فريتش بالكة/سفير سابق بعدة دول عربية / أرشيفهم و تاريخنا
أرشيفهم وتاريخنا

الأحزاب الشيوعية العربية ج4

تتناول الحلقة محاولة تصوير الإسلام المتطرف على أنه التهديد المركزي للغرب باعتباره خليفة الشيوعية في تهديداتها له.

– الشيوعية في المشرق والمغرب العربيين
– الغرب والصراع بين الشيوعيين والقوميين

– انهيار التجربة الاشتراكية في اليمن الجنوبي

– الشيوعية المغاربية.. خلافات وانتماءات

إن رسالة الغرب وخصوصا أميركا مرفوضة لدى كثير من المسلمين وغير هذا فإن محاولة تصوير الإسلام المتطرف على أنه التهديد المركزي للغرب وباعتباره خليفة الشيوعية في تهديداتها له إنما هي محاولة غاية في السذاجة. زبجنيم بريجينسكي. الفوضى.

[تعليق صوتي]

على الرغم من ارتباطاتها الإيديولوجية والتنظيمية ورفعها شعارات الدفاع عن الطبقة العاملة والفئات الشعبية الكادحة وانتقاداتها القوية ضد النخب والطبقات الحاكمة في الدول العربية متهمة إياها بالفساد والتبعية لمركز النفوذ الإمبريالي كانت الأحزاب الشيوعية العربية تعيش واقعا مغايرا تتفشى فيه مظاهر الصراعات الداخلية والولاءات المتعددة والعلاقات والتحالفات المتقلبة مع الحكومات والأحزاب الحاكمة في الدول العربية وأيضا مع الزمر العسكرية التي قادت انقلابات.

الشيوعية في المشرق والمغرب العربيين

[تعليق صوتي]

خلال السبعينيات والثمانينات من القرن العشرين عاشت منطقة الشرق الأوسط تداعيات حرب أهلية طاحنة في لبنان اختلطت فيها الأوراق بين الداخل اللبناني المعقد بتركيبته الطائفية وما أضافه الوجود الفلسطيني من تعقيدات أخرى بينما كانت سوريا ورقة محورية في الحرب وفيما بعدها من ترتيبات وهنا لا تزال وثائق الأرشيف السوفيتي تكشف حقائق جديدة حول علاقات موسكو آنذاك بسوريا والشيوعيين السوريين ورفاقهم في لبنان ودول المنطقة وأدوار كل طرف داخل صراع النفوذ المحلي والإقليمي.

[تعليق صوتي]

بين وثائق الحزب الشيوعي السوفيتي عثرنا على محاضر مداولات قيادة الحزب عام 1983 حول المواجهات التي جرت بين الجيش السوري ومنظمة التحرير الفلسطينية في لبنان حيث نلتقط منها بعض الشذرات التي تلقى الضوء على الموقف السوفيتي المضطرب تجاه سوريا حيث تورد الوثيقة.. الاتحاد السوفيتي أرسل صواريخ إلى سوريا وقرر عدم ضخ الأسلحة إلى سوريا وعدم الاحتفاظ بالقوات السوفيتية في سوريا وعلى هذا يجب إعلام الأسد بذلك بمجرد ذهاب وفد قيادتنا إلى سوريا، الضغط على الأسد لعدم التوغل في لبنان، النظر إلى رفعت الأسد كشخصية ثانية في البلاد بعد تدهور صحة حافظ الأسد، الدفاع عن الوجود الفلسطيني في لبنان، أخذ المعلومات من نايف حواتمه لدى وصوله إلى موسكو. وهكذا تلخِّص الوثيقة شكل العلاقة القائمة على توظيف حواتمه في تقديم المعلومات.

فريتش بالكة- سفير سابق بعدة دول عربية: الاتحاد السوفيتي وبالطبع ألمانيا الديمقراطية كانا يأملان في أن يتسع تأثير هذه الإيديولوجية وفي أن يكبر بالتالي التأثير على الأحزاب الحاكمة لاسيما ذات التوجه الاشتراكي منها رغم أنها كانت في الحقيقة تؤمن باشتراكية أخرى لكن تلك الأحزاب الشيوعية كان يُنظر إليها كوسيلة وكانت تحصل على المساعدات الضرورية لذلك.

[تعليق صوتي]

في وثيقة سوفيتية أخرى يتابع الحزب الشيوعي السوفيتي مداولاته حول توتر الأوضاع في لبنان خلال اجتماع بتاريخ السابع من يونيو عام 1983 بين اثنين من كبار القادة السوفيت آنذاك حيث يقول آندريه غروميكو الأهم أن لا يتمزق لبنان الأهم أن لا يؤدي الموقف السوري إلى تناقضات في منظمة التحرير أو إلى صراع معها. ويَرُد يوري آندروبوف هذا صحيح ضرورة نصح الأسد بالمغادرة من لبنان ثمة خطر علينا ويوضح غروميكو مطمئنا إياه روسيا تواصل العمل على تعزيز موقفها. دار هذا الحوار السوفيتي الداخلي حول الأزمة اللبنانية وموقفهم منها قبل أكثر من ثلاثين عاما من الانسحاب السوري الفعلي والذي تم أثر الضغوط الدولية الهائلة التي تعرضت لها سوريا عام 2005 بعد اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري ولكن الوثيقة توضح كيف كانت العلاقة مع الفلسطينيين تشكل نقطة خلاف بين موسكو ودمشق وكيف كان السوفيت يخشون على الأسد من الفخ اللبناني فيما كانوا حريصين في الوقت نفسه على تأمين مواقعهم في سوريا ولبنان ويعتبرونهما قاعدة لانطلاق نفوذهم داخل العراق وفي منطقة الشرق الأوسط التي أوغلت الاستراتيجية الأميركية في إحكام سيطرتها على أقطارها الواحدة تلو الأخرى.

