للقصة بقية 

إسرائيل في أفريقيا.. وجود عابر أم علاقة متينة؟

سلطت حلقة (2022/1/31) من برنامج “للقصة بقية” الضوء على الوجود الإسرائيلي في أفريقيا، وبحثت في طريقة تسللها للقارة السمراء، والمراحل التي مرت بها، وصولا إلى إقامة علاقات متينة.

وقد شهدت العلاقات الإسرائيلية الأفريقية تزايدا ملحوظا مع توسع الممثليات التجارية في 9 دول أفريقية، وقد كانت تشاد أولى الدول الأفريقية التي فتحت بابها لإسرائيل، حيث بدأت العلاقات منذ خمسينيات القرن الماضي، وقد أسهمت تل أبيب في تدريب قوات الأمن التشادية لاحقا.

وضمنت العلاقات المبكرة لتشاد مع إسرائيل تفوقها العسكري في دول وسط أفريقيا، لأن إسرائيل زودتها بأسلحة متطورة خصوصا المتعلقة بالأمن الداخلي وحماية النظام.

وأثرت العلاقات الأفريقية الإسرائيلية في مواقف العديد من الدول الأفريقية في الهيئات الدولية والأممية تجاه القضايا المتعلقة بالشعب الفلسطيني، ووصلت حد الامتناع عن التصويت في القضايا التي تهم الشعب الفلسطيني بالأمم المتحدة، وقد وصل النشاط الإسرائيلي ذروته في القارة السمراء عام 1967 حيث كان يقيم علاقات مع 32 دولة.

وبعدها شهد الوجود الإسرائيلي تدهورا في أفريقيا وصولا إلى حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973 حيث تقلصت العلاقات إلى 12 دولة، ومع نهاية الثمانينيات وصلت علاقات إسرائيل الدبلوماسية إلى 10 دول فقط، حتى مؤتمر مدريد للسلام عام 1991 تمكنت إسرائيل من رفع التمثيل الدبلوماسي إلى 46 دولة.

رغبة في السيطرة

وبحسب الباحث المختص في الشؤون الأفريقية رمزي بارود فإن إسرائيل حريصة على الوجود والسيطرة على مضيق باب المندب ومداخل المحيط الهندي، كما عبر عن دهشته من حجم الوجود الإسرائيلي في كينيا حيث تنشط هناك في جميع القطاعات ومن أهمها القطاع التجاري.

ومع دخول العلاقات الإسرائيلية الأفريقية حيزا جديدا ركزت تل أبيب على كينيا، حيث تعمل أكثر من 60 شركة إسرائيلية حاليا فيها بحسب رد وزارة الخارجية الكينية على برنامج "للقصة بقية" من بينها شركات في مجالات الأمن والتعاون الدفاعي.

وأكد رئيس المكتب التجاري الإسرائيلي الأفريقي نيسو بيزلل أن الوجود التجاري الإسرائيلي في القارة السمراء بدأ بقطاع البنوك من كينيا ومن خلالها تم التوسع لباقي الدول، والعمل في العديد من القطاعات اليوم، لافتا إلى أن لدى إسرائيل علاقات في المجالات السياسية والاجتماعية مع 35 دولة أفريقية.

وفي جنوب السودان للوجود الإسرائيلي هناك وجه آخر حيث كان الاستثمار الإسرائيلي في الحركات المسلحة قبل انفصاله، وبعد الانفصال تركزت العلاقات مع المجلس العسكري والأسلحة، على الرغم من أن تل أبيب تقول إن علاقاتها تنحصر في التطوير الزراعي وآلاته.

من جهته، قال كبير الباحثين بمركز حوارات آسيا وأفريقيا ثامبيسا فاكودي إن إسرائيل حققت اختراقا كبيرا في القارة السمراء، لأن تحركاتها شملت العديد من القطاعات، ودخلت أفريقيا من باب الأعمال، وحاولت التركيز على القارة الأفريقية.

وأضاف أن إسرائيل توطد علاقاتها من بوابة الاقتصاد مع أفريقيا من أجل تجميل وجهها أمام العالم، كما أن الدول الأفريقية التي أقامت علاقات مع إسرائيل كان هدفها التنمية الاقتصادية، لكن إسرائيل لم تقدم لتلك الدول شيئا وإنما استغلتها واستفادت من خيراتها.

بدورها، أكدت مديرة البرنامج الأفريقي أماني الطويل أن إسرائيل استخدمت إستراتيجية طويلة المدى من أجل الوصول إلى الدول العربية من خلال القارة الأفريقية خصوصا دول الخليج وقد بدأت هذه الإستراتيجية تحقق الأهداف الإسرائيلية مؤخرا، كما أن إسرائيل استفادت اقتصاديا من هذه العلاقات من خلال بيع أسلحتها والعديد من تقنياتها.

وأضافت أن الزعماء العرب في الدول الأفريقية كانوا وما زالوا حجر عثرة أمام التقدم الإسرائيلي في القارة، كما أن الدول الخليجية قدمت خدمات لم تستطع إسرائيل مجابهتها، مطالبة الدول العربية بتوحيد قرارها بشأن أفريقيا، لما فيه من مصالح تخدم الجميع وتحمي الأمن القومي العربي.