن أوافق على هذا وقد استمريت في الفكرة وقلت له أنني لابد أنا أحب النجوم وأحب السماء وأحب التليسكوبات وكل هذا لابد أن أذهب إلى الهوت بروفانس وعندما شاهد أنني قد قررت على هذا قال لي طبعا أهلا وسهلا وكنت أول طالبة بدأت دراسة الدكتوراه في هذا المرصد وبعد ذلك عندما تخرجت منه الآن أصبح عديد من الطلبة يأتون ويقومون برسالة الدكتوراه في هذا المرصد وقد نجحت في مهمتي والحمد لله، لقد ذهبت دون منحة إلى هوت بروفانس لكن كان هناك بعض الآلات لتجزئة الضوء أو الآت لقياس لمعان النجوم وغيرها كان بعض علماء الفلك عندما يأتون إلى الهوت بروفونانس لا يعرفون استعمال هذه الآلات وأنا كنت هنا كنت معهم وذات يوم قررت المنظمة العالمية لعلوم الكون أن تعطيني ليست بمنحة ولكن كمهية..

روان الضامن: راتب وظيفة..

مريم شديد: راتب وظيفة لكي أتكلف بهذا العلماء وأعلمهم وهذا كان شيء جميل أني كنت أشرف على دراستي هناك في الهوت بروفانس وفي نفس الوقت أقوم بهذه المهمة، كانت أول قرية تبعد بست كيلومترات من هنا وكان ليس لدي سيارة وهذا كان مشكل إذا كنت أريد شيئا ما أذهب على قدمي إلى هناك، هذا كانت من المتاعب الكبيرة التي واجهتها هنا وكذلك هناك العلماء الفلك كنا أربعة أو خمسة وكنا نعيش منعزلين جدا وكنت أرى نفس الأشياء نفس اليوم لمدة ثلاث سنوات هذا كان شيء جد كان لابد التغلب على هذا نفسيا وكذلك كان المشرف دوني جيلي كان إنسان جد صعب ودقيق ويريد الأشياء بدقة ومهارة لكن اليوم أصبحت أقوم بمواضيع وبتحليلات ونتائج في علم الفلك ممتازة بعض الأحيان تفوقه كما يقول المثال وكم علمته نظم القوافي ولما قال قافية هاجني.

دونيس جيليت: أتذكر أن مريم بدأت دراستها للدكتوراه على نجمة واحدة فقط هي آر آر ليري وأن تخصص كل الوقت لنجمة واحدة هو أمر يصعب قبوله نسبيا لأن هناك عديد من النجوم في السماء لاختيار واحدة فقط طوال ثلاث سنوات وكان صعبا جدا بالنسبة لي كمشرف على دراسة مريم أن أقول لها أنه يجب التوقف عن البحث في هذا الطريق لأنه غير مناسب كانت تقول لي لا.. لا أعتقد أنه طريق جيد وستحاول فيه، استمرت على هذا النهج وبعد سنة وجدت نتائج علمية رائعة جدا لظاهرة فيزيائية في النجوم بالتحديد أثبتت وجود موجات اصطدامية كبيرة نسبيا في هذا النوع من النجوم وكانت المرة الأولى في العالم التي يتمكن باحث من مراقبة هذا الشيء وإثباته.

روان الضامن: بعد هذا الاكتشاف الهام حصلت مريم شديد عام 1996 على دكتوراه في النجوم وزلازلها بمرتبة الشرف وكتبت الصحف الفرنسية عن أطروحة مريم باعتبارها أول دكتوراه تتم في مرصد وطني بفرنسا وأول مغربية تحصل على دكتوراه في علم الفلك وأهديت الرسالة إلى والدتك وإلى المرأة وحرية المرأة ما الذي قصدتيه بهذا الإهداء؟

"
أهديت رسالة الدكتوراه إلى أمي لأنها كافحت كثيرا معي ولأن اسمها الزهرة يعني الكوكب الثاني في المجموعة الشمسية
"

مريم شديد: نعم أولا أهديت هذه الرسالة إلى أمي لأن أمي قد كافحت كثيرا معي وأبي كذلك لكن أمي امرأة وهناك شيء آخر أمي أسمها الزهرة.. الزهرة يعني الكوكب الثاني في المجموعة الشمسية هناك عطارد الزهرة الأرض وبطبيعة الحال إلى المرأة العربية كرمز للحرية.