نهاد الغادري- مفكر وعضو سابق باللجنة المركزية بالحزب الشيوعي السوري: قبل الاتحاد السوفيتي هذه التسوية التاريخية مع الأحزاب القومية الوطنية بشكل خاص مع عبد الناصر أولا ثم مع البعث في سوريا والبعث في العراق واستمرت إلى أن سقط الاتحاد السوفيتي، لم يكن أمامه إلا شيء أخر أن يأخذ إلى جانبه أحزاب شيوعية غير موجودة أو غير ذات قيمة فعليا ليضحي بعلاقته بتحالفه مع الأنظمة، فضَّل التحالف مع الأنظمة بما تتيح له من دور في مواجهة الغرب على أن يكتفي بالأحزاب الشيوعية المحدودة.

[تعليق صوتي]

تمددت خطط الحزب الشيوعي السوفيتي في آخر عهد الاتحاد السوفيتي كي لا تتوقف عند نسق الأحزاب الشيوعية وبات الهدف توسيع شبكة العلاقات والروابط عبر برامج تعاون ودعم متعدد الأشكال كما تكشف عنه خطط التعاون مع حزب البعث الاشتراكي في سوريا التي توضحها الوثيقة التالية التي تبين استقبال الحزب الشيوعي السوفيتي عام 1991 وفدا بعثيا من شخصين إلى ثلاثة لسبعة أيام تركزت أجندة الاجتماعات الدورية حول تبادل المعلومات والتنسيق بما في ذلك ما يتعلق بالمشهد الدولي. وفي العام التالي وبدعوة من البعث وبنفس العدد والمدة يذهب السوفييت بالخبراء والمختصين للزيارة وإلقاء المحاضرات عن نشاطات الحزبين وتبادل الصحافة الحزبية والوفود لتعميق العلاقات والخبرات والعمل المشترك في الأوساط الاجتماعية والمنظمات وتحديد ممثلين لتنفيذ هذه الخطة التي تشتمل على دعم للشيوعية العراقية.

عمار بكداش- الحزب الشيوعي السوري: الحزب الشيوعي السوري طبعا ساعد الحزب الشيوعي العراقي ونحن لا ننفي ذلك نحن في عندنا تضامن أممي إلى جانب التضامن العربي كأخوة ولكن في عندنا كمان تضامن أولاد المبدأ الواحد أبناء المبدأ الواحد، لذلك وقت تعرض الحزب الشيوعي العراقي لحملة قاسية من قِبل نظام حكم صدام حسين فنحن قدمنا له كل المعونة الممكنة آنذاك إلى جانب حملات الاحتجاج الكبرى إلى جانب هذا قدمنا له أيضا المعونة اللوجستية فإخوانا العراقيين اللي كانوا لاجئين ويمرون لبلاد الملجأ عبر سوريا كنا نساعدهم ونأويهم وهذا واجب كأولاد نفس الفكر.

[تعليق صوتي]

تعود علاقات الحزب الشيوعي العراقي بالشيوعي السوفيتي إلى فترة بدايات الحزب التي تلقى فيها أبرز قادة الحزب تكوينهم الإيديولوجي والتنظيمي في موسكو ونسجوا علاقات وثيقة مع الشيوعي الفرنسي أيضا كما تبين تلك الدراسة في الوثيقة البريطانية المطولة والتي تعود إلى عام 1947 وتقوم على الاعترافات التفصيلية لعضو المكتب السياسي مالك سيف ومن بين هذه الاعترافات مغادرة زعيم الحزب فهد إلى باريس عام 1934 حيث أقام هناك وتولى الحزب الشيوعي الفرنسي الإنفاق عليه ثم توجه إلى موسكو حيث أقام عامين أيضا وفي عام 1944 عاد عبر إيران ليعقد مؤتمر الحزب. وتوجد إشارة إلى أن قائمة بالقيادة واللجنة المركزية سُلمت آنذاك لشخص يدعى ديمتروف من السفارة السوفيتية في بغداد كما تحتوى الدراسة على فصل عن العلاقة مع موسكو وعناصر الارتباط والإعلام.

فيتسلاف موتوزوف- مسؤول الأحزاب الشيوعية الشرقية: الاتحاد السوفيتي دائما كان ينطلق من فكرة حماية أصدقائه وما كان يترك ولذلك نجد.. محجوب في السودان وليست الشيوعيين العراقيين واللبنانيين والسوريين ولذلك ما كانت هناك قطع للعلاقات لأنه نحن كنا نفهم أن الصراع على الصعيد العالمي أوثق كثير من علاقتنا مع هذا الحزب أو ذاك، الصراع كان الصراع العالمي صراع مع الإمبريالية الأميركية هكذا كنا ننظر على.. وعلى الصعيد العالمي عنصر محدود كانت عنصر نوعية العلاقات بين الأنظمة العربية وبين الأحزاب الشيوعية.

[تعليق صوتي]

في بداية الثمانينيات وفي الفترة التي شهدت بدايات الحرب العراقية الإيرانية وكانت تحمل تدهورا كبيرا في العلاقة بين طرفي البعث في كل من سوريا والعراق كان الحزب الشيوعي السوفيتي يخاطب مباشرة مسؤولين في مناصب حساسة في الدولة السورية ليوجه المساعدات للشيوعي العراقي بحسب قرار الحزب الشيوعي السوفيتي الذي تحوَّل إلى أمر للسفير السوفيتي في دمشق بضرورة زيارة عبد الحليم خدام وطلب الموافقة على التماس الشيوعي العراقي بمساعدات طبية وخدمات أخرى، خمسون محطة إذاعية ستون ناظورا وفي هذا السياق يجب إعلامه بموافقة علي دوبا مسؤول المخابرات السورية، المساعدات هذه تقدر بمائتي ألف روبل.

عبد الحسين شعبان- الحزب الشيوعي العراقي: الأجهزة السورية كان لديها صراع مع حزب البعث التابع لصدام حسين والحزب الشيوعي العراقي كان معارضا لصدام حسين فهنا التقت المصالح ولكن بعضها وظف على أساس علاقة مع أجهزة وليس علاقة على أساس سياسي.

