سيناريوهات

بعد ولادة عسيرة في تونس.. هل تحقق حكومة الفخفاخ ما عجزت عنه سابقاتها؟

ناقشت حلقة (2020/2/27) من برنامج “سيناريوهات” التحديات المتوقعة أمام حكومة إلياس الفخفاخ التونسية، وتساءلت عن مدى قدرتها على معالجة المشاكل الاقتصادية والاجتماعية الحارقة.
قال الباحث في الشؤون الإستراتيجية رياض الشعيبي إن "العداء" بين الأطراف السياسية المكونة لحكومة رئيس الحكومة التونسية المكلف إلياس الفخفاخ "مستجد"، مؤكدا أن ما شهدته جلسة التصديق بالبرلمان من "مزايدات واتهامات" بين الكتل المساندة للحكومة يهز الثقة التي من المفروض أن تكون متوفرة بينها.
 
وأضاف الشعيبي في تصريحاته لحلقة (2020/2/27) من برنامج "سيناريوهات" -التي ناقشت تحديات الحكومة التونسية الجديدة- أنه فضلا عن محاولة لكل نائب بالبرلمان في البروز أمام شاشات التلفزيون هنالك عدة ملفات سياسية عالقة بين الأطراف المشاركة في الحكم اليوم، واصفا حكومة الفخفاخ بـ"حكومة الضرورة".
 
وشدد الأكاديمي والمحلل السياسي منير السعيداني على أنه رغم الاختلافات الفكرية بين المكونات الفكرية والسياسية -مثل التيارين العروبي والإسلامي- فإن نجاح حكومة إلياس الفخفاخ -التي أدت اليمين الدستورية الخميس- رهين بقدرتها خلال عامها الأول على "الإنجاز" في ملفات حارقة، مثل تحسين القدرة الشرائية ومقاومة الفساد.  
  
من جانبه، وصف الباحث في الفلسفة السياسية رضا الآغا الحكومة التونسية الوليدة بـ"حكومة الوضوح"، مشيرا إلى أنها تضم "لفيفا" من الأحزاب السياسية المتباينة في مستوى مرجعيتها الأيديولوجية، وأن النخبة السياسية في تونس لم تفهم بعد أن ما يسمى "التقاء الأضداد" ضرورة تعزز إمكانية النجاح، مؤكدا أن فشل التحالفات في الحكومات التونسية ما بعد الثورة يعود إلى "التوافق المغشوش" الذي يخفي تباينا واسعا بين الأطراف المشاركة.
 
وأضاف الآغا أن حكومة الفخفاخ حققت نقلة نوعية في المشهد السياسي التونسي تتمثل في انتقال تيار عروبي عريق ومناضل لأول مرة من المعارضة إلى الحكم مع الإسلاميين رغم كل "الأحقاد التاريخية".
 
تحديات الحكومة
ووصف الشعيبي الواقع المتاح أمام الحكومة بالرمادي، وعزا ذلك للأولويات الصعبة مثل استكمال بناء الهيئات الدستورية المستقلة الخاصة بالإعلام والانتخابات ومقاومة الفساد، إضافة إلى المحكمة الدستورية وخطورة التأخر في تركيزها، مضيفا أن الحكومة لن تنجح في مكافحة الفاسدين وما يترتب على ذلك من مواجهات مع اللوبيات الاقتصادية إلا بتهيئة المناخ من خلال توفير "السلم الاجتماعي".
 
من جهة أخرى، أكد السعيداني أن الإشكال الأكبر أمام حكومة الفخفاخ يتمثل في الملف الاجتماعي الذي يعتبر سببا رئيسيا لفشل الحكومات السابقة، وضرورة الحسم بين التوجه الليبرالي كما كان معتمدا في تونس، أو اعتماد توجه اجتماعي حقيقي من خلال إصلاح الاقتصاد وتعزيز المؤسسات الحكومية وتحسين إنتاجيتها دون التضحية بمراكز الشغل والوظائف.
 
مكافحة الفساد
وحذر الآغا من خطورة السقوط في "فخ" المحسوبية الحزبية والفكرية خلال تعيينات المسؤولين والمدراء على رأس المؤسسات العمومية، مشددا على ضرورة اعتماد الكفاءة بالأساس، كما أكد على الأهمية القصوى لمكافحة التهريب والاقتصاد الموازي، وعلى الحكومة مصارحة الشعب والكشف دون تردد عن الفاسدين "والحيتان الكبيرة".
 
وإجابة عن السؤال بشأن قدرة رئيس الحكومة الجديدة إلياس الفخفاخ على مجابهة قضايا الفساد الكبرى، قال الشعيبي إن معركة الفساد معركة واقع، بعيدا عن التنظير، وإنها معركة مصيرية بالنسبة للانتقال الديمقراطي، مؤكدا أن فشل الحكومة في ضرب لوبيات الفاسدين وفي تحقيق إنجاز اقتصادي واجتماعي ملموس يهدد التجربة التونسية ويفتح الأبواب على سيناريوهات، أقلها خطورة سقوط النخبة السياسية الحالية وصعود التيارات الشعبوية.