روان الضامن: هل عرف الفنان الفرنسي ألبير بيلو في المغرب أنك حصلت على الدكتوراه في علم الفلك؟

مريم شديد: نعم لقد عرف وكان جد سعيد وقد قال لي والآن لقد أتتمت كذلك مهمتي قال لي لمدة سنوات كبيرة تمنيت أن يكون هناك عالم فلكي في الدول العربية وخاصة المغرب لأن هو كان بالمغرب والآن قال لي أنا جد مسرور بهذا كل السرور.

روان الضامن: خلال دراستك للدكتوراه تمكن أحد الراصدين في مرصد الهوت بروفانس من اكتشاف كوكب فوق شمسي أو ما نسميه خارج.. أول كوكب خارج المجموعة الشمسية، هل كان لك علاقة بهذا الاكتشاف؟

مريم شديد: نعم بكل تأكيد كانت في سنة 1995 وكان عالم فلك ميشيل مايور يحضر ونراقب النجوم سويا وذات يوم استكشفنا أن هناك كوكب خارج المجموعة الشمسية وهذا كانت ثورة كبيرة في علم الفلك لأننا عندما اكتشفنا هذا يعني أن هناك حياة خارج المجموعة الشمسية ومن هنا أصبح العلماء يهتمون اهتماما جدي بهذه الظاهرة أعني ظاهرة الكواكب خارج المجموعة الشمسية.

روان الضامن: ومع اكتشاف كواكب خارج النظام الشمسي أثيرت ضجة العام الماضي عن اختفاء كوكب بلوتو يعني ما حقيقة ذلك؟

مريم شديد: يا ألهي نعم لقد كنت في مؤتمر المنظمة الدولية لعلماء الفلك،  أنا عضو بهذه المنظمة التي تجمع أشهر علماء الفلك وقد كانت في شهر أوت الماضي 2006 وقد قررنا ما هو في هذه على هذه المجموعة الشمسية. المشكل هو أن بلوتو كوكب صغير وبارد جدا وهناك في بعض الأحيان علماء يكتشفون كواكب نفس كبلوتو في المجموعة الشمسية ويقولون قد اكتشفنا هذه الكواكب لابد المجموعة الشمسية أن تضم كذلك الكوكب التي اكتشفناه وتصبح بدل تسع..

روان الضامن: عشرة أو إحدى عشر..

مريم شديد: عشرة أو إحدى عشر اثني عشر ومن حين لآخر العلماء يكتشفون الكواكب لذلك قررنا في المنظمة الدولية على أن نبعد بلوتو من المجموعة الشمسية والمجموعة الشمسية تبقى على ثمانية كواكب تدور حول الشمس وكفى.

روان الضامن: مع استمرارك يعني كباحثة في علم الفلك تم اختيارك عام 1998 من قبل المنظمة الأوروبية لعلماء الفلك لتكوني ضمن أول فريق دولي يذهب إلى تشيلي بأميركا الجنوبية لتركيب وتشغيل أكبر تليسكوبات في العالم.

مريم شديد: نعم عندها في 1998 كنت اشتغل كمهندسة في المركز الوطني للأبحاث العلمية الفرنسية بمونبيليه وذات يوم حصلت على هاتف يقول لي لقد تم ترشيحك من ضمن العلماء الفلكيون الرائدون الذين سيذهبوا لزرع أكبر تليسكوبات في العالم وتشغيلهم وجميع المواضيع العلمية التي تقوم على أساس ذلك ولقد فرحت كثيرا بالذهاب إلى هناك لكن لم أفكر في الصعوبات.

روان الضامن: تم اختيارك يعني في هذا الفريق الدولي رغم أنك كنت مغربية؟

مريم شديد: نعم وهذا كان لم أكن أصدق ذلك لأن عندما تم اختياري وكل ذلك أرسلت جواب قلت لهم هناك ربما هناك خطأ أنا.. لأنهم يطلبون الجنسيات الأوروبية الأميركية، قلت لهم أنا مغربية أنا لست بفرنسية أنا مغربية وقالوا لي عند القدرات والكفاءات والتخصصات نغمض العينين على الجنسيات وهذا كان شيء جميل بالنسبة لي وكان درس في الحياة أخذته..