"
أغلب الأحزاب الشيوعية في الشرق كانت لها سياسات كارثية تجاه الأحزاب القومية العربية ولم يفهموا أن هذه الأحزاب القومية يمكن أن تقبل بهم كحلفاء
"
إبراهام السرفاتي

إبراهام السرفاتي- الحزب الشيوعي المغربي: أغلب الأحزاب الشيوعية في الشرق كانت لها سياسات كارثية تجاه الأحزاب القومية العربية ولم يفهموا يوما أن هذه الأحزاب القومية يمكن أن تقبل بهم كحلفاء كما أنها يمكن أن تطردهم وتقمعهم بمجرد وصولها إلى الحكم.

[تعليق صوتي]

في عام 1966 تلقت قيادة الحزب الاشتراكي الألماني الموحد في برلين تقريرا مهما من القنصل الألماني في صنعاء يحتوي على معلومات دقيقة حول فاعلية ربط العلاقات مع العناصر اليمنية الموالية للفكر الاشتراكي ويقترح تعزيز علاقاته في عين المكان بمنح المنظمة الديمقراطية لشبيبة اليمن هدية بسيطة في حجمها لكنها مُحملة بالإشارات يتعلق الأمر بآلة كاتبة كانت المنظمة اليمنية في أمس الحاجة إليها لإصدار منشوراتها، الوثيقة تكشف أيضا أن رئيس الأجهزة الأمنية محمد السلامي كان على صلة وثيقة بالقنصل الألماني وكان يمده بمعلومات مفصلة وقيمة حول الوضع الأمني الداخلي مما يوحي بأن ألمانيا الديمقراطية كان لها موقع نفوذ مبكر في أوساط السلطة اليمنية.

فيكتور أمبيلوف: من الطبيعي أن نقوم باستخدامهم لأهدافنا في الحرب الباردة التي لم نبدأها نحن فقد كانت بمثابة تواصل لتداعيات الحرب العالمية الثانية، لقد كان هدف الولايات المتحدة كما هو معروف تدمير دولة العمال الأولى وإمتداداتها في العالم كله ولهذا كنا بمساعدة أصدقائنا وحلفائنا في العالم العربي، نشعر بالراحة لوجود سفننا الحربية في البحر الأبيض المتوسط.

إبراهام السرفاتي: بالرغم من دور الاتحاد السوفيتي في مواجهة الجيش النازي فإنه منذ نهاية الحزب صار يتبنى موقفاً يفضل مصالح الاتحاد السوفيتي أو بالأخرى مصالح روسيا المحاطة بدول تابعة وكان بذلك ينصرف عن مبدأ الأممية الذي كان حينها الشعار المركزي المفترض لكل الأحزاب الشيوعية.

[تعليق صوتي]

وحول مدى ارتباط أعضاء حكوميين نافذين بالنظام الشيوعي في ألمانيا الديمقراطية التي نجحت عبر السنين في تكوين علاقات وثيقة مع النخبة السياسية في اليمن تقول رسالة نائب قنصل ألمانيا الديمقراطية في صنعاء إلى وزارة الخارجية قسم شؤون الدول العربية، أحمد جبران توجه بطلب إلينا يتضمن ما يلي، يُعقد مؤتمر مجلس السلام العالمي حول السلام في الصين الهندية في منتصف فبراير عام 1972 في باريس وسيشارك فيه ممثلون يمنيون يعيشون حاليا في المنفى عدن والقاهرة، هذا الوفد يرغب في زيارة ألمانيا الديمقراطية بعد ذلك المؤتمر لعقد محادثات مع اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي الألماني الموحد. وتقول الرسالة السفارة في صنعاء ليس لها اتصالات مع هؤلاء الأشخاص وبالتالي لا يمكن لها أن تقدم اقتراحات ملموسة وتطلب التشاور بهذا الشأن مع اللجنة المركزية في الحزب الاشتراكي الموحد واطلاعها على القرار، توضح وثيقة سوفيتية في عام 1988 مظاهر الاستنفار في أوساط المنظمات الشيوعية في منطقة الخليج بتوجيه سوفيتي حيث تُبين خطوات حشد التجمعات الشيوعية ضد المد الأميركي في الخليج وتناقش اتخاذ خطة ضد التوسع الأميركي في الخليج والشرق الأوسط والأدنى والمحيط.

عبد الحسين شعبان: أعتقد أن بلدان الخليج بحاجة إلى حركات ذات طابع ديمقراطي ذات طابع مدني بحيث تؤكد على مرحلة التحرر، إشراك المرأة دمج المرأة الحصول على الاستقلال السياسي تقليص وتصفية القواعد العسكرية، تحقيق منجزات اجتماعية لصالح السكان وغير ذلك، هذه هي المسائل الرئيسية التي تحتاج بلدان الخليج ولذلك الدور السوفيتي كان هو دور ليس فقط فكري أو سياسي وإنما كان دور استخباري ودور أمني أيضا بهذا المعنى.

فيتسلاف موتوزوف: عندما الأحزاب الشيوعية باجتماع ثانوي أخذت القرار اندماج جبهة تحرير البحرين إلى أسرة الأحزاب الشيوعية العربية نحن وجدنا أنفسنا في حالة ضيقة جدا بغض النظر أن ليست.. كانت هناك تلك الأيام علاقات دبلوماسية بين الاتحاد السوفيتي والبحرين، البحرين كان قائد العسكرية أميركية ولكن نحن كنا لا نحب أن ندخل إلى بلد المجتمع مش مهيأ لقبول الفكرة الشيوعية.

[تعليق صوتي]

خلال هذه الفترة وجه السوفيت اهتمامهم إلى ليبيا كما تبين وثيقة الأرشيف السوفيتي حيث يتحدث برجنيف في اجتماعه مع القذافي عن أن الأهم في هذه المباحثات التوقف عند الموقف السوفيتي تجاه القضايا الدولية وإطلاع القذافي على مبادراتنا المطروحة في مؤتمرنا الأخير ودعم المواقف الإيجابية لسياسة القذافي، القذافي بدوره تحدث عن تقييمه للوضع العالمي وأن ليبيا كانت وستظل تقف ضد السياسة الإمبريالية وأنها ستصبح على هذا الأساس دولة تقدمية في العالم العربي والأفريقي، أهمية سياسة القذافي أن يركز على تعاوننا المشترك ويعتمد ذلك وبحسب كلامه يريد أن تكون ليبيا حليفا استراتيجيا للسوفيت.

