سيناريوهات

تقليص الانتشار العسكري في الساحل.. ما السر وراء الخطوة الفرنسية؟

وسط تفاقم الأزمات السياسية والأمنية في منطقة الساحل الأفريقي، قررت فرنسا تقليص انتشارها العسكري في شمال مالي بعد 8 سنوات على تدخلها هناك، دون تحقيق نجاحات كبيرة. فما أسباب هذه الخطوة؟

قالت مديرة معهد دراسات العلاقات الدولية والإستراتيجية في باريس ليسلي فارين في تصريحاتها لبرنامج "سيناريوهات" (2021/7/15) إنه لن يكون هناك انسحاب فرنسي كامل من الساحل، بل هو انسحاب جزئي فقط فالأمر بتعلق بإعادة تنظيم، معتبرة أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قام بذلك لأسباب تتعلق بالسياسة الداخلية للبلاد، خاصة أنه كان لابد من تغيير الإستراتيجية في الساحل.

ولم تتوقع أن تنسحب فرنسا وتغادر الساحل، مشيرة إلى أن القوات الفرنسية ليس من مصلحتها أن تتلقى خسائر عسكرية، لأن ذلك سيؤثر على إعادة انتخاب ماكرون.

من جهته، اعتبر أستاذ علم الاجتماع السياسي والخبير في شؤون منطقة الساحل والصحراء محمد سيد أحمد فال أن الخطوة الفرنسية نتيجة لضغط سياسي قبل الانتخابات الرئاسية، خاصة أن هناك استنزافا ماليا وبشريا في مالي، مشيرا إلى أن باريس عانت من الازدواجية في التعامل مع الملفين التشادي والمالي.

وأشار إلى أن فرنسا كانت رائدة في انتشال مالي بعد انهيارها سنة 2012، ولكنها لم تواكب ذلك، فإعلان فشلها ومراجعتها لخطوتها محسوب لها بالزمان والمكان وكان مخططا لها.

نتائج إيجابية ولكن

في المقابل، رأى أستاذ العلوم السياسية ومدير المدرسة العليا للعلوم السياسية مصطفى صايج أن عملية "بارخان" قد حققت نتائج إيجابية بالنسبة لفرنسا كما ذكرت في تقاريرها، ولكن في المقابل روسيا تمكنت من تحقيق إنجازين، أولهما عقد اتفاقيات ومعاهدات دفاعية ودعم لوجستي لبوركينا فاسو والنيجر ومالي، وذلك تهديد للنفوذ الفرنسي.

والإنجاز الثاني هو أن روسيا استطاعت أن تؤثر عن طريق أدوات السيبرانية، لجعل السخط الشعبي في مالي يطالب برحيل فرنسا ويحمل العلم الروسي، فالقوة الناعمة لموسكو أصبحت أكثر تأثيرا وتهديدا لباريس.

يذكر أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون كان قد أعلن عزمه إحداث تحوّل عميق للوجود الفرنسي العسكري في منطقة الساحل الأفريقي وإنهاء عملية "برخان" في شمال مالي، دون أن يوضح الشكل الجديد للوجود الفرنسي المستقبلي في هذه المنطقة.

وكان قد أعلن الرئيس ماكرون أيضا أن عملية "بارخان" سيتم استبدالها بعملية دعم وتعاون للجيوش من دول المنطقة التي ترغب في ذلك لمنع أي اختلال أمني لصالح الجماعات المسلحة، وهو ما يعني عمليا وضع قوات هذه الدول في الخطوط الأمامية لمواجهة الجماعات التي تنشط في هذه المنطقة المترامية الأطراف.