روان الضامن: وكنتم بمنزلة دبلوماسية ضمن هذا الفريق الدولي..

مريم شديد: نعم كانت لدينا منزلة دبلوماسية في هذا المرصد العالمي.

روان الضامن: الجزيرة.. أول قناة عربية تخترق أقصى صحاري العالم صحراء أتاكاما في تشيلي وتصل إلى مرصد برانال أكبر مرصد في العالم رحلة استغرقت خمس وعشرين ساعة طيران من الدوحة بقطر إلى سانتياغو عاصمة تشيلي ثم إلى أنتوفوغاستا المدينة الصغيرة على المحيط الهادئ.

مريم شديد: منطقة أنتوفوغاستا منطقة زلزالية عندما كنت هنا كان يقوم أربعة إلى خمسة زلازل في العام وعندما أقول زلازل.. زلازل شديدة أعني بذلك ليست بالزلازل الصغيرة.

روان الضامن: كان علينا لنصل للمرصد الفلكي المنعزل على قمة جبل سيروبرنال أن نقتحم صحراء أتاكاما أكثر صحاري العالم جفافا في رحلة لم تكن سهلة.

مريم شديد: صحراء أتاكاما أقسى صحراء في العالم الجو جاف والطقس حار والارتفاع شاهق جدا يعني الارتفاع حوالي ثلاث آلاف متر إذا ليس هناك وجود لكائنات حية ولا نباتية، انظري يمكنك أن تشاهدي أنه بالضبط كوكب المريخ.

روان الضامن: ليس في الأمر مبالغة فهذه صور لكوكب المريخ نقلها لنا روبوت نزل على المريخ وهذه صحراء أتاكاما على كوكبنا الأرض.

مريم شديد: المرصد الوحيد بالعالم الذي يحتوي على سماء صافية جدا ويعتبر حلم العالم الفلكي أنه مكان منعزل وليس هناك منازل أو مدن قرب هذا المرصد التي تعطي أضواء التي تزعج الصورة الفلكية.

روان الضامن: كيف المعيشة في مكان منعزل ليس فيه تلفاز أو راديو لا يعمل فيه الهاتف الخلوي ليس فيه أي ذبذبات يعني كيف هي المعيشة في مكان منعزل كهذا؟

مريم شديد: كانت عيشة جد منعزلة ولكني كنت باستمرار دائم مع النجوم ومع البرامج الفلكية، هذا يكفيني كنت المرأة الوحيدة في الفريق والعنصر النسوي كان ضئيل جدا. هذه الغرفة تساعدنا بمراقبة الكواكب والنجوم وجميع الأجسام السماوية ومن خلالها يمكن الاتصال ومراقبة التلسكوبات بالخارج لأن مثلا في الليل عندما نقوم بمراقبة النجوم جميع الاتصالات تكون بهذه الغرفة هنا على شكل كمبيوتر. هناك منشورة عالمية تحمل أسمي اكتشفت ان هناك موجات اصطدامية تعبر جو النجم ولها سرعة تفوق فوق السمعية وهذا شيء رائع جدا ومن خلاله يمكننا أن نفهم ما هو داخل النجم وبالتالي نفهم الكون، كل هذه الشاشات لشخص واحد، هناك هذه الشاشات مكلفة بكل ما له علاقة بمراقبة التليسكوب الموقع الذي نريد أن نراقبه وهذا الكمبيوتر يحددنا عن.. يحدثنا عن المنعطف سرعة الرياح، عندما نصل إلى رياح معينة يجب أن نقفل كذلك التليسكوب، عندما نقوم باستخدام أربعة تليسكوبات في مرة واحدة هذا ما نسميه التدخل الضوئي، كل هذه الأربعة تشكل كأنها تليسكوب واحد بمرآة قطره مائة متر وبهذا يمكننا أن نرى رجلا يمشي فوق القمر وأكبر شيء في العالم يمكننا أن نحصل عليه بهذا نقول هذا المرصد اكبر مرصد في العالم، هذا التليسكوب يحتوي على شيئين أساسيين الشيء الأول هو المرآة التي تشاهدينها هنا المرآة الأساسية الذي يبلغ قطرها ثمانية أمتار وهناك مرآة ثانوية صغيرة جدا يبلغ قطرها متر ونصف عندما نفتح القبة نتلقى الأشعة الضوئية من هذا النجم وهذه الأشعة تقوم بما نسميه بإنعكاس على المرآة الأساسية يكون هناك انعكاس والضوء يذهب إلى المرآة الثانوية وحينذاك يقوم انعكاس الثاني على المرآة الثانوية ويذهب الضوء كله يمر على شكل هذه الحفرة التي توجد في المرآة الأساسية وهناك تتجمع هذه الأشعة الضوئية في نقطة بؤرية أن كنا نريد مثلا صورة لهذا النجم نضع آلة تصوير كاميرا التي تحول جميع هذه الجزئيات الضوئية التي نسميها (فوتون) إلى الالكترونيات.