فيكتور أمبيلوف: ظهر زعماء عرب مشرفين من نمط الزعيم الليبي معمر القذافي الذي تَشكَّل بتأثير الثقافة الفرنسية والذي اقترب بكتابه الأخضر في نهاية المطاف من النظرية الشيوعية.

[تعليق صوتي]

في أوائل التسعينيات من القرن العشرين وفيما يشبه حالة فزع في دوائر قيادة الحزب الشيوعي السوفيتي كشفت وثيقة سوفيتية تقريرا عن مداولات لقيادة الحزب حول لقاء عقده العقيد القذافي في نهاية الثمانينيات مع زعماء الأحزاب الشيوعية العربية وكانت موسكو تنظر إليه بانزعاج لكون القذافي يقوم بعملية سحب للجماعات الشيوعية العربية التي باتت تتفكك شيئا فشيئا في ظل انحسار النفوذ السوفيتي، بينما تكشف وثائق سوفيتية أخرى أن موسكو سعت في أواخر عهد الاتحاد السوفيتي قبل تفككه إلى توسيع علاقاتها مع الأحزاب اليسارية والقومية والأنظمة العربية. ففي أكتوبر من عام 1990 وعلى خلفية أحداث الخليج وغزو العراق للكويت جرى اجتماع في موسكو بين وفد من قيادة الحزب الشيوعي اللبناني وقيادي من الحزب الشيوعي السوفيتي جاء فيه.. جورج حاوي يؤيد سياسة البريسترويكا باعتبارها جزء من تطور الماركسية ويصفها بالثورة العلمية ويعترف قائلا أن السياسة السوفيتية الثابتة أثرت سلبا على عمل الحزب الشيوعي اللبناني ثم يدور الحديث عن الشرق الأوسط حيث يقرر حاوي أن الخطر الأساسي قادم من الخليج العربي الناجم عن العدوان العراقي وأن الحزب الشيوعي اللبناني يقف مع حل سلمي للصراع وأن الحل العسكري جنوني وأنه من المفيد توسيع الضغط على العراق لتنفيذ قرار الأمم المتحدة وسحب قواته حتى لا يغري الأميركيين بالبدء بالعمليات العسكرية ومن الضروري خطوات مرنة ومن المهم في هذا السياق إعارة الانتباه لاقتراح القذافي، كان القذافي قد وسَّط ياسر عرفات ليعرض على الملك فهد تسوية لأزمة احتلال العراق للكويت تتضمن إحلال قوات ليبية وفلسطينية محل القوات العراقية ودفع تعويضات للكويت ومن ثم التفاوض حول الخلافات ولكن يبدو أن عجلة الحرب كانت قد بدأت في الدوران بوصول القوات الأميركية إلى المنطقة فتم رفض الاقتراح. وبالعودة إلى تلك الفترة التي كان نظام العقيد القذافي يبحث فيها عن دور أكبر وهو ما يواصل عرضه محضر الاجتماع السابق ذاكرا.. القذافي الآن وضع يده على الأحزاب اليسارية والتيارات السياسية المبعثرة في العالم العربي، الحزب الشيوعي اللبناني شارك في تأسيس ندوة لهذه القوى لكن الحوار لم يقد إلى أفق، كما ورد في الاجتماع أيضا حصيلة تقييم الرفاق اللبنانيين حول حالة تراجع الحركة التحررية الوطنية العربية وضعف جناحها اليساري لمصلحة صعود المتشددين الإسلاميين.

فيكتور أمبيلوف: كنت قد التقيت مع كثير من زعماء الحركة الشيوعية واليسارية الفلسطينية ومن ضمنهم زعيم الجبهة الديمقراطية الذي تحدثت معه طويلا في دمشق أثناء زيارتي لتأبين خالد بكداش وهو أيضا أكد أن على الشيوعيين أن يتفقوا سعياً لإضعاف التمدد الإمبريالي وبخاصة بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وبعد أن فسد شيوعيوه مع الأسف.

[تعليق صوتي]

يرصد تقرير الخارجية البريطانية اجتماع اللجنة المركزية للشيوعي المغربي عام 1957 ويتضمن التقرير ملاحظات عن العلاقة المميزة مع الحزب الشيوعي الفرنسي ونجد في وثيقة الأرشيف الاتحادي الألماني نسخة من رسالة من سكرتير اللجنة المركزية في الحزب الشيوعي الفرنسي جاستون بليسونيه بتاريخ الثالث والعشرين من حزيران عام 1965 موجهة إلى اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي الألماني الموحد توضح التعاون الوثيق بين الحزبين الشيوعيين الألماني والفرنسي حتى مع أعضاء في جبهة التحرير الوطني الجزائرية حيث تحتوي الرسالة على نص النداء الذي وجهته مجموعة من الناشطين في جبهة التحرير الوطني الجزائرية من داخل السجن.

فريتش بالكة: حين نتخذ الجزائر كمثال وقد كانت لها علاقات حكومية وثيقة مع ألمانيا الديمقراطية كانت الجزائر من الدول ذات التوجه الاشتراكي وفي الوقت نفسه كان الحزب الشيوعي الجزائري محظورا أي غير شرعي وهذا كان يشكل مأزقاً قوياً بالنسبة إلى القيادة في ألمانيا الديمقراطية وداخل الحزب الاشتراكي الألماني الموحد فقد كانت هناك علاقات مع الحزب الشيوعي الجزائري لكن كان يتحتم علينا أن لا نظهر تلك العلاقات علناً.

