سيناريوهات

شهر ونصف على إجراءات سعيّد الاستثنائية.. إلى أين تتجه تونس؟

قال رئيس مركز الدراسات الإستراتيجية حول المغرب العربي عدنان منصر إن بيان مجموعة الدول السبع بشأن تونس يشير إلى انزعاج هذه الدول من دخول تونس في حالة من عدم الاستقرار قد تُؤثر على مصالحها المختلفة.

وأوضح منصر -في حديث لحلقة (2021/9/9) من برنامج "سيناريوهات"- أن بيان الدول السبع يُعبّر عن تحذير ومطالب ترفعها أطراف محلية عديدة قبل أن تصبح طلبات دولية، مع تأكيد هذه الأطراف الداخلية والخارجية على ضرورة توضيح الطريق الذي ستأخذه البلاد في المرحلة المقبلة.

وأكد أن البيان يعني أن هناك تنسيقا كاملا بين هذه الدول، كما أنه ينفي الشكوك حول اختلاف نظرات الدول الأوروبية للوضع في تونس.

وفي بيان أصدرته مجموعة الدول السبع الكبرى -أثار جدلا واسعا داخل تونس- دعا سفراء هذه المجموعة في العاصمة التونسية الرئيس قيس سعيّد إلى التسريع بالعودة إلى نظام دستوري يضطلع فيه برلمان منتخب بدور بارز، وتعيين حكومة قادرة على معالجة الأزمات الراهنة التي تواجه تونس على الصعيدين الاقتصادي والصحي.

وجاء البيان -الذي نشرته السفارة البريطانية- بعد نحو شهر ونصف من إعلان "الإجراءات الاستثنائية" وتمديدها حتى إشعار آخر، من دون الإفصاح عن خريطة طريق واضحة للفترة المقبلة، وهو ما أضفى مزيدا من الضبابية على المشهد السياسي في البلاد، وفتح الباب أمام تساؤلات كثيرة وشكوك متزايدة وتكهنات حول نيات الرئيس.

من جانبه، قال مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجموعة الأزمات الدولية جوست هيلترمان إن الدول الكبرى لا تمارس ضغوطا فقط على تونس، وإنما توفر ما وصفها بحوافز للرئيس التونسي لفعل الصواب، خصوصا من الناحية الاقتصادية في ظل ارتفاع معدلات التضخم في البلاد، فضلا عن احتمالية العجز عن سداد استحقاقات صندوق النقد الدولي.

واعتبر هيلترمان أن السلاح الذي بيد المجتمع الدولي حاليا هو إرجاء تقديم أي قروض لتونس ما لم تكن هناك عودة إلى نظام حكم يستند إلى القانون والدستور.

واستدرك هيلترمان بالقول إنه -في الوقت نفسه- ليس من الحكمة أن تستخدم الدول الكبرى التهديد فقط بحجب الدعم الاقتصادي عن تونس، وإنما ينبغي عليها أن تُقدّم حوافز إيجابية أملا في الوصول إلى حوار يشارك فيه جميع الأطياف، ويُخرج تونس من أزمتها الحالية.

في المقابل، رأى رئيس قسم القانون العام في كلية الحقوق والعلوم السياسية في جامعة تونس، الصغير الزكراوي، أن بيان الدول السبع أمر طبيعي باعتبار هذه الدول شركاء لتونس، مؤكدا أنه لم يجد في البيان تحذيرا لتونس.

وأشار الزكراوي إلى أن التونسيين طالبوا بأكثر مما جاء في بيان الدول السبع، ومن ذلك الإسراع بتشكيل الحكومة، وتحديد الموقف من الدستور إما بتعديله أو وقف العمل به.

وتساءل الزكراوي عن الكيفية التي سيجيب بها الرئيس التونسي على هذا البيان، متوقعا أن يُعلن سعيد تعليق العمل بالدستور، وتشكيل لجنة تقوم بكتابة دستور جديد يُعرض لاحقا للاستفتاء.

ولا تزال الأزمة السياسية في تونس تراوح مكانها في انتظار برنامج الرئيس سعيد، الذي نقلت وكالة رويترز عن أحد مستشاريه أنه سيعلن عن برنامجه قريبا لتوضيح رؤيته بخصوص شكل النظام السياسي.

وفي أثناء ذلك، وجهت أطراف داخلية وخارجية دعوات متزامنة للرئيس، تطالبه بمكاشفة التونسيين بمستقبل بلادهم السياسي لرفع حالة الغموض والخروج من حالة الفراغ الحكومي.

التدخل الخارجي

وقد أثار بيان مجموعة السبع جدلا واسعا؛ بين من اعتبره تدخلا سافرا في شؤون دولة مستقلة ذات سيادة، ومن وجد فيه بطاقة صفراء رفعتها دول وازنة وداعمة لتونس لحثها على الخروج من مأزق سياسي ودستوري قد يطول أكثر من اللازم.

وعن التدخل الخارجي في الشأن التونسي، قال رئيس مركز الدراسات الإستراتيجية حول المغرب العربي عدنان منصر إنه كلما تأخر الرئيس في توضيح الطريق الذي سيسلكه، زاد الغموض بشأن الوضع في تونس، ومن ثم منح ذلك الفرصة للخارج للتدخل في الشأن التونسي.

ولفت منصر إلى وجود اعتراض أميركي وأوروبي على أسماء تسربت، ينوي قيس سعيد تكليف أحدها برئاسة الحكومة.

وفي هذا السياق، قال هيلترمان إن الباعث الأكبر لقلق المجتمع الدولي خصوصا الدول الغربية هو التأخر في العودة إلى حكم القانون وتقديم خريطة طريق، معتبرا أن هذه العودة يجب أن تكون الأساس لأي خطوة يقدم عليها الرئيس التونسي.

وحذّر هيلترمان من أن صبر الدول الغربية ربما ينفد إذا تأخرت خطوات حل الأزمة في تونس، ومن ثم تقدم على خطوات أكثر جدية وخطورة تجاه تونس، مشددا على أن اتجاه تونس نحو حكم استبدادي لن يكون محل ترحيب في العواصم الغربية.

لكن الزكراوي رأى أن هناك جهات تونسية تحاول أن تضفي غطاء خارجيا على تحركاتها، متهما حركة النهضة بما أسماه "محاولة تجييش بعض الدول والأطراف الخارجية للتدخل في الشأن الداخلي التونسي"، معتبرا أنها بمثابة "محاولات يائسة".

وأشار الزكراوي -في الوقت نفسه- إلى أن تأخر الرئيس سعيد دفع بعض الأطراف الخارجية للحث على تشكيل حكومة تعالج المشاكل الاقتصادية الحادة التي تعاني منها البلاد.