روان الضامن: يعني فهمنا الأجزاء الرئيسية ما هي الأجزاء الأخرى في التليسكوب؟

مريم شديد: نعم الأجزاء الأخرى في التليسكوب مثلا هناك لدينا منشور أكبر منشور في العالم لأنه يعطي تجزئة الضوء بكل دقة وبكل إثبات فائق جميل جدا والله ولقد قمنا بكثير من الاكتشافات بهذا المنشور مثلا وهناك منشور آخر تحت الحمراء، عندما كنت أراقب النجوم وأبحث عن شيء معين في هذه النجوم سواء الطيف أو المكونات النجوم وشيء ما كنت عندما أعثر على شيء جديد كنت متحمسة جدا إليه هذه كانت فرحتي الكبرى. شيء مكلف جدا.. جدا ماديا لذلك العمل هنا يتطلب الإتقان الإثبات والإرادة وليس عندما كنت أعمل هنا لم يكن بالممكن أن أقوم بخطأ صغير.. صغير جدا لأن خمس دقائق مراقبة نجوم هنا بمثال عشرة آلاف دولار شيء ما إذا الإتقان والإثبات والإرادة شيء لازم منه في العمل هنا.

فليكس ميرابل: هذه الأموال يجب أن تكون أموالا عامة لأن القطاع الخاص يهدف إلى الربح السريع ونتائج هذه الأبحاث سنستفيد منها في قرون.

مريم شديد: وكما ترين هناك جميع الأسر التشيلية هنا تلعب مع الأطفال والكل نشيط ومرح وكما تلاحظين أنه شعب يحب كثيرا الحفلات والموسيقى.

روان الضامن: ما هي ذكرياتك عن بدايات مرصد برنال عام 1998؟

كريستوفر ليدمان: كانت مثل مغامرة لقد كانت حقا كذلك قضينا وقتا طويلا على قمة الجبل أكثر من نصف العام كنا في المرصد لأنه في البداية هناك كثير من الأشياء يجب أن تتم وفي التأسيس توجد صعوبات كنا نعيش في صناديق معدنية ليس فيها أي نوع من التهوية أيا كان لذلك أثناء الليل كانت باردة جدا وفي النهار كانت حارة جدا.

مريم شديد: كنت أعيش هنا وعندما كان المطر لأنها الكونتينر عبارة عن صناديق وعندما جاء المطر جميع الأشياء أصبحت مبللة وهذه من أجمل ذكرياتي طبعا.

روان الضامن: أيضا كان هناك بعض ذكريات غير جميلة في أحداث حدثت في المغرب وأنت لم تكوني هناك.

مريم شديد: نعم هذه الحجرة.. من بين الذكريات وفاة والدي كنت في هذه الحجرة عندما تلقيت هذا حدث رهيب بوفاة والدي كنت جد بعيدة عن المغرب ووالدي توفى ولم أحضر جنازته.

روان الضامن: لكن لابد أن فخور بك جدا الآن؟

مريم شديد: بكل تأكيد كنت أتمنى أن يكون معي..

روان الضامن: المغرب كله بل العالم العربي افتخر بابنته مريم شديد أول عالمة فلك تصل إلى قلب القطب المتجمد الجنوبي لتراقب النجوم على مدى ثلاثة أشهر في مغامرة علمية خطيرة تفاصيلها في الجزء الثاني الأسبوع القادم.