[موجز الأنباء]

الغرب والصراع بين الشيوعيين والقوميين

[تعليق صوتي]

كما عرضنا سابقا من خلال إحدى الوثائق البريطانية كانت الحملة التي قادها الإخوان المسلمون عام 1956 ضد الحزب الشيوعي السوري واتهامه بالولاء للاتحاد السوفيتي وإسرائيل بعد حضور زعيمه خالد بكداش مؤتمر الحزب الشيوعي السوفيتي العشرين هي الأزمة الأولى التي يتعرض لها الحزب الشيوعي السوري على الصعيد الداخلي، في سبتمبر/أيلول عام 2003 كشفت صحيفة الجارديان النقاب عن وثائق بريطانية تؤكد أن المخابرات البريطانية (M.I.6) والأميركية (C.I.A) كانا يخططان لغزو سوريا عام 1957 بهدف احتوائها وإبعاد حكومتها التي كان يرأسها شكري القواتلي عن التوجهات اليسارية القريبة من الاتحاد السوفيتي ومصر. وحددت الوثيقة التي أقرتها الحكومتان البريطانية والأميركية أسماء الشخصيات الثلاث المطلوب اغتيالها وهي عبد الحميد السراج رئيس الاستخبارات العسكرية السورية وعفيفي البزري رئيس أركان الجيش وخالد بكداش أمين عام الحزب الشيوعي السوري.

عمار بكداش: الصهاينة في أميركا كانوا يريدون أن يصوروا إسرائيل أنها الواحة الديمقراطية الوحيدة ضمن الظلام الديكتاتوري في المنطقة، بينما ظهر أن هناك بلد أكثر ديمقراطية ولا أخاف من هذا الكلام، سوريا بالخمسينات. من إسرائيل وبنفس الوقت من ناحية الشكليات الديمقراطية لا أكثر.

"
حركة المعارضة في الشرق الأوسط كانت في غالبيتها الساحقة قومية الطابع وتحديدا من دعاة الوحدة العربية كالبعثيين والناصريين
"
آلان جريش

ألان جريش- دبلوماسي سابق في المنطقة العربية: في الحقيقة كانت أي جهة تعارض الغرب توصم ببساطة بالشيوعية على سبيل وضعها ضمن سياق الصراع العالمي مع الكتلة الشرقية مع أن حركة المعارضة في الشرق الأوسط كانت في الواقع في غالبيتها الساحقة قومية الطابع وتحديدا من دعاة الوحدة العربية كالبعثيين والناصريين.

[تعليق صوتي]

اتخذت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوري عام 1958 قرارا عبَّرت فيه عن تأييد الحزب لصيغة الاتحاد بين سوريا ومصر وقرارا حول ضرورة تدعيم الجبهة الوطنية بيد أن ذلك العام شهد حملات ضد الشيوعيين ونشرت صحيفة الليموند الفرنسية حملات في الصحافة البعثية الموالية لجمال عبد الناصر ضد الشيوعيين في مصر بتوجيه من ناصر وذكر تقرير في الصحيفة أن حملات الصحافة البعثية اتهمت بكداش بأنه جزء من مافيا كردية، من جهته أعلن الحزب الشيوعي السوري في أيار عام 1961 برنامجا سياسيا طالب فيه بإعادة النظر بالأسس التي قامت عليها الوحدة والمعروف باسم البنود الثمانية عشر.

عمار بكداش: قيل لخالد بكداش من أحمد المحفل بأن يتصل بالبعثيين ويخبرهم بأن هناك تهديد من القيادة الجمهورية العربية المتحدة لهم وكما عرفنا لاحقا أنها أخبارنا لأخوانا البعثيين وصل إلى جمال عبد الناصر في صبيحة اليوم التالي تحت حجة أنه الشيوعيون يريدون أن يوقعوا بين البعثيين وحكم الجمهورية العربية المتحدة.

[تعليق صوتي]

وتفيد شهادات ومذكرات معاصرين أن التقلبات في موقف الشيوعي السوري من الوحدة مع مصر لم تكن معزولة عن سياق العلاقات المضطربة بين جمال عبد الناصر والشيوعيين وفي إحدى مذكراته تحدث بكداش عن تلك العلاقة المضطربة بقوله إن جمال عبد الناصر استقبله في بيته في القاهرة في أجواء حرب 1956 وأعلن بكداش تأييده له في دعواته لمناهضة الاستعمار. ونقل عن عبد الناصر بصراحة.. تشكي لي من الشيوعيين المصريين قال أنظر يا خالد أنهم يطلبون مني زيادة الأجور وأنا كما تعرف وضعي لا يمكن أن يتم ذلك الآن، قلت له لا بأس يمكن أن يطلبوا زيادة الأجور إذا توفرت الظروف لذلك.

نعيم الأشهب- الحزب الشيوعي الفلسطيني: الشيوعيين ما رفضوها وأيدوها ولكن بتحفظ وقالوا أنه عملية إلغاء الأحزاب وتجميد الحياة السياسية لا تساهم ببناء وحدة قابلة للحياة.

[تعليق صوتي]

وأضاف بكداش قائلا إن عبد الناصر وخلال حديثي معه لم يأخذ موقف عداء صريح للشيوعيين أستمع إلي فقط طالبته بتوسيع الديمقراطية ولكنه لم يجبني لا سلبا ولا إيجابا، كان جمال عبد الناصر يثق بخالدين في الشرق الأوسط خالد محيي الدين وخالد بكداش. قال بكداش أنه عشية قيام دولة الوحدة عرض المصريون صفقة سياسية على الحزب مقابل إعلان حله ولو شكليا ولكنه رفض وأضاف قوله تخفيت فترة أشهر عدة وعند إعلان الوحدة ذهبت سرا إلى تشيكوسلوفاكيا ثم عدة بعد تطمينات من الضباط إلا أن خطاب جمال عبد الناصر في السادس والعشرين من كانون الأول عام 1958 في بورسعيد واتهامه للشيوعيين بأنهم عملاء دفعني مرة ثانية إلى التخفي، بقيت في دمشق سرا ما يقارب السنة ثم ذهبت إلى موسكو في زيارة سرية وحصل ما حصل بدأت الاعتقالات بالفعل في الحادي والثلاثين من كانون الأول عام 1958 وشملت المئات ووصف بكداش الظروف التي أعتقل فيها الشيوعيون مؤكدا أنهم تعرضوا للسجن والتعذيب في سجن المنزه وبينما تمكن بكداش من الإفلات من الاعتقال وعاش سنوات طويلة متخفيا فقد أعتقل في ذلك السجن فرج الله الحلو الذي عذبوه ثم ذوَّبوا جسده في الأسيد.

