سيناريوهات

غذّاه ترامب وتوعده بايدن.. ماذا ستفعل الإدارة الأميركية الجديدة مع اليمين المتطرف؟

قال أستاذ العدالة الجنائية مدير مركز دراسة التطرف والكراهية بجامعة كاليفورنيا بريان ليفين إن إدارة الرئيس المنصرف دونالد ترامب تركت إرثا صعبا لإدارة الرئيس جو بايدن، في مواجهة جماعات اليمين المتطرف.

وأوضح ليفين -في حديثه لحلقة (2021/1/21) من برنامج "سيناريوهات"- أن هذه الجماعات اليمينية المتطرفة شكلت تهديدا وشنت هجمات على المسلمين في دول عديدة حول العالم، بينما لم تقم الإدارة السابقة والوكالات المختصة بمكافحة العنصرية وما يسمى بـ"استعلاء البيض" بعملها في مواجهة هذه التهديدات، وغيّرت أجندتها لأهداف سياسية، واعتبرت أن اليسار هو مصدر التهديد الأكبر.

وأضاف أن إدارة الرئيس الجديد جو بايدن ستغير المسار وستعتبر التهديد الذي تشكله هذه الجماعات أولوية لها، مؤكدا أن على بايدن أن يشكل فريق عمل متعدد الاختصاصات، يضم وكالات أمنية واستخبارية مختلفة مختصة بمكافحة الإرهاب والجماعات التي تؤمن باستعلاء البيض.

ودعا ليفين إلى تغيير خطاب استهداف المسلمين في الولايات المتحدة، حتى يشعروا بالأمان الذي افتقدوه في عهد ترامب.

ومع تنصيب الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن، تبدأ الولايات المتحدة صفحة جديدة من تاريخها الحديث وتطوي أخرى اتسمت بحضور صاخب للرئيس المنصرف دونالد ترامب، وبروز لافت للانتباه لحركات اليمين المتطرف بمختلف تياراتها وتبايناتها.

وسيكون على الرئيس الجديد أن يواجه أول اختبار داخلي له مع هذه الجماعات التي توعد بإلحاق الهزيمة بها، لكن مواجهتها لن تكون على الأرجح أمرا سهلا.

وبعد أسبوعين من حادثة اقتحام الكونغرس، وقف الرئيس بايدن في المكان نفسه داعيا للوحدة ومحذرا من خطر الإرهاب الداخلي، في إشارة ذات دلالة مهمة على ما تمثله الأيديولوجيا اليمينية المتطرفة من خطر على السلم الأهلي والأمن القومي الأميركي.

من جانبه، قال أستاذ تسوية الصراعات الدولية عضو لجنة خبراء الأمم المتحدة سابقا محمد الشرقاوي إن الولايات المتحدة تواجه صراعا اجتماعيا سياسيا، مشيرا إلى خيارين لمواجهة خطاب الكراهية والجماعات المتطرفة، أولهما الخيار القانوني الأمني برصد هذه الجماعات ومراقبة مواقع التواصل والاتصالات، وزيادة أعداد قوات الأمن لوقف أي أعمال عنف محتملة.

وأضاف الشرقاوي أن الخيار الثاني يتمثل في أن تسعى إدارة بايدن إلى إجراء مصالحة مجتمعية للحد من اعتقاد هذه الحركات أن لديها تفوقا عرقيا.

وأشار إلى وجود تصاعد لهذه الجماعات اليمينية على مدى 30 عاما، إلى أن جاء ترامب وغذّاها بإعلانه في يوم ترشحه عام 2015 أنه قادم ليواجه ما أسماه "الإرهاب الإسلامي" والمهاجرين اللاتينيين.

خطر عالمي

وتكثر حركات اليمين المتطرف، وهي ذات تباينات متعددة، لكنها تتفق في معظمها على تفوق العرق الأبيض على باقي الأعراق، وتدعو لبناء مجتمع جديد.

ووفقا لمركز الأبحاث الأميركي، فإنه يوجد حاليا أكثر من 900 مجموعة كراهية ناشطة في الولايات المتحدة وحدها. ويقول محللون إن هذه المجموعات تحظى بتأييد عشرات الآلاف، وربما بدعم مئات الآلاف من الأنصار غير المعلنين. ومن أبرز هذه الحركات التي ظهرت في السنوات الأربع الأخيرة:

  • حركة "الفتيان الفخورون" (Proud Boys)، وتعتبر من أكثر الحركات اليمينية المتطرفة شهرة، وتصنف على أنها عنيفة وخطيرة جدا.
  • مجموعة "بوغالو" (Boogaloo)، وتضمّ نازيين جددا وفوضويين من اليمين المتطرف، يعبرون غالبا عن رغبتهم في الإطاحة بالحكومة، وينتشرون في عموم الولايات المتحدة. وتصنف هذه المجموعة على أنها خطيرة جدا.
  • حركة "الثلاثة في المئة" (The Three Percenters)، وهي مليشيا مسلحة تستمد اسمها من زعمها بأن 3% فقط من الأميركيين قاتلوا ضد البريطانيين في حرب الاستقلال، وينتشر أعضاؤها في عموم الولايات المتحدة، وتصنف على أنها جماعة خطيرة.
  • حركة "حراس القسم" (The Oath Keepers)، وهي مليشيا مسلحة يقدر أعداد أعضائها بما بين ألف و3 آلاف عضو ينتشرون في عموم الولايات المتحدة، وتصنف على أنها جماعة متوسطة الخطر، ويقول محللون أمنيون إن الجماعة حققت بعض النجاح في تجنيد قدامى المحاربين.
  • حركة "اليمين البديل" (Alt-Right)، وتضم عناصر من القومية البيضاء والنازيين الجدد وأنصار نظرية المؤامرة، وقد تأسست منذ 10 سنوات وارتفعت شعبيتها منذ وصول ترامب للرئاسة، وأشهر رموزها ستيف بانون كبير المستشارين السابق بالبيت الأبيض، ورتشارد سبنسر أحد قادة اليمين الجمهوري المتطرف الذي وجه تحية نازية لترامب أمام حشد من النازيين الجدد.

وتستلهم حركة اليمين البديل أفكارها من حركة "كوكلوكس كلان" التي تعد من أقدم جماعات الكراهية في الولايات المتحدة، إذ يعود تاريخ إنشائها إلى عام 1866، وقد عادت إلى الظهور في السنوات الأخيرة.

وكانت هذه الحركة تجمع في الأساس الحركات المناهضة للسود الأميركيين، لكنها وسعت قاعدة كراهيتها لتشمل مناهضة اليهود والمهاجرين والشواذ والكاثوليك.

ولا يتوقف خطر الإرهاب المحلي فقط عند حدود أميركا، بل يتعداه إلى الضفة المقابلة على الأطلسي. وقد أظهرت تقارير أمنية أن التهديد الأكبر في أوروبا يأتي من الجماعات التي تعتبر نفسها ممثلة وناطقة باسم العرق الأبيض.

وحذّر أستاذ العلوم السياسية المختص في دراسات اليمين المتطرف الألماني هايو فونكه، من تزايد المخاطر التي تشكلها جماعات اليمين المتطرف، مرجعا ذلك إلى تمثيل هذه الجماعات داخل البرلمان الألماني، وهو ما حفّز هذا التوجه العنصري.

وأكد فونكه أن الوضع في ألمانيا مختلف عما هو عليه في الولايات المتحدة، فالرئيس الألماني وكذلك المستشار لا يستطيعان القيام بمثل ما قام به الرئيس الأميركي المنصرف دونالد ترامب، من تشجيع وإطلاق المجال أمام الجماعات اليمينية.