عمار بكداش: الأمين العام الأول للحزب الشيوعي خرشوف أدار هذه الحملة كما السوفييت ساهموا بشكل فعال بحملة استنكار اغتيال الرفيق فرج الله الحلو وبنفس الوقت كان يقال أن موضوعيا النظام في مصر هو نظام وطني معادي للاستعمار لذلك يجب استمرار العلاقة معه كدولة لدولة.

[تعليق صوتي]

تكشف وسائل بريطانية وألمانية وسوفيتية تأثير العلاقات المتقلبة بين الحكومات العراقية المتعاقبة والسوفييت في أوضاع الحزب الشيوعي العراقي سواء في عهد عبد الكريم قاسم الذي كان حليفا للشيوعيين أو في عهد حزب البعث الذي قام بحذر نشاط الحزب الشيوعي العراقي في بدايات السبعينيات كانت العلاقة بين الشيوعيين وحكم البعث في العراق تشهد أجواء احتفالية كما تصفها وثيقة بريطانية ترجع إلى العام 1970 هناك إشارة إلى حضور صلاح عمر علي عضو القيادة القطرية إلى أحد هذه الاحتفالات وهو من كان يقيم في لندن كلاجئ سياسي ثم عاد إلى بغداد ليؤسس صحيفة معارضة للاحتلال وهو من أقرباء صدام حسين وكان مندوب العراق في الأمم المتحدة في السبعينات. وسنتوقف هنا عند مرحلة مثيرة من تاريخ علاقات النظام البعثي في العراق بالأحزاب الشيوعية وكيف جرت علاقته مع مراكز النفوذ الشيوعي في موسكو وبرلين بينما كان الشيوعيون العراقيون يتعرضون للاضطهاد والتشريد.

نهاد الغادري- مفكر وعضو سابق باللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوري: الحزب الشيوعي يتطلع إلى وحدة العالم إلى قيادة العالم من قبل الاتحاد السوفيتي، حزب البعث العربي الاشتراكي هو حزب توحيدي للأمة العربية لما يعتبره الأمة العربية الموحدة يعني هو حزب ذاتي إذا بيجوز التعبير وليس ملحقا هو حزب ذو مشروع وليس ملحقا بمشروع ليس جزءا من مشروع هو صاحب مشروع صاحب مشروع وحدة عربية على امتداد العالم العربي في حين أن الحزب الشيوعي هو جزء من مشروع أممي مرتبط بالاتحاد السوفيتي من هنا نشأت الصراعات والخلافات ما بين الحزب الشيوعي والبعث العربي الاشتراكي.

[تعليق صوتي]

في وثيقة ألمانية أخرى تتحدث عن رسالة وجهها سفير ألمانيا الديمقراطية في بغداد كارل هاينس لونجن هاين بتاريخ السادس عشر من مايو 1979 إلى مدير قسم الاتصالات في برلين يقول فيها إن سفير الاتحاد السوفيتي باركوسفكي في بغداد عقد لقاء مع صدام حسين تناول علاقات حزب البعث العراقي بالحزب الشيوعي العراقي، الرئيس صدام حسين أوضح في ذلك اللقاء مع سفير الاتحاد السوفيتي أن الحزب الشيوعي العراقي لا يقدر على التعاون البناء وينشر فقط تقارير في صحيفته طريق الشعب المعادية لأهداف البعث صدام يقول أنه مستعد لمواصلة الوحدة مع الحزب الشيوعي إذا قبل بسياسة حزب البعث السفير السوفيتي عبَّر عن خشيته فيما بعد لسفير ألمانيا الديمقراطية في بغداد من أن يحاول حزب البعث إنشاء حزب شيوعي موالي لها الرسالة تقول أنه بسبب إغلاق مكاتب صحيفة طريق الشعب والفكر الجديد انقطعت حاليا الاتصالات مع الشيوعيين العراقيين وتضيف أنه تقرر خلال المشاورات الأخيرة لسفراء دول المجموعة الاشتراكية عدم الاتصال بهم تفاديا لتعريض حياتهم للخطر، نتوقف عند الوثيقة السوفيتية التي تقول الزعيم الشيوعي الأفغاني نجيب أعلمنا عن حضور السكرتير الأول للعراقي عزيز إلى كابول عزيز محمد توجه إلينا لمعرفة شكل المساعدات من طرف نجيب من مدينة كابول ارتأينا من المفيد والإيجابي أن يقوم نجيب بتقديم المساعدات من كابول إلى العراق وفي الوقت نفسه إعلامه بتوتر العلاقات الأفغانية العراقية الأمر طرح وأتفق عليه مع نائب رئيس الـ (K.J.B) إيمي خونيف بتاريخ الرابع من أكتوبر عام 1986 هكذا تم استغلال الخلاف بين عاصمتين مواليتين لموسكو من قبل المخابرات السوفيتية لتحقيق الأهداف السوفيتية فيما تتلاعب العملية برمتها بمصير الحزب الشيوعي العراقي وسط استراتيجيات متعارضة لنظم تتحد حول الشعارات الاشتراكية والشيوعية.

فيتسلاف موتوزوف: أنا لا أسمع شيئا عن هذا النوع من الأخبار لماذا لأنه أنا عارف أنه المشاكل التي تعيش فيها أفغانستان كانت كافية لأفغانستان نفسه حتى يشغلوا بالهم على مشاكل دول أخرى خصوصا في العراق عندما كانت العراق دولة سيطرة فيها حزب البعث دولة غنية الحزب الشيوعي كان يدخل الجبهة الوطنية التقدمية في العراق وكان الحزب الشيوعي حزب البعث يتعاملون مع بعضهم بعض أنا لا أتصور أن وراء تلك الأحاديث شيئا من الحقيقة.

فريتش بالكة: مازلت أتذكر نزاعا عندما كان مؤتمر للحزب الاشتراكي الألماني الموحد على وشك الانعقاد ودعي إليه الحزب الاشتراكي وحزب البعث العراقيين وحزب البعث كما نعلم في الثمانينيات كان يشن حملة مناهضة للشيوعيين الذين واجهوا التعذيب والاغتيالات والشيوعيون العراقيون أرادوا بالطبع مقاطعة هذا المؤتمر الحزبي لأنهم لم يفهموا لماذا وجهت الدعوة لحزب البعث كنا بحاجة إلى جهود كبيرة لإقناعهم بالمجيء.

انهيار التجربة الاشتراكية في اليمن الجنوبي

[تعليق صوتي]

في اليمن إثر اغتيال سالم ربيع الموالي للصين عام 1978 تولى عبد الفتاح إسماعيل أمين عام الجبهة القومية الموالي للسوفيت ولم تمضي سنتان فقط لتولي الحكم حتى عُزل فغادر إلى موسكو وتولى علي ناصر محمد رئاسة البلاد لكن الأوضاع لم تهدأ فاستخدام الشيوعي السوفيتي نفوذه على أحزاب شيوعية عربية أخرى من أجل احتواء الوضع كما تكشف وثيقة سوفيتية من أرشيف الحزب الشيوعي السوفيتي في موسكو، تقول الوثيقة تم توقيع اتفاقية بين العراقي عزيز محمد ونائب رئيس الحزب الشيوعي السوري يوسف فيصل وزعيم الحركة الديمقراطية نايف حواتمه عن زيارة هؤلاء إلى اليمن لوقف الصراع الداخلي في داخل الديمقراطي اليمني الجنوبي، هؤلاء القادة طلبوا تسديد تكاليف زيارتهم هذه إلى اليمن وارتأينا ذلك مفيدا على أساس دفع تذكرة لمحمد درجة رجال الأعمال موسكو عدن موسكو ولفيصل من دمشق موسكو عدن دمشق ولحواتمه بودابست موسكو عدن دمشق.

عبد الحسين شعبان: الحزب الشيوعي العراقي وأحزاب شقيقة أخرى تدخلت لفض الاشتباكات والاحترابات التي كانت قائمة بين الأطراف، مع الأسف أقول أن البعض شجع بعض الأطراف ضد الأطراف الأخرى وفي ذلك كان إزكاء لنار الكراهية وصب الزيت على النار مما أدى إلى انفجار الصراع الدموي في اليمن في يناير عام 1986 وترك هذا آثاره على اليمن وعلى عموم الحركة الشيوعية العربية بالمعنى إياه أن الاتحاد السوفيتي وهذه.. ربما لصالحه أنه حاول أن يتدخل لوقف الصراعات وهذه عادة تتبع ما بين الأحزاب وما بين المنظمات وما بين الدول وحتى ما بين جمعيات ومنظمات وأفراد.

[تعليق صوتي]

عاد الرئيس اليمني المخلوع عبد الفتاح إسماعيل من موسكو إلى عدن عام 1985 وكانت الخلافات قد بلغت مداها فانفجرت الأوضاع والمواجهات في شهر يناير من عام 1986 بين جناحي إسماعيل وعلي ناصر محمد المتصارعين وسقط أكثر من اثني عشر ألف قتيل وقتل عبد الفتاح في تلك المواجهات التي أعقبها مسلسل انهيار التجربة الاشتراكية في اليمن الجنوبي وقيام الوحدة بين شطري اليمن عام 1990.

فيتسلاف موتوزوف: أنا كنت أطابق نوعية العلاقات بين علي سالم البيض وعبد الفتاح إسماعيل في بداية وجود اليمن الديمقراطي الصراع والتنافس بينهما كانت من الأساس من البداية علاقات شخصية عبد الفتاح شيء، علي سالم البيض شيء ثاني، علي ناصر محمد كان في عدن شيء ثالث وكل هذا التنوع وطموحات شخصية وسياسية.

عبد الحسين شعبان: لا شك أن القيادة السوفيتية والأجهزة السوفيتية تتدخل بهذا القدر أو ذاك في اختيار هذه القيادات وفي دعمها وفي تسهيل مهمة توليها المسؤوليات.

الشيوعية المغاربية.. خلافات وانتماءات

[تعليق صوتي]

في أكتوبر من عام 1962 خرج علي يعتا زعيم الشيوعي المغربي من سجنه ليصبح من بين الشخصيات السياسية التي يستشيرها الملك في شأن تأليف حكومة وطنية سنجد أنه من المفارقات أن هذا العام 1962 سيشهد لقاء غير مسبوق بين الملك الحسن الثاني وفيديل كاسترو زعيم الثورة الاشتراكية في كوبا الذي يرتبط يعتا معه بعلاقات وثيقة وعاش المغرب في منتصف الستينيات حالة الاستثناء وحل البرلمان وتجميد المؤسسات والتي انحصرت فيها أدوار الأحزاب السياسية بشكل كبير. وعاد الحزب الشيوعي المغربي للظهور على الساحة السياسية المغربية عندما بادر عام 1968 تحت اسم جديد هو حزب التحرر والاشتراكية، قال يعتا أن الحزب الشيوعي الاسم القديم تعرض للحظر ولم يتأتى له ممارسة نشاطه بصفة علنية وفي إطار المشروعية وعليه كان واجبنا نحن الوطنيين التقدميين المغاربة أن نعمل في نطاق المشروعية وذلك ما دفعنا إلى تأسيس حزب التحرر والاشتراكية ويواصل الحزب تقاليد الحركة الوطنية وتقاليد الحزب الشيوعي المغربي وكذلك تقاليد جماعات تقدمية أخرى.

عبد الله العياشي: من ضمن الوفود التي استقبلها محمد الخامس قبل أن يدخلها إلى المغرب وهو في فرنسا وفد الحزب الشيوعي المغربي برئاسة علي يعتا وكان يضم بعض الوطنيين حال الدكتور الهادي بلسواك، حسن عبابوا إلى آخره، ثم بمجرد ما دخل إلى المغرب أسبوع من بعد رجوعه إلى المغرب استقبل عن المكتب السياسي للحزب الشيوعي المغربي من ضمن الوفود المغربية التي كان يستقبلها في ذلك الظرف محمد الخامس.

[تعليق صوتي]

في السادس من نوفمبر من عام 1975 نظم المغرب المسيرة الخضراء التي استعاد بها الصحراء الغربية من الاستعمار الأسباني وكان يعتا من بين الشخصيات الوطنية التي كلفها الملك الحسن الثاني بإبلاغ رسائله إلى عدد من القادة في الدول الاشتراكية وبذلك أصبح يلعب دورا في العلاقات بين الحكومة المغربية والسوفيت وعدد من عواصم المعسكر الاشتراكي التي استمرت في تأييدها لأطروحة جبهة البوليساريو الداعية إلى استقلال الصحراء وكانت وراء حصول الجبهة على عضوية منظمة الوحدة الإفريقية على الرغم من ولائها للمعسكر السوفيتي ونشأتها في إطار موحد كفروع للحزب الشيوعي الفرنسي فقد كانت علاقات الأحزاب الشيوعية المغاربية تتسم أحيانا بعدم التجانس والمواجهات وخصوصا بين الأحزاب الجزائرية والمغربية وما يشير إلى التأثير العميق لحالة العلاقات بين البلدين منذ استقلالهما والتي اتسمت بالخلافات والنزاعات ووصلت إلى مواجهات عسكرية سنة 1963 في مناطق حدودية شرق المغرب وسنة 1976 في الجنوب على خلفية نزاع الصحراء المغربية.

"
الحزب الشيوعي المغربي تبنى موقف مغربية الصحراء، أما الأحزاب الشيوعية الأخرى في شمال أفريقيا، فقد تبنت موقف استقلال الصحراء
"
إبراهام السرفاتي

إبراهام السرفاتي: المسألة معقدة فالأحزاب الوطنية في المغرب بما فيها الحزب الشيوعي المغربي تبنوا موقف مغربية الصحراء، الأحزاب الشيوعية الأخرى في شمال إفريقيا عدا المغربي تبنوا موقف استقلال الصحراء، نحن من جهتنا كان لدينا موقف التضامن مع نضال الشعب الصحراوي إلى جانب الشعب المغربي من أجل إنشاء تجمع مصالح يضم المغرب والصحراء والاعتراف بتميز خصوصيات الصحراء الغربية.

[تعليق صوتي]

وفي أرشيف برلين نجد تقريرا حول الانتقاد العلني الأول من جانب علي يعتا زعيم حزب التقدم والاشتراكية في المغرب موجها إلى الحزب الشيوعي الفرنسي، الانتقاد كان لاذعا لزعيم الحزب الشيوعي الفرنسي آنذاك جورج مارشيه الذي اتهمه يعتا بالنظر إلى المغرب من خلال نظارة جزائرية.

آلان جريش: في هذا الوقت العلاقات مع الحزب الشيوعي الجزائري لم تكن جيدة عشان الحزب الشيوعي الجزائري كان بيفكر أن الحزب الشيوعي الفرنسي له علاقة مع الدولة الجزائرية ولم يكن له علاقة مع الحزب الشيوعي الجزائري كان في مشاكل زي ما قلت كانت المشاكل مع الحزب الشيوعي المغربي كبيرة خصوصا حول قضية الصحراء.

[تعليق صوتي]

في مقابلة أجريت مع محمد حرمل أمين عام الحزب الشيوعي التونسي حزب التجديد حاليا والذي يعد أحد عمداء الشيوعيين في منطقة المغرب العربي يعترف الزعيم الشيوعي التونسي بعجز الأحزاب الشيوعية المغاربية عن إقامة علاقات تعاون وتنسيق أفقي فيما بينها بخلاف ما حدث بين الأحزاب الشيوعية المشرقية لكن الأحزاب الشيوعية المغاربية التي أصيبت بداء الفرقة الذي طبع علاقات أنظمة المنطقة يبدو أنها أفلتت من داء الاختراقات والتورط في الانقلابات العسكرية الذي أصيبت به الأحزاب الشيوعية المشرقية، في مقابلة معه في مجلة النهج يوضح خالد بكداش زعيم الحزب الشيوعي السوري أن التنسيق بين الأحزاب الشيوعية المشرقية والمغاربية كان منعدما وهناك من يرى في هذه الوضعية عاملا نأى بالأحزاب الشيوعية المغاربية عن الاختراقات التي كانت تتعرض لها الأحزاب المشرقية من طرف الأحزاب القومية الناصرية والبعثية.

عبد الله العياشي: عن القومية العربية أول الحركات التي اغتيلت كانت القومية العربية الناصرية البعث، هؤلاء كلهم كانوا أجانب عند المغرب وحاولوا بش يخرقوا المغرب ويكونوا كيانات خاضعة لهم لكن لم يفلحوا في ذلك وكان الحزب الشيوعي المغربي عمليا لا علاقة له مع الحزب الشيوعي السوري وكان في هذه الساعة الحزب الشيوعي السوري اللبناني وكان أمينهم العام هو خالد بكداش واحد، أما بالنسبة للمغاربة وأظن هما بأنفسهم لم يصلوا إلى هذا الحل بش يوصلوا لاستيعاب للحركة الوطنية المغربية.

[تعليق صوتي]

هكذا كانت الأحزاب الشيوعية العربية تدير لعبتها الداخلية وسط حساباتها المعقدة بين الانتماء الداخلي والولاء الخارجي محاولة معالجة تلك الازدواجية في الرؤى، فهل توجد عوامل أخرى أثرت في استقلالية قراراتها؟ هل كانت مصادر تمويل الأحزاب الشيوعية العربية مأزقا جديدا لها أم سند لحريتها في الحركة والنمو السياسي؟ لا يزال أرشيفهم يمدنا بالوثائق التي تحرك المياه الراكدة في تاريخنا.